إياد الصالحي
لم يستهدف أحداً، وليست لديه أية اطماع تمهّد لمشروع انتخابي يتطلّع اليه غيره، هو يبحث عن خلاصٍ للرياضة عامة ولعبة الجمّباز التي أفنى نصف قرن من عمره البالغ (72) عاماً خائفاً وقلقاً على مصيرها من تلاعب اصحاب المصالح الضيّقة من دون أن يتردّد في وصف مهمّته بـ (الفدائي) عبر الكلمة والوثيقة لمحاربة الفساد في جميع الاتحادات الرياضية!
عدنان الجابري، الرائد الرياضي الكبير في عطائه ومسيرته وحصاده التدريبي والإداري، والكبير أيضاً بمواقفه المُزلزلة بغضب حروفه وهو يتصدّى عبر منصّة الفيسبوك وبرامج التلفزة والصحافة لإعلان الحرب ضد رموز الفساد الذين يُحضِّر ملفاتهم بلا ضجيج مع ثلّة آمنت بسلوكه النظيف ومنهجه المهني بكشف المستور بعيداً عن حسابات الكُره والحُب مثلما اتخذهما البعض كقاعدة انطلاق للهجوم والدفاع عن اشخاص ومؤسّسات بعينها تحوم حولها شُبهات فساد (قديم متجدِّد) لم تضعها الحكومة والجهات الرقابية تحت المُراقبة والتدقيق والمُحاسبة وترمي اصحابها في السجن غير مأسوفٍ عليهم إن ثبتت الاتهامات بحقّهم!
الجابري، أو "فدائي الإصلاح الرياضي" أوّل من أعلن عن بدء الحرب ضدّ الفساد كفرد رياضي لا يمتلك الدروع البشرية والصناعية التي تحميه من ردّات فعل المتضرّرين الذين يشعرون بتهديد حقيقي لمقاعدهم بعد تصاعد لغة الشيخ الثائر وهو يصرخ بوضوح وبلا مُخاتلة أن عُمره لم يعد يسمح له بالمغامرة في المُحاباة والكذب والتلميع والترويج لاشخاص هدروا الأموال وتحسّنت أحوالهم المُهلكة حتى لسنين من بعد انتخابات دوكان عام 2004 التي أفرزت عن لجنة أولمبية لم تستطع احتواء الأزمات ولا أنصاف الألعاب حسب حجومها وقدراتها ومنجزاتها ولا قطع أيدي الطارئين قبل أن يعبثوا بأنظمة الرياضة وخارطتها التي رسمها بعض المُخرّبين منهم بقصد إخلاء الأمكنة لرفاقهم القادمين مع جحافل المُحتلّ على حساب أهل الرياضة الأصلاء الذين فضّل بعضهم البقاء في المهجر أو الأنزواء في البيوت على المساهمة في تأسيس منظومة رياضية تعتاش على أموال الحكومة كلّها ولا تمنح إلا القليل من بقايا المُنح والمُخصّصات لأبطال هذه اللعبة أو تلك بهدف الدخول في معسكرات ترفيهية لتغيير المزاج ليس إلا!
ترى ما الذي دعا الجابري ليُشهر سيف المجابهة ضد اتحاد الجمباز الذي شكّل شخصيّاً نواة نشاطه عام 1971 أثناء عمله مدرّباً للمنتخب الوطني، واهتمامه بعديد الواعدين ممّن أصبحت لهم قيمة في المجتمع، حتى ولج هموم إدارة الاتحاد عبر ثلاثة مجالس تسنّم مسؤوليتها لمدة 12 عاماً كلا من د.جنيد بشير ود.يعرب خيون ود.أحمد توفيق، ولم يتخلّ عنها وعنهم حتى في أسوأ الظروف وهي تعاني قلّة المشاركات الخارجية وعدم صلاح الأجهزة المستخدمة لتدريب المنتخبات الوطنية!
يؤكد الشيخ الجابري، العراقي الغيور، عدم أهلية نصف عدد أعضاء اللجنة التنفيذية لاتحاد الجمباز للتواجد في الدورة الانتخابية الحالية لعدم ممارستهم اللعبة، وعدم صلتهم بها بالرغم من أن رئيس الاتحاد الأخ إياد نجف أحّد أبطالها سابقاً فكيف التزم بالصمت إزاء ما يجري للعبته ولم يخرج للإعلام ببيان صريح يواجه به الحقائق التي أدلى بها الجابري ويكشف عن حقيقة ما يجري في اتحاده إذا ما رأى أن إدعاءات الرجل لا صحّة لها؟!
نتضامن هنا مع موقف الجابري الداعي لإصلاح صادق، ولا نتبنّى خطابه وما يعتزم القيام بجمع الهيئات العامة لطرد المُفسدين من إدارات الاتحادات فلم نطّلع على ملفاتهم، مثلما لا ندافع عن وجودهم، فكلاهما يعرفان بعضهما، أين قوّة الحجّة ونُضج التجربة وعُمق التاريخ لتحليل الطروحات المثيرة والمتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج الرياضة الحوارية وسط خجل الهيئات العامة للاتحادات في الإدلاء بأصواتها احتراماً لخياراتها الديمقراطية على الأقل بانتخاب رؤسائها وزملائهم للدورة الراهنة أو أن تقول كلماتها الجديدة وتتحمّل مسؤولياتها لاستمرار شرعية قياداتها من عدمه!
تبقى أسرار الاتحادات رهينة توافقات ضمنتها الانتخابات وباتت مُغلقة كحال صندوقها، ولن يجد عدنان الجابري سوى نفسه فوق منصّة ضميره الذي يوغزه باستمرار لتنبيه الغافلين عن أداء رسالتهم وخاصة المؤثّرين من رياضيين وإعلاميين حبسوا أدوارهم في صالات الاستراحة ليستمتعوا ويلهوا في شبكة مارك زوكربيرغ، وتركوا مصير الرياضة بين أمرين، مأزومة من تقاتل المُنتفعين ومحرومة من تآصر المُنقذين!