TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حينما حلقت نوارس كلية الفنون على ضفاف دجلة

حينما حلقت نوارس كلية الفنون على ضفاف دجلة

نشر في: 9 يوليو, 2010: 04:58 م

د. يوسف رشيدلطالما أشر  (هيثم عبد الرزاق) حضوره الإبداعي ممثلاً وباحثاً في تطوير الياته الادائية على مستوى التمثيل داخل العراق وخارجه , ونجده هذه المرة في تجربة يضيفها الى رصيده مخرجا  ، وعليه فاننا اذا ما حاولنا ان نتلمس الملامح لتجربته الإخراجية هذه ، لوجدنا انها تعتمد على معرفة ودراية بالاتجاهات الإخراجية ،
و اذا ما شبهناها بجبل الثلج لوجدنا ان ما يطفو على سطحها هو اتجاه ( للمخرج الممثل ) اذا جاز لنا ان نسميه وهو يقترب بذلك من أسلوب المفكر المسرحي الراحل ( قاسم محمد ) وغيره ممن انعكست خبراتهم التنظيرية وإيمانهم العميق بالطاقة الخلاقة للممثل على تجربتهم .على الرغم من أختلاف المرجعيات لكل منها . وهذه قد تكون واحدة من مميزات العمل في الورش المسرحية عندنا في العراق وربما في الكثير من التجارب التي قدر لنا الاطلاع على بعضها – عندما يكون جسد الممثل وصوته مدينة مسكونة بالإبداع وعندما تكون حواسه الخمسة ابعاداً مثالية لسينوغرافيا ذلك الجسد عندما يكون العمل في ورشة التمثيل هو سعي حثيث وتمرين مستمر ومتواصل على الاكتشاف في فضاءات تلك المدينة وعوالمها السحرية فمنهم من شغف بالصورة التشكيلية للأداء وآخر يبحث في انثروبولوجيا الجسد وآخر يبحث في بلاغة الكلمة وغيرهم اشتغل على بلاغة الانفعال , وكل هذه التجارب والصور في الورش المسرحية شكل ( عبد الرزاق – المخرج ) مكونه الإبداعي من معرفته بها واطلاعه على معظمها ، ليختار من خلالها نموذجه الذي يتناسب والمكون السوسيولوجي لبيئته العراقية .  يندرج هذا العرض بصيغته التجريبية هذه في إطار التمرين للورشة المسرحية اذ ينفتح الخطاب ( السمع – بصري ) فيه على شتات قصدي لتشكيلات سينوغرافية تتسم بالدينامية منذ اللحظات الاولى ( للتمرين – العرض ) وهو يبدأ كاي خطاب مفكك يحاول ان يفترش ارضية فضاءات التوقع في بداياته يهشم ابنية ويعيد تشكيلها ، حتى تختمر فكرة إتلاف دوال العرض على خطة تستهدف انتقاءاً قد يبدو غير مباشر الا انه شكل دخولاً ذكياً الى هم جمعي ويومي اجتماعي بوصفه نسقا ثقافيا متحكما في راهنيته و  بمدخل قد يخالف التوقع وهذا هو ديدن المسرح في وظيفته الإبداعية لتناول ما هو مالوف . وهذا ما سهل على المخرج ( هيثم عبد الرزاق ) مهمة الولوج المبرر الى     ( مسرحة الوضوح ) وهذه مهمة تتصل فعلاً بمفاهيم وبرامجيات الورش المسرحية . فالتجربة هنا لم تحاول ان تقدم فكراً فلسفياً يستدعي التأمل والتأويل في البنى العميقه بقدر ما تركز على طاقة متعددة الأفاق في الأتصال بألمالوف ومعالجته بوعي إبداعي فني ,فمالوفية هذا العرض تكمن في التقاط هم الشارع لتحاكمه علناً وفي الشارع الذي حضر في هذا العرض بقوة بوصفه ابرز المهيمنات عبر تسليط  الاضواء عليه ,ورغم آن العمل في الورش المسرحية هو عمل فني صرف ان من مخرجاته ان يقدم فكراً الا ان ذلك الفكر يخالطه استعراض للقدرة على قيادة الفريق والقدرة على التعبير الخلاق في أقصى درجاته الممكنة ، وطالما ان العرض المسرحي الذي شهدناه هو من هذا النوع الا انه لم تغيب عن المتمرنين فيه فكرة التركيز على ذلك البعد ( الجمالي – الفكري ) للعرض وصياغته بروح جماعية تجسد محبة مبدعيه وعشقهم للتجربة في جميع مفاصلها وهذه من الحيثيات التي شكلت الاختزان الواعي لابعاد الموضوع ، ثم الأشتغال على مسرحة المالوف الذي يكتنزه الموضوع ، وبالتالي الدفع به الى ساحة التلقي في ( كتابة جديدة ) – حاولت ان تجرد المالوف من شعاراته التقليدية مضمنة اياه موقفاً يتصل بالاتفاقية الجمعية التي هي احوج ما نكون اليها الان في زمن كثر فيه المغنون ( وكل يغني على ليلاه ) وكثر فيه ( الطبالون ) بانغامهم الجوف حتى ملئت اصوات طبولهم الفضاء بالنشازات ، حتى باتت موسيقى الحاضر بحاجة الى الايقاع البطل الذي لابد منه لتنظيم الحياة من جديد فكان هاجس المخرج الذي ادرك مقولة برشت ( تعيس هو الزمن الذي ليس فيه ابطال ) يحركه باتجاه ( امثولة ) تدعو الى ترسيخ صورة البطل الذي يوحد جميع النشازات عندما يكون هناك ( قانون ) هو الذي يضع جميع الاشياء في نصابها الصحيح ، ولعل مما يثير الاعجاب بهذا التمرين المسرحي انه عندما تصدى الى واحد من المالوفات الجمعية القديمة قدم الكون وقدم الطبيعة وقدم النشوء الانساني انما كان يريد ان يضع امامنا اكثر من مقترح تأويلي – واسئلة غير تقليدية يمكن ان تثيرها تلك ( الثيمة الاساسية ) التقليدية ، فهو من جانب آخر ينتمي الى نمط من العروض المسرحية الساخرة التي رصدت في هذه الفترة من حياة مسرحنا العراقي الكثير من أوجاعنا اليومية ووضعتها تحت المجهر او سلطت الضوء عليها لتعلن ان المسرح لم يتخلى عن مهمته الاجتماعية ولا عن وظيفته التحريضية ولا عن مسؤوليته في صياغة شكل الحياة ( فالمسرحية – التمرين ) كانت خطاباً اجتماعياً وشعبياً متحضراً اراد له ( هيثم – المخرج ) ان يقترح اكثر من قراءة ، ولعل تعدد القراءات هذا قد تخصب في مستوين هما ، مستوى التمرين الذي بمقدوره ان يقدم عرضاً فيه قابلية على توجيه الخطاب المتعدد الانساق ، و

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram