عمـار سـاطع
كنتُ مِنْ بينِ أولئك الذين سعوا من أجلِ الارتقاء بواقع الدوري الممتاز عبر الإصرار على اختراق بوّابة دوري المحترفين الذي كان العديد من المهتمّين والمولعين بالمنافسات المحلّية ينشدون وضع خطوة بإتجاه إقامته في ظلّ الخطّة التي ذكرها أغلب المسؤولين الكرويين، مُنذ مدّة طويلة حتى قبل نهاية الموسم المنصرم.
وعليه كان التوجّه السائد، والأجواء المحيطة من قبل اتحاد الكرة، أن يفتح صفحة دوري المحترفين للأندية التي يُمَكِنُهّا الحال أن تدخل ضمن خيمة دوري المحترفين أيّاً كان عددها شريطة اكتمال مشروع التراخيص المُعتمدة بالضوابط والشروط من قبل الاتحاد الآسيوي الذي يملك رغبة شديدة في أن يحقّق طموحات أجندته بأسرع وقت ممكن.
للأسف الشديد، فإن دوري الموسم الجديد 2022- 2023 لن يشهد إنطلاق دوري المحترفين، وسنبقى ندور في فلك الدوري النظامي الذي اعتدنا عليه منذ زمنٍ طويل، وهو ما يعني إننا لن نتمكّن من تدشين نسخة وُعِدنا بِها ووُعدنا بها الجمهور، لأن الإصرار على البقاء ضمن دائرة الصعوبات ستبقى هي الغالبة في نهاية الخُطط وهي الطاغية على البرامج التي تُعد مُسبقاً وتذهب أدراج الرياح!
وبِما أننا كُنّا نتحدّث في فترات سابقة عن آليات وطموحات ما يمكن أن تُحدِثهُ إطلاقة نسخة دوري المحترفين من ارتقاء غير مسبوق وانتعاش اقتصادي تنعم به الأندية قبل أية جهة أخرى، بسبب الانفتاح على حقوق النقل والبثّ والتسويق والرعاية الذي سيضرب أرقاماً قياسيّة، فإن ذلك لن يتحقّق ما دامت الأندية ستبقى هي المُتحكّم بالواقع الرياضي ككلّ، وليس كرة القدم على وجه الخصوص.
أقول.. إن الاجتماع الذي عُقِدَ في العاصمة الحبيبة بغداد، قبل يومين، بين مجلس إدارة اتحاد الكرة وبحضور نخبة الأندية الكروية الأبرز في البلاد، خَتَمَ بالشمع الأحمر على كل الطموحات التي كانت تراود الداعمين والساعين لإقامة دوري المحترفين، أسوة بما هو حاصل في دول الجوار على أقلّ التقديرات، مثلما كتاب نهاية السطر الأخير للإقرار الذي جاء بعدم رغبة الأندية في إحداث قفزة نوعية في مسيرة كرة القدم العراقية.
نعم .. ما حصل بالتحديد هو أن الأندية أصرّت على عدم إتباع أسلوب كسر حاجز الخوف، واتفقت على عدم إقامة دوري المحترفين، بمنحها موسماً آخر من التفكير في البقاء ضمن ركب دوري تسوده التراخيص المُعتادة وآليّاتٍ تدخل فيها المجاملات وغضّ الطرف، مثلما كان يحدث في المواسم الماضية، وهو أمر إنما يعني أن الدوري سيكون نسخة من سابقاته من النسخ التي مرّت مرور الكرام بعيداً عن رغبة التفكير في دوري يقترب من دوريات عربية وآسيوية يجتهد فيه الجميع ليصل اليه بعُمق التفكير وعزيمة التنفيذ!
الرسالة التي كنتُ أتمنّى أن تصل الى الجميع هو أن تُنفّذ أجندة دوري المحترفين بداية سطر وليس نهاية كتاب، أن يستعجل المعني بدوري المحترفين قولاً وفعلاً لا أن يُصاب بصدمة الواقع، وأن تكون خًطط المنطق غالبة لعواطف ومشاعر الجماهير، وأن يحدث التغيير بإصرار لا أن يبقى على ما هو عليه، وأن يضمن المُفكّر أن الارتقاء بالدوري فنيّاً يضمن وجود منتخب قادر على تمثيل الوطن في المحافل، وأنّ معادلة تحسين الحال ستأتي بنتائج مميّزة فيما بعد.
أيها الأعزّاء.. حتى تكونون في صورة الواقع، فإن مقالاتي التي أأخذ فيها مساحة الرأي وحرّية التعبير بالكتابة التي كنتُ وما زلت متواصلاً فيها.. هي وجهة نظري التي أُعبّرُ فيها عن ذاتي الصحفية، وأنتقد ما أراه سلباً وأمتدح ما أجده يقف بجانب الإيجاب، أجل مساحتي هذه هي مُلزمة من قبلي فقط، ودون أن يُملي عليَّ مسؤول ما وشخصيّة ما أي حرف أو كلمة، وحتى عملي في المكتب الإعلامي لاتحاد كرة القدم يختلف تماماً عن الذي أذكره هُنا أو أي مكان آخر، وها أنا مُلزمُ بمهنيّتي، في أن أنتقد ما أجده خطأ وأعبّر عن الصحيح بالشكل المهني الذي أجده، وللأمانة فأنني كتبت في أكثر من مرّة دعمي الكامل لإقامة دوري المحترفين، وأكرّر دعمي التام لإقامة دوري المحترفين حتى ولو بعد عشرين عاماً، ولن أتراجع عمّا أطالب به وأساند هكذا توجّه، ورأيي لن يختلف عن التوجّه الذي تبنّيته أو أصبحت مؤمِناً به.