محمد حمدي
قدّم صديقي الإعلامي الرياضي اعتذاره أمام الجميع بعد أن كان من أشدّ المتحمّسين والمناصرين لاتحاد الكرة وقوّة وروح الإرادة لديه في التغيير أو التبدل نحو عالم الاحتراف أسوة بدول العالم الأخرى التي قطعت أشواطاً طويلة وتركتنا خلفها في محاولات اللّهاث البائسة،
نعم قدّم اعتذاره فور إعلان اتحاد الكرة مصير الدوري الممتاز ودوري المحترفين، التي شكّل ملفّهما مُشكلة كبيرة أكبر من حجم الاتحاد فيما يتعلّق بمسابقته للموسم الأخير 2021-2022 وآلية تطبيق رؤيته للموسم التالي، وانهيار عزمه أمام ردّة الفعل القوية نظراً لتمسّك الأندية المعترضة بالنظام الأساسي الذي أعتمد آلية الصعود والهبوط وفقاً لتصويت الهيئة العامة، ولم يحصل أي تعديل بشأنها وفقاً لاجتماع الاتحاد الأخير.
فقد وجد الرجل أن عملية التبرير التي مرّت في الاجتماع ما هي إلا محاولة للهروب بأقل الخسائر وحفظ ماء الوجه على أن أي شيء لن يحصل، وكان على الاتحاد أن يحترف عمله الإداري والتسويقي للعمل بقانون ملزم لا يكون أداة طيعة أمام ضغوط ورغبة الهيئة العامة ومن يمثلها بأقوى الأصوات.
وبالعودة الى القرار الجديد ومناقشته بهدوء سنرى أن الاتحاد يحاول إرغامنا على التصديق أن الكرة اليوم هي في ملعب الاتحاد الآسيوي الذي يلزمنا بتطبيق نظام الاحتراف، ووفقاً لحديث رئيس اتحاد كرة القدم (أن الاتحاد مُلزم بتطبيق معايير التراخيص لبطولتي الدوري الممتاز المُقبل ودوري الدرجة الأولى، مع اعتماد مشاركة الأندية التي ستتخطّى معايير التراخيص للموسم الجديد، على أن يكون تطبيق دوري المحترفين في الموسم بعد المقبل أي 2023-2024، وأن الاتحاد سيعتمد نظام المسابقات لعام 2020-2021 في تحديد عدد الفرق، مع الإشارة إلى اعتماد لائحة جديدة للموسم المقبل شريطة ألاّ تتعارض معايير التراخيص وعدد فرق الدوري الممتاز مع النظام الأساسي، مؤكّداً أن اجتماع الهيئة العامة لاتحاد الكرة سيُعقد في كانون الأول 2022 ويتركّز على تعديل النظام ومُراعاة آلية دوري المحترفين).
وهنا يكمن السؤال الذي يعلم الجميع أجوبته وإن حاولنا غمر رؤوسنا في الرمال ، فأي الأندية يملك منظومة احترافية في الإدارة والتسويق ومراعاة القوانين النافذة، وأية إشكالية ستوجب تضمين الإنصاف في الرؤيا والعدالة بين الأندية المؤسّساتية والأخرى الفقيرة؟ وأين هي البُنى التحتية التي ستوثّق بالموافقة الرسمية من لجنة التراخيص الآسيوية؟
جميعنا يعلم فُقر الحال وبؤس الأندية وخضوعها لأمزجة المتنفّذين ممّن يُقرّرون استمرارها من عدمه، وحتى الملاعب الجديدة التي تملكها وزارة الشباب وتُؤجَّر الى الأندية لا تخضع هي الأخرى للبنود القانونية الواضحة في الاستثمار وسرعان ما تعزف الأندية عن اللعب بها، وأن تكن قد قدّمتها رسمياً باسمها، ولدينا نماذج كثيرة كانت تحصيلاً حاصلاً ومفروغ منها لاستمرار عجلة الدوري بملاعب بائسة لا تصلح حتى لمباريات الفرق الشعبية.
المشكلة في منظومات اتحاد الكرة المتعاقبة ترى نفسها وفقاً لنظرية من ينظر الى الآخرين من قمّة القلعة ويُبعد نفسه عن المساس المباشر بالمسؤوليات الأهم التي تقتضي تواجده واحترافه في الحلّ، ومنها ما نراه اليوم من تبدّل في طروحاته إزاء شكل ومضمون الدوري وعدد الفرق الهابطة، ومن ثمّ التراجع الى المربّع الأوّل بأعذار تراخيص الاتحاد الآسيوي التي لن تطبّق وجميعنا يعرف ذلك، وليحصل ما يحصل فما يهمّ الاتحاد تواجد المنتخبات الوطنية في المقام الأول جميع المشاكل الأخرى ثانوية بعيدة، حتى تلك التي تتعلّق بحكّام الكرة ونعلم جميعاً عُسر وعُقم شكواهم المتوارثة مع أنها لا تقتضي كلّ تلك التعقيدات، هنا تسكن العبرات ونقبل اعتذار زميلنا العزيز.