TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: عراق المحاصصة .. سنوات من الخراب

العمود الثامن: عراق المحاصصة .. سنوات من الخراب

نشر في: 28 يونيو, 2022: 11:34 م

 علي حسين

إذا كنا جميعا مستعدين لتصديق أكذوبة أنّ أشخاصاً خدموا في بلاط الطائفية منذ عام 2003، يستطيعون أن يؤسسوا لدولة مدنية ، يكون شعارها الوطن للجميع، فهذا يعني أننا نتلذذ بأن نعيش دور المخدوع، الذي أدمن على خطب وشعارات منتهية الصلاحية وفاسدة.

تسعة عشر عاماً لم نسمع خلالها سوى بيانات ومؤتمرات تندد بالطائفية وتشتم الطائفيين، وكلما أمعنوا في الكلام عن دولة العدالة الاجتماعية والمساواة التي سيعيشها الناس على أيديهم، كانت المصائب والمآسي تصب على رؤوس العراقيين، لنصحو جميعاً على دولة يعيث فيها فساداً أمراء الطوائف.

من ينسى صراخ أسامة النجيفي وهو يحذرنا من النزاعات الطائفية الضيقة؟، ولعل كلمات نوري المالكي لايزال صداها يتردد في الفضاء حين طالبنا، جميعاً، بأن لا نصغي إلى الحكومات التي تنفث في نار الطائفية.. اليوم تثبت الوقائع أن النجيفي كان يضحك علينا، وأن المالكي كان يشحذ الهمم للدفاع عن مصالح دولة القانون..

لقد ظل سياسيونا مصرين على اعتقال إرادة العراقيين داخل أسوار الطائفية والإحساس بالخطر من الآخر، وافتعلوا أزمات سياسية محبوكة، بالتوازي مع إشاعة أفلام الرعب من الخطر الخارجي الذي يحيق بأبناء الطائفة، مراهنين على أن المواطن سيلغي عقله، وينصرف تماماً إلى البحث عن غطاء طائفي يحميه من غدر الآخرين.

في انتخابات 2005 وبعدها انتخابات 2010 وإلى انتخابات 2021، اكتشف الناس، ولو متأخرين، أن سياسيي الطوائف لم يقدموا خلال هذه السنوات الماضية سوى أداء كاريكاتيري مضحك، وأن مرشحيهم كانوا يُخبّئون دول الجوار تحت ثيابهم، وظلوا حتى هذه اللحظة شركاء في تدمير الشخصية العراقية.

الفساد في العراق يوحّد الطائفيين، ينشر اليأس ويزيد أعداد المستضعفين.. حيث الطائفة هنا ليست أكثر من لافتة يتجمع عندها الانتهازيون والمنتفعون، الذين يتوهمون حرباً بين أبناء البلد الواحد، ليغطّوا عجزهم في الحرب الأساسية لبناء البلاد وإشاعة مفاهيم الدولة المدنية، والسير بالعراقيين، جميعاً، نحو المستقبل.

ولأن منطق الوطنية غائبٌ والعدالة مقتولة، صار كل شيء معكوساً، الطائفة أولاً ثم الوطن، فيما السياسي يُمعن في إساءة استخدام مواقع السلطة، لكي يبيع الوطن في بورصة المناصب.

في بلاد معركة المناصب ، لا أحد يريد أن يطمئن ابناء هذا الوطن على حياتهم ومستقبل أبنائهم.. فالبلاد تمضي في بحر متلاطم متصارع الأمواج ، لا شاطئ أمان ولا ضوء من بعيد تهتدي إليه، فيما حيتان الفساد والطائفية يتربصون بالجميع.

سيقول البعض إننا نعيش مع ساستنا عصر الكوميديا “المبتذلة” بامتياز، ، نستمع كل يوم الى خطب وشعارات فقدت صلاحيتها للتأثير أو حتى لاستدراج الضحك. سياسيون ويعتقدون أن خلاص العراق يكمن في العودة إلى الوراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram