TOP

جريدة المدى > عام > عواطف نعيم: المسرح هو المكان الذي أشعر فيه بحريتي وإنسانيتي

عواطف نعيم: المسرح هو المكان الذي أشعر فيه بحريتي وإنسانيتي

نشر في: 25 يوليو, 2022: 11:18 م

ترى أن النقد ليس وسيلة تأثرية او شخصانية او مزاجية بل هو رؤى علمية تعتمد المنهج

حاورها: علاء المفرجي

القسم الثاني

اذا كنا نصنف تسمية ممثلاتنا العراقيات طبقاً للمراحل التاريخية التي عملوا بها أو بطبيعة الأدوار التي ادّينها منذ بداية الخمسينيات وحتى الآن،

نجد أن اللواتي بدأن مع بداية النشاط الدرامي في العراق(سينما، مسرح، تلفزيون) كانت تسعفهن جرأتهن في الدخول الى هذا الميدان، درجة تراجعت فيها الكفاءة الادائية لهن لصالح هذه الجرأة، في مجتمع كان يفرض قيوداً جمة على المرأة، فكان وجود المرأة على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا يغطي على جميع العناصر الواجب توفرها في الأداء. أما الجيل الذي تلاه فقد حظي بالتقدير وبالاعتراف بهن مفاعلات في المسرح.. ومن هؤلاء الممثلات تبرز بشكل واضح الفنانة عواطف نعيم، والتي شغلت لها مكاناً متميزا في الفن العراقي على مدى خمسين عاما.

ولدت ودرست في بغداد، حيث نالت الدبلوم من معهد الفنون الجميلة ثم البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من كلية الفنون الجميلة، لا يختلف اثنان على حضورها الباهي في المسرح العراقي ، تأليفا واخراجا وتمثيلا، وكتابة النقد.. قدمت الكثير من الاعمال المسرحية تأليفا، حيث قدمت أعمالا مهمة لمخرجين عراقيين كبار أمثال المخرج (عزيز خيون)، و(كاظم النصار)، و(اقبال نعيم).. وغيرهم كما عملت ممثلة تحت إدارة أساطين المسرح العراقي امثال الكبير ( إبراهيم جلال ) و (سامي عبد الحميد) و( قاسم محمد ) والراحل العملاق ( عوني كرومي ) و ( صلاح القصب ) و ( فاضل خليل ) و ( محسن العزاوي ) وأيضا ( عزيز خيون ) .

التقتها (المدى) في هذا الحوار

 عاصرت مراحل كثيرة من المسرح العراقي ابتداء من بداية السبعينيات وحتى الان، ماذا تقولين عن جمهور المسرح، خلال هذه السنوات فالملاحظ في العقود الاخيرة أن جمهور المسرح لم يعد منحازا بالكامل للعروض الجادة، بل ان هذه العروض لا يستمر عرضا وللنخبة فقط سوى ايام؟ ما تعليقك؟

- جمهور المسرح موجود وهو متلهف لمتابعة العروض المسرحية بل حتى ومناقشتها مع أصحابها وهو يقطع المسافات ليكون حاضرا ويستمتع بالمشاهدة المشكلة ليست في حضور الجمهور المشكلة هي في فتور الحراك المسرحي وتباعد انتاج العروض خلال الموسم المسرحي فمع شحة الميزانيات الممنوحة لمخرجي المسرح العاملين في دائرة السينما والمسرح وهي الحاضنة الأولى للنشاط المسرحي ومع اندثار الفرق الأهلية العاملة والمؤسسة للمسرح العراقي ، فرقة المسرح الفني الحديث وفرقة مسرح اليوم وفرقة المسرح الشعبي وفرقة الطليعة و١٤ تموز للمسرح وغيرها من الفرق الرصينة ومع توقف الانشطة الطلابية في النتاجات المسرحية في معاهد وكليات الفنون الجميلة في بغداد والمحافظات بسبب عدم توفر الدعم المالي واللوجستي لها أضافة الى غياب الدعاية والإعلان ، ثم يأتي سبب مهم هو الانفلات الأمني والانفلات الصحي ( كورونا وأخواتها ) وتجاهل الحكومة العراقية عن دعم ورعاية الحركة المسرحية العراقية وتوفير ما تحتاج اليه من تأهيل وأعمار البنى التحتية وبناء بنُى جديدة ، يقبل الجمهور المسرحي في المهرجانات وتغص قاعة العروض بحضوره ويتواصلون طيلة ايام ذلك المهرجان الذي يقام في منتدى المسرح او الذي يقام في المسرح الوطني ومسرح الرشيد وهذا دليل على إهتمام الجمهور ومتابعته ولكن وكما قلت في مقدمة الإجابة المشكلة في منح المسرح حقه وعافيته من خلال رصد ميزانية له في ميزانية وزارة الثقافة والتي هي الأخرى تعيق بدورها حركة الإنتاج المسرحي بما تفرض من شروط تعجيزية لإطلاق مبالغ المواسم المسرحية والتي لا تفي بوعودها تحت حجج وتبريرات شتى حين تخصص مبالغ لإنتاج عروض مسرحية تدفع من صندوق الوزارة كما حدث مع الفنان الكبير عزيز خيون وفريق عرضه المسرحي ( ورطة إمكادي ) ، اعتقد ان أعادة النظر في تكوين مسرحي مثل ( لجنة المسرح العراقي ) وتخصيص مبلغ مليار دينار للإنتاج عروض مسرحية في كل موسم المسرحي وان تديرها وتشرف عليه لجنة من مسرحيي العراق المختصين لا يزيد عددهم عن ثمانية فنانين هو امر بات ضروريا لإنقاذ مشاريع الفنانين العراقيين وتفعيل الحراك المسرحي العراقي في بغداد والمحافظات وحفظ جمهور المسرح العراقي وتقديم عروض مسرحية تليق بالجمهور وتطلعاته ...

 ينسب لك تأسيس قسم مسرح الطفل في دائرة السينما والمسرح عام 1996واقامت أول مهرجان له في عام 2002 ، الا تتفقين معي انحسار عروض هذا المسرح في السنوات الاخيرة.. ما السبب لرأيك؟

- مسرح الطفل في العراق هو إحدى الوسائل المهمة والمعتمدة لخلق متلق جديد قادر يتمتع بقدرة على تذوق العروض الجيدة ودعمها لذا كان وجود مسرح طفل في المدارس عملية تربوية وتوجيهية ضرورية ، فمن خلال المسرح تسهل تنمية القدرات التعليمية لدى الأطفال واكتشاف مواهبهم وبناء شخصياتهم ، وقد سعيت جاهدة في العام ١٩٩٦ الى تأسيس قسم مسرح الطفل في دائرة السينما والمسرح كما نجحت مع زملاء اعزاء ان أقيم مهرجانين قطريين ناجحين لمسرح الطفل في العام ٢٠٠١ و٢٠٠٢ وكان هناك استعداد لإقامة المهرجان العربي لمسرح الطفل وتمت الاستعدادات لانطلاقته لكن الغزو الامريكي للعراق أوقف ذلك ، ولأول مرة في تأريخ المسرح العراقي يتم إفتتاح يوم المسرح العالمي بعرض مسرحي للأطفال( كنز من الملح ) تأليفي وإخراجي ومن على خشبة المسرح الوطني في العام ٢٧ / ٣ / ١٩٩٦ وكنت انا من سعى لذلك مع المركز العراقي للمسرح لتأكيد وترسيخ حركة مسرح الطفل. هناك إهمال واضح لمسرح الطفل يتجلى في قلة العروض المنتجة ولاسيما في المواسم المسرحية لدائرة السينما والمسرح وللمعاهد والكليات الفنية وانعدام وجود مهرجانات لمسرح الطفل والسبب هو غياب الدعم المخصص لذلك ونعني هنا بالدعم هو الدعم المالي لاسيما ومسرح الطفل يعتمد عناصر الإنتاج المعافاة لخلق حالة الابهار والدهشة والجذب ، لكني لن أغفل جهود فنانين حريصين على العمل في مسرح الطفل مثل الاستاذ حسين صالح ود حسين علي هارف ود زينب ود أيمان الكبيسي على الرغم من معاناتهم في توفير الإنتاج المعافي لطموحهم ..

 قال أحد نقاد المسرح :» نحن كمشتغلين في منطقة الكتابة والنقد المسرحي ، نَعدُ ( عواطف نعيم ) المرأة الوحيدة الأوفر كتابة للخطاب المسرحي , والاخصب رؤيا ومخيلة وملكة لتوافر شرائط لغة ( الميزانسين ) الإخراجية لديها والارتقاء بمهمة التجديد في المنتج الإبداعي العرضي، في باحة المسرح العراقي. ما رأيك؟

- انا شاكرة للزميل الذي منحني هذا الوصف كناقدة في المسرح العراقي فهذا تشريف لي وتعريف جميل بإمكاناتي لاني أدرك ما معنى أن تكون ناقدا عادلا ومحكما حكيما لان النقد هو عملية تقويم وتقييم تعتمد معايير علمية فكرية وجمالية وفنية كي تمنح المنجز المسرحي قيمته واستحقاقه في التحليل و التفكيك والفهم ، النقد ليس وسيلة تأثرية او شخصانية او مزاجية او ذاتية بل هي رؤى علمية تعتمد المنهج ومسؤولية أخلاقية في تقييم المنجز بعيدا عن أي دوافع او أهداف خاصة ، والنقد هو منح المنجز المقدم حياته وقيمته والتعريف بما فيه من جدة واجتهاد وإيجاب وتشخيص السلب او الهنات ان وجدت دونما تجريح او إساءة او استخفاف وهو ليس كما يتصور البعض وسيلة للانتقام والتعريض فهذه مهمة الشتامين ومن يشعرون بالضآلة ، العرض المسرحي المقدم هو كيان جمالي يحمل الفكر ويتمثل قيم الفن وينهض في فضاء الخشبة ويتحرك وينفعل ويعلو صوته ككل مكتمل لجهد أبداعي ومخيلة متوقدة تسعى لتبث خطابها عبر ذلك الكيان لذا كان التأمل والتروي والاصغاء للتقييم امر ضروري قبل تقديم الخطاب النقدي ،

 أهم المخرجين العراقيين.. عالجوا النصوص التي كتبتها للمسرح امثال عزيز خيون، كاظم النصار، أقبال نعيم واخرين.. وأرى أن نصوصك في المسرح تحتل الركن الاهم في الكتابة للمسرح.. اسأل عن هذا التوازن في الابداع، و:انه تنفيس لما في داخلك.. ماذا تقولين؟

- تعامل مخرجون عراقيون مع نصوصي المسرحية وكان لكل منهم اسلوبه وطريقته في معالجة تلك النصوص اخراجيا سواء أكانت تلك النصوص ناطقة بالفصحى او اللهجة الدارجة او كان عملا يتوجه للأطفال وقد تميزت تلك العروض وأثبتت حضورها عند تقديمها وكان هؤلاء المخرجون متنوعون في طرق عملهم الكبير عزيز خيون ود أقبال ود هيثم عبد الرزاق والفنان كاظم النصار والفنان سنان العزاوي والفنان علاوي حسين والفنان حسين جوير والفنان خليفة التخلوفة من دولة الامارات العربية ولم تكن هذه النصوص الا تعبيرا عما يمّور في داخلي من رؤى وافكار وهواجس أبوح بها من خلال شخصيات ابتكرها وأنطقها بما يعتمر في روحي من مواقف احتجاج او رفض او تحدٍ لان المسرح وهذا ما أؤمن به هو موقف وطني وإنساني وضمير الناس ولسان حالهم ، لذا تكون الحوارات والشخصيات حرة متمردة رافضه للخنوع ومعترضة على كل ما يمس إنسانيتها ويسلبها حلمها ، نعم المسرح ساحة لعبي ومملكتي ومغامرتي انا اعشق المسرح وأجن فيه واطلق لخيالي العنان وليس ثمة قيود تحرمني او تصدني عن هدفي ، المسرح هو المكان الذي أشعر فيه بحريتي وإنسانيتي ونصوصي التي أكتبها هي جزء من تكويني الوطني والاخلاقي.. ..

 مررت بتجربة أظنها اختبارا حقيقيا في الانتاء وحب الوطن وهو بينما كانت الجوائز تتوج مسرحية (أبحر في العينين) التي من تأليفك في مهرجان الشارقة، وقعت الحرب، ولم تستطيعين العودة إلى العراق .. ما المشاعر التي خالجتك في تلك الفترة.

- في العام ٢٠٠٣ كان هناك زلزال قد ضرب بلدي العراق حيث تكالبت القوى الامبريالية جميعا وحولت بغداد الى شعلة من لهب كنت حينها في الشارقة احضر مهرجان الشارقة المسرحي بدعوة من فرقة دبا المسرحية إذ كانت هذه الفرقة والتي كان يقودها في حينها الاستاذ عزيز خيون تقدم عرضا مسرحيا تحت عنوان ( أبحر في العينين ) وهو من تأليفي وإخراج الاستاذ عزيز خيون وتمثيل كلا من الفنانين الإماراتيين عبدالله راشد وعبدالله مسعود وفي ليلة فوز المسرحية المشاركة في المهرجان بجائزة أفضل عرض مسرحي وأفضل تمثيل وتتويج الاستاذ عزيز خيون بجائزة أفضل فنان عربي توالت الانباء عن قصف الأراضي العراقية من قبل قوات التحالف الدولية لم يكن هناك من وسيلة للوصول الى العراق الى بغداد الغالية الى أهلي وناسي الى أحبة لي ، وقتها كنت أرفع نظري صوب السماء متحسرة متألمة وانا أرى الطائر الحديدي ينقل البشر الى أرجاء المعمورة وليس ثمة من ينقلني و يصل بي الى بغداد لم أكن أستطع النوم وساءت حالتي الصحية مما أضطر الاستاذ عزيز الى تسفيري الى الاردن ومن الاردن توجهت عبر سيارات النقل ومعي إبنتّي نوار وايار الى العراق حيث بغداد القلب والروح بغداد وكان معي في سيارة النقل ثلاثة من العراقيين رجال من مدينة الفلوجة البطلة وحين وصلنا الى منطقة معينة من الطريق الرابط ما بين الرمادي وبغداد خرج لنا مسلحون وأوقفوا السيارة وكلمهم أحد الرجال وهو شيخ وجيه واشار إلينا فكان ان تركنا المسلحون وذهبوا ثم سلكت السيارة بنا الطريق المؤدي الى الفلوجة حيث ترجل منها الشيخ الوجيه والرجلان اللذان معه واوصى السابق بأن يوصلني الى بيتي ويطمئنه على سلامتي وبناتي، وودعنا وذهب وأوصلنا السابق الشهم أبن الفلوجة البطلة وغادر، حين ولجت البيت بكيت لأني هناك فقط ورغم الحرائق التي طالعتني طيلة مسيرتي في الطريق البري الرابط ما بين الاردن وبغداد، ولاسيما وانا أرى الجنود الامريكان وهم يقفون على الحدود العراقية والتي كانت أبوابها مشرعة لمن هب ودب !! حتى وصولي الا اني لم أشعر بالأمان الا في بيتي في بغداد في العراق، وطني، ولن تمُحى من ذاكرتي تلك الأوقات المعجونة بالأسى والخوف والألم ..

