 ذي قار/ حسين العامل

كشفت جمعية متخصصة عن فقدان 70‌‌% من سكان اهوار الناصرية لمصدر عيشهم الوحيد بسبب الجفاف، وفيما اشارت الى انضمام 5 آلاف صياد مجاز وآلاف غيرهم الى جيش العاطلين عن العمل، اكدت نزوح وهجرة المئات من مربي الجاموس باتجاه شمالي المدينة.

وقال رئيس جمعية الصيادين في هور السناف، ناجي رحيم السعيدي في حديث مع (المدى) ان «هور الحمار ايمن الفرات الممتد من قضاء سوق الشيوخ في جنوب الناصرية الى قضاء المدينة في البصرة اخذ بالجفاف ولم يتبقَ منه سوى مجرى المصب العام الذي ينقل مياه المبازل الملوثة».

وأضاف السعيدي، ان «الجفاف شمل أيضاً الاهوار الوسطى التي تضم هور العكر وهور (15) وجزءا من اهوار قضاء الجبايش».

ولفت، إلى أن «48 كم من مناطق اهوار الجبايش والمناطق المحاذية لها تعرضت هي الاخرى للجفاف ونفقت فيها الأسماك».

وشدّد السعيدي، على أن «مناسيب المياه انخفضت الى أدنى مستوياتها في الانهر والروافد المغذية للأهوار وان نسب الاملاح والتلوث باتت مرتفعة جداً».

أفاد، بأن «المياه الشحيحة الواصلة الى بعض مناطق الاهوار لا تصلح للاستهلاك البشري وحتى الحيواني».

نوه السعيدي، إلى أن «ذلك تسبب بظاهرة نفوق الاسماك التي اخذت تتفاقم منذ أكثر من شهر وهو ما ادى الى فقدان الصيادين لمصدر رزقهم الوحيد».

ولفت، إلى أن «سوء ادارة الموارد المائية تسبب ليس بحرمان الصيادين وحدهم من فرص العمل وانما شمل العاملين في الصناعات الحرفية الذين يعتمدون على نباتات القصب والبردي في اعمالهم اليدوية وغيرهم من السكان المحليين».

واكد السعيدي، أن «سكان الاهوار يواجهون انهياراً اقتصادياً كبيراً»، منوها الى ان «70 بالمئة من سكان اقضية سوق الشيوخ وكرمة بني سعيد والجبايش يعتمدون في معيشتهم على مهن ترتبط بمياه الاهوار وبجفاف الاهوار، فقدوا مصدر رزقهم الوحيد وباتوا في مهب الريح».

ونوه، إلى أن «مصدر معيشة وارزاق سكان الاهوار يعتمد على مياه الاهوار وبانقطاعها يفقد الجميع فرص عملهم وتنقطع ارزاقهم».

وأفاد السعيدي، بأن «الكثير من صيادي الاسماك حاليا اخذوا يبيعون اثاث منازلهم ليوفروا لقمة العيش»، لافتا الى ان «هناك 5 آلاف صياد مجاز معظمهم فقدوا عملهم».

وتحدث، عن «إطلاق استغاثات متكررة لإنقاذ ما تبقى من الاهوار لكن دون جدوى»، وأعرب عن استغرابه من «السياسة التي تعتمدها الحكومة في ادارة ملف الاهوار والموارد المائية».

بالتزامن مع الذكرى السنوية السادسة لانضمام الاهوار إلى لائحة التراث العالمي دعا مسؤولون ومنظمات بيئية في ذي قار يوم (17 تموز 2022) الحكومتين المحلية والمركزية الى اعلان الاهوار منطقة منكوبة، وفيما أكدوا جفاف معظم مناطقها ونفوق الاسماك والكائنات الحية ونزوح سكان القرى ومربي الجاموس، طالبوا باستحداث هيئة عليا لإدارة الملف ترتبط بمجلس الوزراء.

