عبدالله السكوتييحكى انه في مدينة جنوبية وفي الثلاثينيات ، كان المعلمون هم الطبقة المثقفة والتي تمتلك زمام المبادرة في اقامة التظاهرات ، وقرروا حينها التظاهر على الوضع القائم آنذاك ، واقنعوا الناس من البسطاء بالتظاهر معهم للمطالبة بحقوقهم ، المهم خرجت التظاهرة فرصد الامر احد رجال الامن ،
فاندس بين المتظاهرين وبدأ يقنعهم بالتراجع ويخوفهم عاقبة الامر ، فجمعهم وقال لهم : (ان الملك سيّد ومن الهواشم وانه علم بالتظاهرة وسيرسل لهم افعى تطير بالسماء ) ، وليس من المصادفات ان تحلق طائرة في السماء لتترك خلفها الوقود الابيض المحترق راسما خيطا ممتدا على طول المنطقة التي اقيمت فيها التظاهرة ، وقال لهم هذه الافعى قد اتت وارسلها الملك ، فنظر جمع البسطاء الى الاعلى وماكان من احدهم الا ان قال : (اي والله آنه شفت السينها ) ، عاد الناس البسطاء وهجروا التظاهرة لتبقى فقط مجموعة المعلمين القليلة التي مابرحت قوات الامن ان تلقي القبض عليها وينتهي الامر. اكثر شيء اضر بالعراق والعراقيين هذه الخزعبلات التي توارثها الشعب العراقي اباً عن جد ومامر قديما يمر حاليا وبقوة اكبر حتى يخال للمرء ان هناك من يوجه هذه الخزعبلات ويشرف عليها ليصرف الشعب عن دوره الحقيقي في بناء الحياة والمطالبة بحقوقه كاملة ، لم يكن الدين في يوم ما يدعو الى الهرولة خلف الاعمال الخارقة التي تتعارض مع نواميس الكون وحتى الرسول (ص ) حين طالبه المشركون بمعجزة قال : ان معجزتي القرآن ؛ وهذه الاساليب التي تمجد الاشخاص وتدعو الى اتباعهم بطرق رخيصة ومعروفة تصب في مصلحة الطبقة الحاكمة دوما لتستغل جهل الكثيرين ، وتأتي لتحييدهم عن المشاركة بدور فعال بقوة التغيير التي لابد منها طال الوقت ام قصر ، لقد تصدى الكثيرون في الزمن الماضي والحاضر الى دحر الحركات والافكار التنويرية لابقاء الشعب تحت دياجير الظلام لسهولة السيطرة عليه وهذا الكلام لم اقله انا ولم يكن وليد اليوم ، ولكنه معاناة شهدها الانسان العراقي منذ امد بعيد ، حيث كانت الخرافة شغله الشاغل ، وسوبرمانية الانسان غذاءه المستمر وهي تعود ثانية للحضور وهذه المرة بقوة ووقع اشد ، لقد حوربت الافكار المتطورة والشخصيات ذات الافكار البناءة بشكل عنيف واصدرت ضدها فتاوى وصلت الى التكفير وهدر الدم ولهذا كله هدف سياسي ليديم خنوع الشعب تحت مسميات عديدة. المؤلم في الامر ان تدعو الى مادعا اليه الكثيرون قبلك وبفارق زمني شاسع ، مايعني ان عامل الزمن بالنسبة للعراق توقف اوعاد ادراجه الى الخلف في حين ان العالم من حولنا شهد تطورا فكريا وتكنولوجياً مذهلا ، والشيء المؤلم الاخر ان اطرافا دولية شاركت في دس عوامل الخرافة والتأليه ، لم تعد تعمل بها داخل بلدانها ، فقط الامر بات مرهونا في العراق والضخ الخرافي بات في العراق ،ومع انتشار الطب وتنوعه الا ان مايعانيه القطاع الطبي من ضعف احال الشعب الى العودة الى اساليب العلاج بالخرافة ، والاشد مضاضة من هذا ان هناك من يدعو الى ذلك من المحسوبين على القطاع الطبي ، والامر غير مرهون بالطب لوحده ولكنه القطاع الذي يتعلق بحياة الانسان حتى وصل الامر الى اشاعة هذه المسألة بواسطة الفضائيات ، واصبح السحر والشعوذة وغيرها من الامور اكثر شيوعا في وطننا من اي شيء آخر ، اما الخزعبلات من ادعاء المعجزات ونسبتها الى الغير فهذا امر بلغ مداه ، ولاوجود لافكار تنويرية او تيار مضاد لحركة التأليه ولذا نرى الساحة فارغة لنستمر بالعودة الى الخلف بسرعة مذهلة ، ويمرر البعض مايمرر بحجة الاستثمارات وغيرها ونحن ندور في ذات الدوامة التي كنا قد تخلصنا منها بعد جهد جهيد. rn
هواء فـي شبك ..(آنه شفت السيّنها)
نشر في: 5 يوليو, 2010: 08:55 م