 جزء من عملية البناء الحضاري للدولة ومؤثر فيها، هو الفن والثقافة بشكل عام، كيف تنظرين الى المؤسسة الثقافية الأن أو ما الذي كنت تتأمليه منها بخصوص موقفها من الفنان والمثقف؟

- الثقافة والفنون هي صمامات امان لحفظ مجتمع و تعزيز أسس الدولة المدنية وهي الوجه الحضاري للأوطان لذا فوجودها وتكريسها ورعايتها ضرورة حضارية وإنسانية وطالما تفاخرت الدول بأسماء وإنجازات فنانيها وكثيرا ما شهدنا وقفات تضامنية واحتجاجية للفنانين والمثقفين في العالم اجمع مع مجتمعاتهم ومع شعوبهم في الدفاع والتعضيد من اجل قوانين تحفظ للبشري حريته وتحمي أدميته ، الفنان والمثقف هما ضمير المجتمع ولسان حاله لذا ينبغي رعايته وتلبية احتياجاته ومنحه موقعه الذي يليق به في المناصب والادارة والاستشارة وان يكون فاعلا ومساهما في بناء الدولة المدنية والتي تقوم أسسها على الحرية والعدالة الاجتماعية و المساواة في توزيع الثروات وتكافئ الفرص ، في العراق لا صوت ولا فعل لهذه المؤسسات لأنها بالأساس مسلوبة الصلاحية محجمة الارادة في تنفيذ القوانين وابتكار الحياة الإبداعية ، المؤسسات الثقافية و الفنية لا تتمتع بالحرية بل تتبع التوجيهات والتعليمات من أصحاب المناصب المهيمنين على القرار والذين في اغلبهم لا يعرفون قيمة الفنان او المثقف او من الذين ينظر إلى هذه الشريحة نظرة المتعالي والمتفضل !! حين تم تتويجي في تونس وقبلها بعام كنت قد فزت بجائزة أبو القاسم الشابي للتأليف المسرحي في حلقة تنافس تضم ٤٩ كاتبا عربيا وبعدها في ٢٧ / ٣ / ٢٠٢٢ حين منحتني وزارة الثقافة الفرنسية وسام الآداب والثقافة بدرجة فارس لم يبادر اي من المؤسسات الثقافية بتقديم التهنئة والاحتفاء عدا قناة الشرقية ودائرة السينما والمسرح حين احتفت بمنحي الوسام اما الباقون فقد كانوا مثل اهل الكهف غارقون في سبات عميق !! لم تقدم المؤسسات ألفنية والثقافية اي دعم او رعاية الا حين تتطلب مصالحها ذلك ، مشروع الفنان ومشروع المثقف مرهون برضى تلك المؤسسة والولاء لذلك المتنفذ صاحب المنصب ونحن مثل مركب يبحث عن مرفأ كي يرسو ومن ثم ينجز وما إنجازه الا أضافة وبناء في تراث وحضارة وطن !! لذا أغلب من يتحرك الان ويحاول ان يعمل فبجهود فردية وبطرق للأبواب فلا غرابة ان نطرق أبواب المعهد الفرنسي في بغداد ومعهد غوته في العراق وبعض المنظمات الدولية والقنوات الفضائية كي يوفروا لنا ما نحتاج من دعم ، المبدع يحتاج إلى دعم الدولة ورعايتها كي يعمل ويمنح مشروعه الحياة وهذا واجب الحكومات وليس فضلا منها او مِنة يجب أن توضع في الموازنة السنوية ميزانية للفنون والثقافة تمنح العافية وتفتح شهية الأمل للأبداع والعمل ، في حين تسرف الحكومة العراقية في تخصيص الرواتب والنثريات لرواتب المسؤولين ومكاتبهم والعاملين لها ومعها ، الفساد آفة تنخر في أسس الدولة العراقية والحكومة عاجزة ومتهالكة في قراراتها والضحية نحن شريحة المثقفين والفنانين والكادحين من أبناء الشعب العراقي في بلد نفطي وغني بثرواته وهي الان أي الحكومة تكتنز على ما يزيد عن ٢٦ مليار دولار من زيادة إيرادات النفط عدا إيرادات المنافذ الحدودية وهم يضعون الخطط لاستثمار هذه المبالغ لصالحهم وليس لصالح الوطن والمواطن وخطط الأعمار والبناء والتطوير والاستثمار والله المعين على ما نحن فيه من بلاء !!

