أربيل/سالي جودتانتشرت ظاهرة التسول بصورة لافتة للنظر، ومع انها قديمة بقدم حياة الشعوب، وهي داء خطير متفش في كل شعوب العالم، وقل ما تجد شعبا من شعوب الأرض يخلو منها،لكنها تتباين من مجتمع لآخر بحسب الحالة الاقتصادية، وقد لا ترى في كل الأماكن وبنفس الدرجة لوجود سلطة القانون في المجتمعات التي ترفض مثل هذه الحالة.
هذه الظاهرة (التسول) ازدادت في إقليم كردستان اذ لا تجد مكانا يخلو من المتسولين، ففي الأسواق وفي الإشارات الضوئية المنتشرة في شوارع العاصمة أربيل تراهم بشكل ملحوظ، قد يكون البعض منهم من دعته الحاجة الى ان يسلك هذا السلوك، لكن عدداً غير قليل منهم اتخذها مهنة وتفنن فيها، بوسائل وأساليب متعددة كأن يجلب معه أطفالاً صغاراً تراهم دائما في حالة غفوة طويلة لا يفيقون منها مادام ذووهم او مربوهم يمارسون عملية التسول. أما البعض الآخر فانه ينشر النساء بشكل يومي في الإشارات الضوئية، وكأنهم يؤدون واجبا لا يتخلون عنه على مدى أيام الأسبوع، ومنهم المعاقون، وهنالك شباب يبررون تسولهم بأنهم عابرو سبيل، فقدوا نقودهم ،وهم من محافظات بعيدة كما يدعون، وبعضهم من يتظاهر بأنه مريض ويحتاج الى إجراء عملية جراحية.مشهد اخذ يتكرر يومياً ولنفس الأشخاص.ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة التقت (المدى) أحد المسؤولين من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وعدداً من المواطنين لبيان آرائهم بشأن هذه الظاهرة وكيفية الحد منها.تقول الموظفة المسؤولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شيلان حسن: التسول من الظواهر التي انتشرت في العراق في الآونة الأخيرة كغيرها من الظواهر السلبية الأخرى، ومن الأسباب التي ساعدت على تفاقمها، الفقر وكثرة عدد العاطلين عن العمل، إضافة الى جهل بعض الأسر بعملية التنشئة الاجتماعية السليمة، وتسرب الأطفال من مدارسهم، وعدم تسجيلهم فيها واستخدامهم لأغراض التسول، الذي يؤدي بدوره الى التشرد نتيجة التفكك الأسري، وكثرة حالات الطلاق او الهجر او الخلافات الزوجية المستمرة، كل هذه العوامل أدت الى استفحال هذه الظاهرة الخطرة، وهناك العديد من العوامل التي يغيب ذكرها عن الذهن.اما العلاجات التي تتبع لمعالجة هذه الظاهرة فهي كثيرة، ولها طرق متعددة، منها خاصة ومنها عامة، اما العامة فهي ما يجب ان يمارسه المجتمع للقضاء على هذه الظاهرة او الحد منها، من خلال حملات تهدف الى تسليط الضوء على سلبيات هذا العمل ومحاربته اجتماعياً كونه عملاً مشيناً وفيه شيء من الدونية والحط من الكرامة، وعدم مجاراة من يمارسه وتشجيعهم بإعطاء ما يطلبون من الأموال، لان البعض منهم مسخر من قبل جهات مستفيدة أشبه بالعصابات، واغلب هؤلاء المتسولين هم من العوائل النازحة من المحافظات، وعودة الى الطريقة الخاصة لمعالجة هذه الظاهرة فقد قامت الوزارة بحملة لجمع المشردين، وهي مستمرة لغاية هذا التاريخ، فبعد دراسة الأسباب التي أدت بهم الى هذا الحال، تم شمول اغلب عوائلهم براتب شبكة الحماية الاجتماعية، إضافة الى إيداع البعض منهم في دور الدولة، وإيجاد فرص عمل مناسبة لأولياء أمور البعض منهم.وأضافت: ان هذه الحملة جرت بالاشتراك والتعاون مع وزارة الداخلية متمثلة بالشرطة، وبعد هذه الحملة كان واضحاً للعيان قلة الأطفال المتسولين، مشيرة الى مسؤولية كل الوزارات للمساهمة في القضاء على هذه الظاهرة كل بحسب اختصاصها، فمهمة وزارة الثقافة تكون بقيامها بحملات إعلامية وتثقيفية.اما الصحة فبتكثيف جهودها لعلاج المدمنين منهم، والتربية بمتابعة المتسربين، وكذلك الهجرة والمهجرين من دون ان نغفل أهمية دور وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع الوزارات لإيجاد فرص عمل للعاطلين.المهم ان مسؤولية معالجة هذه الظاهرة مشتركة بين كل الوزارات ولا تقتصر على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فقط.يذكر بهذا الخصوص ان وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية آسوس نجيب كانت قد دعت في أكثر من مناسبة الى إيجاد آلية لمحاسبة أولياء الأمور الذين يجبرون الأطفال للعمل في الشوارع او دفعهم لممارسة التسول.أما ياسر خورشيد موظف فيقول: التسول ظاهرة قديمة والحديث عنها شاق وطويل، ففي مجتمعنا أخذت تتزايد نتيجة لما تركه النظام السابق وما عاناه الشعب الكردي من ظلم . و بعد سقوط النظام المباد زاد ت هذه الظاهرة بسبب الغلاء المفاجئ في كل شيء: المواد الغذائية، السكن، الخدمات الصحية، من دون أي رقابة من الجهات المختصة، لذا اخذ المواطن يلجأ الى التسول لكسب لقمة العيش الصعبة، كما ان هناك جماعات استغلت الأطفال والنساء وتكليفهم بهذه العملية للحصول على مبتغاهم.وهذه الفترة نجد زيادة في حالات التسول في كل مكان دون إيجاد أي حل من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية او غيرها.ويقول المواطن فرهاد ياسين محامي: في كل المجتمعات التي تنعدم فيها ظاهرة التكافل الاجتماعي، تبرز ظاهرة التسول، وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم فهي موجودة في اغلب بلدان العالم وعلى مر التاريخ. فلو التقيت بأحد المتسولين لاكتشفت ان الذي يدفعه لممارسة هذه الحالة ليس العوز وحده وانما شعوره بالنقص، حاله كحال البخيل الذي ليس له قناعة بالمتوفر لديه من المال، إضافة ا
التسوّل ظاهرة مرضية.. الأسباب والمعالجات
نشر في: 5 يوليو, 2010: 04:50 م