اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أعين الجماعات الإرهابية مصوّبة على قرقيزستان

أعين الجماعات الإرهابية مصوّبة على قرقيزستان

نشر في: 9 يوليو, 2010: 04:07 م

د. عبد الله المدنيمنذ أن اندلعت أعمال العنف والاضطرابات العرقية في قرقيزستان في منتصف يونيو الجاري، أي بعد شهرين فقط من ثورة "السوسن" الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع "قرمان بيك باكاييف"، وأجبرته على طلب اللجوء في روسيا البيضاء، والتقارير تحذر من احتمالات أن تتحول هذه البلاد إلى أفغانستان أخرى، بمعنى أن تصبح ملجأ جديدا للجماعات الإرهابية، وبؤرة لتجمعها وتدريباتها وانطلاقها. فالأخيرة كالميكروبات، لا تظهر ولا تتواجد ولا تعيش إلا في المياه الآسنة،
 والمياه الآسنة هنا هي البيئات المضطربة التي تتراخى فيها قوة الدولة وهياكلها ومؤسساتها، أو في الأراضي التي تشهد الانقسامات الجهوية والقبلية والعرقية والطائفية. ولعل ما حدث في أفغانستان أولا ثم الصومال فاليمن أفضل دليل على صحة زعمنا.rnقرقيزستان على خطى أفغانستان والصومال والحقيقة أن قرقيزستان مؤهلة جدا لاقتفاء أثر أفغانستان والصومال لجهة الحرب الأهلية، واحتضان الإرهابيين، و انهيار مظاهر الدولة المعروفة، وبالتالي التسبب في أزمات دولية وإقليمية خطيرة قد تتجاوز حدودها إلى داخل الكيانات المجاورة لها، خصوصا وأن الأخيرة تشكو أيضا من الضعف والترهل. فهذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تحاذي الصين وكازاخستان وأوزبكستان، والتي يسكنها 5.3 مليون نسمة (15 بالمئة منهم من الإثنية الأوزبكية) تجذرت فيها ثقافة العنف والتمييز الإثني على مدى العقدين الماضيين كنتيجة لضعف هياكل ومؤسسات الدولة، وضعف اقتصاد البلاد واعتماده على المساعدات الأجنبية، ووجود قيادات تنقصها الشرعية، وظهور الأزمات المعيشية، وانتشار الفقر والبطالة، ناهيك عن بروز عصابات المافيا المتاجرة بالمخدرات، وانتشار الجماعات المتاجرة بالشعارات الدينية. إلى ذلك ساهمت حقيقة الأوضاع الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية الصعبة المشابهة لوضع أفغانستان من حيث طبيعتها الجبلية، وعدم إطلالتها على البحار، وافتقارها إلى مصادر الطاقة، وإحتضانها لقوميات تمتد جذورها عبر الحدود إلى دول أخرى (تعيش في قرقيزستان أقليات أوزبكية وتركية وروسية وصينية) في زيادة أزمات وتعقيدات هذه البلاد.أمر يدعو إلى الإستغرابوعلى الرغم من هذه الحقائق التي تعزز احتمالات خطف الجماعات الإرهابية لقرقيزستان وطلبنتها، خصوصا في ظل تقاسم قرقيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان لما يعرف بـ "وادي التطرف"، ونعني به "وادي فرغانة" المتميز بكثافة سكانية ضاغطة (يضم نحو 20 % من إجمالي سكان آسيا الوسطى) والذي عـُرف تاريخيا بأنه مهد للمشاكل الاجتماعية الخطيرة، وحاضنة للجماعات الراديكالية الإسلامية (كحزب النهضة الإسلامي وحزب التحرير، والتيار الإسلامي الأوزبكي، و"تنظيم الإكرامية" حديث النشأة، وغيرها من الجماعات الإسلاموية المتمتعة بدعم لوجستي من حركة طالبان الأفغانية).وعلى الرغم من أحداث العنف غير المسبوقة في شكلها وعدد ضحاياها (سقط المئات من القتلى والآلاف من الجرحى في الإصطدامات العرقية ما بين الأغلبية القرقيزية والأقلية الأوزبكية منذ منتصف الشهر، كما نزح أكثر من 80 ألف شخص بإتجاه أوزبكستان بعد حرق منازلهم ومركباتهم وحرمانهم من الطعام والشراب، وبات أكثر من 75 ألف قرقيزي من أصول روسية مستعدا للمغادرة إلى روسيا خوفا على حياته).وعلى الرغم من وجود مصلحة مؤكدة لكافة القوى الكبرى في استتباب الأمن والاستقرار في هذه البقعة ذات الأهمية الجيوإستراتيجية، ابتداء بواشنطون وموسكو اللتين تملكان قواعد عسكرية داخل قرقيزستان في بلدتي "ماناس" و"كانت" بالقرب من العاصمة "بشكيك"، وإنتهاء ببكين التي لا تبعد "أرومجي" عاصمة إقليمها المضطرب "تركستان الشرقية" (يعرف أيضا بإقليم سينجيانغ) عن مدينة "أوش" القرقيزية التي شهدت أسوأ أعمال العنف سوى رحلة طيران مدتها ساعة واحدة.  فإن الذي يدعو للاستغراب هو وقوف الكيانات والمنظمات المؤثرة ضمن المجتمع الدولي موقف المتفرج حتى الآن من الأزمة القرقيزية، فيما عدا بعض بيانات الاستنكار والشجب أو دعوات التزام الهدوء وضبط النفس. فما هي يا ترى أسباب هذا اللا اكتراث؟ أو بصورة أدق ما هي أسباب الخوف من الاقتراب من الأزمة؟rnأسباب التردد الروسي في التدخل في الأزمةيقال أن موسكو مترددة في التدخل، حتى بعد أن طالبت رئيسة الحكومة الانتقالية القرقيزية "روزا أوتونباييفا" الرئيس الروسي "ديمتري مدفييف" رسميا بضرورة إرسال قوات روسية إلى بلادها من أجل فرض الأمن والنظام، لأنها (أي موسكو) لا تريد أن ترى نفسها مرة أخرى متورطة في مستنقع مشابه للمستنقع الأفغاني الذي كبدها الكثير من الخسائر المادية والبشرية في ثمانينات القرن المنصرم، خصوصا وأن أوضاع وظروف أفغانستان وقرقيزستان متشابهة إلى حد كبير كما أسلفنا. لكن موسكو، بسبب وجود مصلحة لها في عودة السلام والإستقرار إلى هذا البلد، رأت أنه من الأفضل أن يتم تدخلها في الأزمة من بوابة "منظمة معاهدة الأمن الجماعي". والأخيرة منظومة أطلقت في عام 1990 بالتزامن مع توقيع "ميثاق باريس من أجل أوروبا جديدة"، وتضم في عضويتها كلا من روسيا الإتحادية، وروسيا البيضاء، وأرمينيا، وقرقيزستان، وطاجيكستان، وكازاخستان. أما لماذا لم تقرن موسكو رغبتها بالفعل؟ فلأسباب كثيرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram