حازم مبيضين ابتداءً من ما يعلنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وأمين عام الجامعة العربية عمرو موسى ومعهما كل المحللين والمراقبين السياسيين وانتهاءً بالرئيس الأميركي باراك أوباما يمكن التيقن من أن حكومة نتنياهو أوصلت فرص السلام في الشرق الأوسط إلى وضع توصف فيه بالضئيلة، خصوصاً أن نتنياهو يحاول القفز على الواقع الراهن بمطالبته الفلسطينيين بالجلوس معه إلى طاولة المفاوضات المباشرة،
بعد أن باع أوباما تعهداً وهمياً بأن يكون مستقبل المستوطنات في الضفة الغربية بين أول الموضوعات التي سيجري التفاوض حولها إذا استجاب الفلسطينيون لطلبه، وتخلوا عن ما وصفه بشروطهم المسبقة للمحادثات المباشرة. نتنياهو غير راغب وغير قادر على وقف عملية الاستيطان، رغم إعلانه الباهت عن استعداده لمناقشة مستقبل المستوطنات، إذا عاد الفلسطينيون للمفاوضات المباشرة، فرئيس الوزراء الإسرائيلي محكوم بطبيعة الائتلاف الحكومي المتكون من وزراء أكثر منه تطرفاً وعنصرية وتشدداً، وهم يعارضون أي قيود على أنشطة الاستيطان، ويتجاهل نتنياهو أن الاستيطان ليس العقبة الوحيدة في طريق السلام، وهو لم يجب بعد على السؤال الفلسطيني عن موقفه من مسألة حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، وهو يستغل بأبشع صورة التوجه العربي نحو السلام ونبذ الحرب التي لم تخلف من قبل غير الكوارث، مثلما يستغل القناعة الفلسطينية المبنية على الواقع بأن المبادرات والمفاوضات هي الطريق الوحيد أمامهم. تؤشر معطيات الواقع إلى أن شيئا لن يتغير في ظل التشدد الإسرائيلي الواضح إزاء عملية السلام، كما تؤشر أن الفلسطينيين لن يستسلموا للإجراءات الأحادية في القدس، وليس بعيداً عن الإمكان اندلاع انتفاضة شعبية جديدة لا تسعى لها السلطة الفلسطينية ولا تحبذها، ويحتم هذا على الإدارة الأميركية واللجنة الرباعية والأمم المتحدة تفعيل أدوارهم، وممارسة مسؤولياتهم في المنطقة لإحلال السلام بالضغط لتنفيذ القرارات الدولية والاتفاقات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وليس مقبولاً من إدارة أوباما بالتحديد، بعد كل ما كان أعلنه من مواقف السير على نهج الإدارات السابقة بالتوقف عند حدود إدارة الأزمة بدلاً من تقديم الحلول للخروج منها، وهو يدرك أن بإمكان الدور الأميركي أن يكون أقوى متى امتلك الإرادة السياسية، التي يبدو أن اللوبي الصهيوني، لم يسمح بعد بامتلاكها. نعرف إن المفاوضات غير المباشرة تواجه فشلا شاملا، وأن الانتقال إلى التفاوض المباشر غير ممكن إلا بتحقيق تقدم فيها، وليس صحيحاً ما تتقول به إسرائيل إن المحادثات غير المباشرة مضيعة للوقت، ويعرف نتنياهو أن التفاوض المباشر ليس هدفاً بحد ذاته، وأنه يستهدف التوصل لاتفاق على حل الدولتين، ويعرف أيضاً أن ذلك مرهون بالوقف التام للاستيطان، والتوقف عن تغيير معالم المدينة المقدسة التي ستكون في نهاية المطاف عاصمة فلسطين. نعرف أن هناك من يستغل جمود العملية السلمية للمطالبة بالتراجع عن اتفاق أوسلو، وهو اتفاق يعترف محمود عباس ببعض الأخطاء فيه، لكن هؤلاء لا يقدمون حلولاً بديلة، وكأنهم يجهلون أن التراجع عن أوسلو يعني قبل كل شيء تبني إستراتيجية جديدة، معنية بالحرب التي لا يريدها إلا أصحاب الرؤوس الحامية، ويعني ذلك للأسف أن الفلسطينيين مدعوون للتوقف عن البحث عن السلام والذهاب إلى خيار الحرب وحيدين بغير مال أو سلاح، وهم يعودون بنا إلى الوراء متمثلين قول بني إسرائيل لنبي الله موسى " أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ".
خارج الحدود: أذهب أنت وربك فقاتلا
نشر في: 9 يوليو, 2010: 05:52 م