ترجمة : عدوية الهلالي
عمر، شاب أفغاني بلا أوراق، يسعى إلى دخول أوروبا هربًا من طالبان الذين هم على وشك استعادة السيطرة على كابول.
وفقًا لتقاليد الصحافة المغامرة، يقرر ماتيو أيكينز، مراسل صحيفة نيويورك تايمز في أفغانستان، مرافقته من خلال انتحال شخصية مهاجر. وماكتبه كان أكثر من مجرد تقرير بسيط، ف(المسالمون لا يخشون الماء) هو قصة المصاعب والحدود التي عبروها معًا، وهو كتاب يحتفل بالصداقة ويعكس الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى اللاجئين. وقد صدر عن دار سويل للنشر في 400 صفحة..
عمر يحلم بالغرب. كما أنه يحب ليلى التي يود أن يتزوجها ويأخذها إلى أوروبا، لكن والدي الفتاة الشابة من الأثرياء لا يتقبلان الطلب الذي أرسله لهم هذا المفلس. علاوة على ذلك، وفي أواخر خريف عام 2015، يبدو أن طالبان كانت على وشك السيطرة على كابول، وكان يجب على عمر الفرار، لأن كل من عمل مثله مع الأمريكيين يخاطر بالموت.
في الواقع، ولعدة سنوات، كان هو السائق والمترجم لماثيو أيكينز، ومع مرور الوقت، أصبحا أصدقاء. وعندما يخبره عمر عن رغبته في المغادرة، تراود أيكينز فكرة مرافقته والتظاهر بأنه لاجئ لكي يراقب المخاطر التي يواجهها من يحاول دخول أوروبا بدون أوراق، لأنه على الرغم من جواز سفره الكندي.، يبدو أيكينز أفغانيا. وعندما عمل هو وعمر معًا، اعتقد الأفغان أن عمر بقميصه ونظاراته الشمسية الكبيرة كان أجنبيًا وان ايكينز كان مترجمه. ويود أيكينز أن يبدأ «رحلة التسلل» هذه في أسرع وقت ممكن، لكن عمر يماطل. ولا يستطيع أن يفكر في التخلي عن ليلى فترك كل شيء بين عشية وضحاها أمر مفجع.
عندما يصل الرجلان أخيرًا إلى الطريق، ينغمس القارئ معهما في عالم المهربين ورجال الشرطة وجميع المخلوقات التي تستقر على الحدود لتعيش على ظهور المهاجرين. ويعرف أيكينز كيف يروي قصة، وهما محاصران بالإيقاع والأحداث. فالنغمة صحيحة، وعلى المسافة الصحيحة بين الإثارة والتقريرالذي يحافظ على الصرامة الصحفية. فضلا عن الصوت السردي، الذي يوازن بين عرض الحقائق وصوت المشاعر..
وهكذا، ومن خلال البطلين، يختبر القارئ ماجرى للرجال والنساء والأطفال اليائسين، ويرى قبل كل شيء كيف يتم الترحيب بهم في الغرب. وعندما يخبرنا أيكينز أنه وفقًا لاتفاقية جنيف لعام 1951، فإن اللاجئ هو شخص “لديه خوف مبرر من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لمجموعة معينة من الآراء الاجتماعية أو السياسية “، ويشير إلى أنه” تعريف مصمم خصيصًا لمنشقي الحرب الباردة “، لأنه يستثني أولئك الذين يفرون من حرب بسيطة أو كارثة مألوفة..
خلال رحلتهم، تنشأ التوترات بسبب المخاطر التي يتعرضون لها والمخاوف التي تسيطر عليهم: “أراني عمر، مرعوبًا، مقطع فيديو وجده على الفيس بوك : رأينا أفغانًا على الحدود، امرأة مجرية تخبرني باكية، أنهم تعرضوا للضرب من قبل حرس الحدود وأجبروا على الزحف عبر الأسلاك الشائكة “. ومع ذلك، كانت الامور مختلفة نوعا ما بالنسبة لهما إذ كان يمكن لايكينز إجراء مكالمة هاتفية في أي وقت واسترداد جواز سفره. ومن ناحية أخرى، بغض النظر عن صحة وثائق هويتهم وعلى الرغم من أنهم يواجهون نفس المخاطر، فإن طبيعة هذه الرحلة ليست هي نفسها بالنسبة لكليهما. في الواقع، يعود ماتيو أيكينز إلى عالمه بينما يتركه عمر ليكسب عالما آخر، متخيلًا، لكنه لا يعرفه ولا يبدو أنه يريده. علاوة على ذلك، فهو يفعل ذلك بالإكراه والإكراه فقط، لأنه الحل الوحيد الذي وجده للبقاء على قيد الحياة. ويدرك أيكينز تمامًا عدم التناسق هذا - والذي يأتي على رأس حقيقة أنه مؤلف القصة التي يمثل فيها كلاهما..
ويطرح النص تساؤل حول عدم اكتراث الرأي العام في مواجهة هذه الأزمة، والتي لا بد من الإشارة إلى أنها لا تحبذها وسائل الإعلام. أما بالنسبة للشبكات الاجتماعية، فقد بدأت الحرب في أفغانستان قبل انتشارها. ولحسن الحظ، يعارض النشطاء الطريقة التي يُعامل بها المهاجرون في اوروبا..، ويذكر المؤلف، على سبيل المثال، أن “المزارع سيدريك هيرو أدين في البداية لأنه ساعد مئات المهاجرين على عبور الحدود مع إيطاليا. وإن إطلاق سراحه النهائي هو بالطبع انتصار، ولكن إلى أي مدى يكون أكثر تمثيلاً “للنظرة الغربية” التي يتحدث عنها ماثيو أيكينز أكثر من الإدانات بغرامة من الدرجة الأولى والسجن لمدة أربعة أشهر عند الاستئناف فهل يمكن أن يكون هذا الاختلاف في المعاملة مظهرًا جديدًا للتسلسل الهرمي الناتج عن هذه “النظرة الغربية”؟ من الصعب ألا يعتقد ذلك.
مهما كان الأمر، فإن (المسالمون لا يخشون الماء) هو كتاب جاذب، يعرض موضوعًا يجب أن تتناوله مجتمعاتنا، فكيف نضع نحن اللاجئون حدا للاختلافات الصارخة والواضحة في المعاملة التي يتعرض لها بعضهم؟ ولا يقدم ماتيو أيكينز حلاً معجزة، لكن صوته الموثوق به يشير مع ذلك إلى أن التعاطف دون تمييز الأصل يمكن أن يكون نقطة انطلاق جيدة.