جلال حسن اذا لم يتم وضع خطة ستراتيجية لمعالجة مشاكل المياه والتخلص من السياسات القديمة وطرح بدائل حالية ، فان الامر بكل تأكيد سيتحول الى مصدر للصراع وتصبح المنطقة بشكل واضح قنبلة موقوتة بشأن حقوق المياه .
وعلى الرغم من كثرة الامطار هذا العام التي احدثت انفراجا نسبيا ، الا ان المشكلة التاريخية ما زالت ماثلة لشح المياه الذي أجبر مئات الآلاف من المواطنين الريفيين والصيادين الى النزوح عن مناطق سكناهم الى مناطق اخرى .وتقدر تقارير حكومية ان ما يقرب من مليوني انسان يواجهون نقصا حادا في مياه الشرب ، وانخفاضا كبيرا للطاقة الكهربائية .وتوصل تقرير لليونيسكو ان 100الف عراقي قد نزحوا عن مجتمعاتهم الاصلية منذ 2005 بسبب نقص المياه.وذكرت دراسة اخرى للامم المتحدة ان مستويات المياه في نهري دجلة والفرات, مصدر المياه الرئيسة في البلاد, قد انخفضت باكثر من الثلثين في السنوات الاخيرة. وحذر التقرير من ان شرياني الحياة الحيويين يمكن ان ينضبا تماما بحلول عام 2040. حسب المعدلات الحالية, فان امدادات المياه العراقية سوف تنخفض بحوالي 43 مليار متر مكعب بحلول عام 2015 وهو ما يقل بشكل كبير عن كمية 77 مليار متر مكعب التي ستحتاجها البلد من اجل تفادي كارثة انسانية كبيرة.أرقام وتقارير وتوصيات تثير الفزع والخوف من المستقبل لان عطش الانسان من عطش الارض اذا عرفنا سلفا ان 90% من اراضينا صحراوية وتعاني من تصحر حاد مع تزايد الملوحة في الاغوار الجنوبية واعتماد انظمة ري تقليدية ومتقادمة .ان مشاركة العراق مع تركيا وسوريا باستغلال مياه النهرين بالتساوي نظمتها قوانين وأعراف دولية وتحديدا القوانين التي تخص الانهار التي تمر بأكثر من دولة ، ووقعت معاهدات منذ تأسيس الدولة العراقية فضلا عن توقيع اتفاقية مع تركيا عام 1946 وسميت حينها معاهدة "الصداقة وحسن الجوار" عالجت فيها تنظيم جريان نهري دجلة والفرات و تأمين انسيابية مرور المياه بطريقة طبيعية والسيطرة على الفيضانات.ان تفاقم المشكلة يتزايد بسبب ان هذه البلدان انشأت سدودا عملاقة ونفذت مشاريع مائية على حساب حصص العراق واتخاذ سياسات مجحفة بتقليص الايرادات المائية . بوقت تنص القوانين على ضمان حقوق جميع الدول الواقعة في المنبع او مصب النهر.الان بات من الواضح ضرورة ان تنهض الحكومة بايجاد حلول رئيسة ، وموضوعية وشاملة لهذه القضية الخطيرة ، بالتفاوض مع الدول المتشاطئة ، من خلال اتفاقات مضمونة ودائمة ، وان تقوم وزارات الخارجية والموارد المائية والزراعة والتخطيط بالاسراع في انقاذ البلاد من عطش الارض ، ويبدو ان خوفنا سيكبر حين نفيق يوما ونجد ان نهري دجلة والفرات قد نشفا تماما .jalalhasaan@yahoo.com
كلام ابيض :شح المياه
نشر في: 6 يوليو, 2010: 06:05 م