 كان لك حضور بارز انت ومجموعة من الفنانين في حراك تشرين.. ما الذي قدمتيه لهذا الحراك، بما يوازي حضورك المبكر فيه؟

- ثورة تشرين هي رهان للسياسيين على موت الوعي لدى الشباب العراقي بفعل السوشيال ميديا وكل الانفتاح للسموات السبع على مجتمع لم يعرف سوى قناتين تلفزيونيتين تبثان الاخبار والبرامج، وفجأة وبعد الغزو الامريكي انهمرت على العراقيين وسائط ووسائل للتلقي والتواصل لم يعهدوها في التعامل من قبل وأصبح العالم أمامهم قرية صغيرة يتجولون فيها وقد عمل البعض من التابعين للاحتلال الامريكي للعراق على تشويه وتسخيف الحضارة العراقية والرموز التراثية والوطنية ثم لم يكتفوا بذلك لأجل طمس الهوية الوطنية فعمدوا الى بث روح الفُرقة و الطائفية فيه وقتها وبالذات في العالم ٢٠١١ تحولت البوصلة وأثبت العراقيون ان الجذر العراقي أصيل وراسخ في طينه وان دجلة حقيقة وان الفرات نهج حينها انبثقت الانتفاضة وتوسعت وحاولت السلطة قمعها الا أنها ترسخت واستمرت حتى نهاية العام ٢٠١٩ وبفعل القمع والقسوة وكورونا توقفت لكنها لم تخفت ولم تمت كما أشاع و توقع البعض بل هي جذوة متقدة تلهبها رياح الفساد والقهر ، ثورة تشرين فخر للعراق لأنها أكدت ان هذا الشعب ومن خلال شبابه الواعي قادر على تركيع الطغاة وفرض إرادته ولقد ضحى الشباب ومن معهم من ناشطين ومناصرين بحياتهم لأجل ان تنتصر ثورة تشرين وقد انتصرت لأنها غيّرت المفاهيم وارغمت السياسيين على أعادة النظر في سلوكهم وتعاملهم وقراراتهم واحترام إرادة الشعب ، لقد كنت في صفوف الشباب منذ اليوم الأول من العام ٢٠١١ في ٢٥ / ٧ مررت بفصول مختلفة من برد ومطر وحر واعتداءات وتهديدات مبطنة وحتى إحالتنا قسرا للتقاعد انا والأستاذ عزيز كانت بمثابة عقوبة لنا ! حاولت مع الاستاذ عزيز من خلال بث الاهازيج والمساعدات العينية ان أديم هذا الزخم الشبابي وأعضده ، ونجحت مع الاستاذ عزيز في تقديم عرض مسرحي لأهازيج واشعار تصب في أهمية الانتفاضة وضرورتها وقد تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة ، كان لي الشرف في التواجد والتواصل مع شباب ثورة تشرين وحين طلبني الفنان الكبير حسن حسني للعمل معه في مسلسل ( العدلين ) للشاب مصطفى الركابي عملت معه وانا سعيدة لان العمل الدرامي ينتخي لثوار تشرين ويكون بمثابة وثيقة تدل على صدقهم تضحياتهم وبطولتهم، اسخر ممن يصف ثوار تشرين بأنهم أبناء السفارات ! ويتناسى ان اغلب السياسيين العراقيين الذين يقودون العراق جاءوا من مؤتمر عقد في دولة اوروبية وكانوا بصحبة قوات التحالف التي غزت العراق حين حطت أقدامهم على أرض السواد!! ويحضرني قول السياب العظيم :

إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون !

أيخون إنسان بلاده ؟

أن خان معنى أن يكون فكيف يمكن أن يكون !!

تشرين ثورة لشباب العراق جعلت العالم بأجمعه يلتفت الى العراق وأعطت شعوب الارض مثالا على الارادة والتضحية وما زالت متواصلة رغم كل البلاء الذي يتعرض له العراق والا هل رأيت بلدا تصب عليه الكوارث كالعراق، الكورونا والكوليرا والحمى النزفية وداء الكلب وجفاف الانهر ونفوق لثروته الحيوانية و حرائق لحقوله ومزارعه ونهب ممنهج لثرواته ومع كل هذا لا يقطع جذره ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram