عباس البياتيبرحيل المرجع والمفكرالسيد محمد حسين فضل الله تخسرالساحة الفكرية والفقهية الاسلامية مفكرا ثرا وغزيرا في العطاء ومتنوع الاهتمامات وفقيهاً جسورا ومجددا لم يكن يتردد في اقتحام مساحات غير محروثة وطرق ابواب مؤصدة,وتلمس الطرق الوعرة والمسالك الصعبة , وبرحليه تنطوي مرحلة تاريخية كان للسيد فضل الله فيها الريادة في التنظير الحركي والتنوير الفكري والانبعاث الاسلامي ,
وهو آخر الاطواد من جيل نذر نفسه للمشروع الاسلامي فكرا وحركة وتنظيما وكان - المشروع - في حينه في بواكيره وبداياته الجنينية . وان اساهمات السيد فضل الله الفكرية توزعت على عدة ابواب كان له فيها اضافات ومبادرات وفتح عبرها ومن خلالها ابوابا جديدة واعاد الفهم والصياغة لاحكام ومقولات وقام بالمراجعة لاحداث تاريخية وحاول ان يثير الاهتمام والسؤال عن المتوارث والمنقول وضرورة تقييم ذلك بميزان العقل . وكان الراحل الكبير مدرسة متميزة حاولت ان تشق لها طريقا مغايرا خارج المألوف ولم يكن ذلك امراً يسيرا في الاجواء التي كان يتحرك فيها بل واجه حملات مضادة ومعارك امتدت الى اكثر من ساحة لمجرد رأي او اثارة سؤال في حدث وليس بسبب حكم احدثه او كتب بدله . وان من اهم معالم المدرسة الفكرية والفقهية للسيد فضل الله هي : 1- الواقعية : كان الواقع بالنسبة للسيد فضل الله الوسط الذي يأخذ منه ويعطيه في تفاعل وصيرورة و لم يكن في معالجته الفكرية والمعرفية يناقش بشكل تجريدي خيالي حالم كطريقة اغلب المفكرين والفلاسفة الذين لا يخرجون من صومعتهم ولا يغادرون مكاتبهم ,وكان يكتب للواقع ويواجه تحدياته ويعالج ثغراته ويناقش من وحي الواقع وكان يختلف عن كثير من المفكرين والعلماء الذين كانوا يكتبون من وحي التأمل الذي لا يلامس الواقع الا بشكل عرضي عابر استنادا الى ما في بطون الكتب وليس اعتمادا على مافي عمق الواقع الحي النابض والمتغير والمتدفق , كان واقعيا وموضوعيا في المعالجة والفهم والتصور . 2- الحركية :السيد فضل الله يؤمن بحركية الاسلام وعدم جموده, والحركية تعني عنده القدرة على التطبيق والقابلية على التنفيذ والمرونة في التعاطي مع الاحداث والوقائع والاستيعاب للمتغيرات والحيوية والانبساط والحياة والتجدد وليس الانغلاق والانطواء , والحركية تعني الامتداد الى حيث تمتد الحياة والانسان زمانا ومكاناً وحاجات واهتمامات. 3- المعاصرة : السيد فضل الله عاش بالاسلام عصره منفتحا عليه ومقبلا اليه ومنسجما معه , واستفاد من النتاجات الانسانية وحاور المناهج والمدارس الفكرية المختلفة وفتح الاسلام على العصر وفتح العصر على الاسلام ,المعاصرة بالنسبة لفضل الله الهواء والماء الذي لا يستطيع بدونه الانسان الحياة , وقد اراد للانسان ان يعيش عصره بالاسلام غير متردد ولا منفصم وخائف وان لا يكون غريبا على عصره ومتبرما منه او كافرا به اومهاجرا عنه كما دعت بعض الحركات الاسلامية المتطرفة , اراد السيد ان يحاورعصره ويأخذ منه ويعطيه في انسجام وتكامل في اطار الاسلام وان المعاصرة ليس الانفصال والهجرة ,او الابتعاد والانزواء , بل التفاعل والمواكبة والقدرة على المواصلة وتوليد الاجوبة لسيل الاسئلة التي يطرحها العصر وتطور ا لحياة وتقدمها . 4- التغييرية : كان السيد فضل يتطلع الى تغيير الحياة والمجتمع والانسان على اساس مشروع متكامل الجوانب تلتقي فيها الخيوط في تناسق تام، لم يكن يكتفي بالوعظ والارشاد الاخلاقي او اسقاط الواجب بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر بحدوده الفردية والجزئية بل كان يخاطب بالتغيير كل مفصل من مفاصل الحياة والمجتمع, والتغييرية لم تكن عنده يستند الى الفكر فحسب وان كانت قاعدته الرئيسة بل كانت مؤسسات وحركات ومشاريع وبرامج تستلهم رؤاه. 5- الاصالة : الاصالة عندالسيد فضل الله ليست التجمد على ماورد من السلف بل عدم الخروج على الصحيح مماورد من السلف من ثوابت العقيدة والقواعد والاحكام , وعليه ليس كل ماورد من السلف لا يمكن محاكمته و كان السيد لا يؤمن بالاصالة بمعنى التقليد والجمود والترديد من دون اعادة فهم وصياغة . الاصالة لديه ليست الانسياق بل الاخذ بوعي وترك عن دراية . 6- الجرأة : السيد فضل الله يتمتع بجرأة كبيرة وشجاعة جعلته لا يتردد في المجاهرة بارائه خلاف المألوف والمتداول طالما قادته قناعته الفكرية الى ذلك , وقد خاض في مجالات فكرية وفقهية وتاريخية اثارت عليه ردود فعل كثيرة لم يأبه لها ولم ينحن بل اصر وواصل حتى خمدت العاصفة وبقي رأيه صامدا يحث الاخرين على التفكير والجدية في التقييم , ولم يتوقف وجر عليه ذلك كلاماً كثيراً ولم يبال. 7- العالمية : السيد فضل الله لم يحشر نفسه في مساحة ولم يؤطر اهتمامه بجماعة بل كان انساني الاهتمام والموقف وعالمي التوجه والنزعة, وكانت ح
معالم المدرسة الفكرية والفقهية للمرجع العلامةالسيد محمد حسين فضل الله
نشر في: 6 يوليو, 2010: 05:36 م