ويواصل السعيدي، أن «مربي الجاموس باتوا يعانون هم ومواشيهم، وان الكثير منهم اخذ بالنزوح الى مناطق قلعة سكر والنصر والشطرة واعالي الفرات ومحافظات أخرى، فيما اخذ البعض منهم ببيع ما يملك من المواشي وينفقه على اسرته».

وفيما أكد أن «75 بالمئة من مربي الجاموس اخذوا بالهجرة والنزوح»، دعا «الجهات والوزارات المعنية الى الوقوف ازاء مسؤولياتها تجاه الاهوار وسكانها واسعافها بإطلاقات مائية طارئة لإنعاش الحياة التي اخذت تحتضر»، واصفا الوزارات المعنية بالميتة «التي لا تسمع صرخات ونداءات المستغيثين».

ويرى السعيدي ان «المسؤولين في الحكومتين المحلية والاتحادية لم يلتفتوا الى الكارثة التي تمر بها مناطق الاهوار حتى انهم لم يكلفوا أنفسهم بزيارتها وتفقد اوضاع الناس والوقوف على معاناتهم».

وشدد، على «ضرورة إطلاق حملة انقاذ طارئة لسكان الاهوار والعمل على دعمهم وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم وشمول من فقدوا فرص عملهم بمنحة الحماية الاجتماعية».

وتعد مهن صيد الأسماك وتربية قطعان الجاموس والصناعات الحرفية الأخرى المصدر الاقتصادي الرئيس لسكان أهوار الناصرية، وغالباً ما يتعرض العاملون في هذه المهن الى التهديد بمصادر رزقهم والبطالة إثر كل موسم جفاف تمر به مناطق الأهوار.

وكان المدير الإقليمي لمنظمة طبيعة العراق المهندس جاسم الأسدي قد ذكر في حديث سابق إلى (المدى)، أن «المناطق المغمورة في الاهوار لم يتبق منها سوى تلك القريبة من عمود الانهر الرئيسة»، متوقعا ان «تكون الايام القادمة أكثر سوءاً».

وتابع، أن «مربي الجاموس وصيادي الأسماك وجامعي الحشائش هم الشرائح الاكثر تضرراً من أزمة المياه وجفاف الأهوار».

ويواصل الأسدي، أن «تردي نوعية المياه الناجم عن الشحة تسبب بانتشار الأمراض بين قطعان الجاموس وهلاك البعض منها»، مؤكداً أن «نسبة الأملاح ارتفعت الى 20 ألف جزء بالمليون في مناطق الأهوار الوسطى وهور الحمار الغربي».

ونوه، إلى أن «سكان الأهوار يطالبون بتقليل الضرر عبر زيادة الاطلاقات المائية لمناطق الاهوار وتطهير وكري الأنهر المغذية لها فضلاً عن التوزيع العادل للمياه وفق الخطة المعتمدة من قبل وزارة الموارد المائية».

وطالب الأسدي، بـ «دعم اصحاب قطعان الجاموس بالأعلاف المركّزة عبر وزارة الزراعة ونشر فرق بيطرية لمكافحة الامراض والاوبئة الناجمة عن تلوث المياه».

وتشكل الأهوار خمس مساحة محافظة ذي قار وهي تتوزع على عشر وحدات إدارية من أصل 20 تضمها المحافظة، إذ تقدر مساحة أهوار الناصرية قبل تجفيفها مطلع تسعينيات القرن الماضي، بمليون و48 ألف دونم، في حين تبلغ المساحة التي أعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50 بالمئة من مجمل المساحة الكلية لأهوار الناصرية إلا أن هذه المساحة المغمورة سرعان ما تتقلص بصورة كبيرة بعد كل أزمة مياه تمر بها البلاد التي كانت توصف ببلاد الرافدين لما تتمتع فيه من وفرة مائية اخذت تتراجع مع تحكم دول المنبع بالإطلاقات المائية وتقليصها بصورة كبيرة خلال العام الحالي والاعوام المنصرمة.