عبدالله السكوتييحكى ان كهلا مختل العقل يمتلك لحية كثة، رأى اطفالا يلعبون في الشارع ، فعرض عليهم ان يلعب معهم فأبوا ولم يتقبلوا الامر ، عندها جلس الرجل على قارعة الطريق وراح يبكي ، فمر به احدهم وسأله عن سبب بكائه فقال : ان هؤلاء الاطفال لايرضون ان العب معهم ، جاء الرجل وسألهم : لماذا لاترضون بهذا الشيخ لاعبا معكم؟ فردوا بصوت واحد وتوجهوا الى الشيخ :
(زيّنها والعب ويّانه ) ، اي احلق هذه اللحية الكثة كي تكون مثلنا غير ملتح ومن بعدها سنرضى بك لاعبا معنا . كثير من اللحى مباركة وتعرف الحق وتميزه عن الباطل ولاتخلط عملا صالحا بآخر غير صالح ، لكن بالمقابل هناك الكثير من اللحى الشيطانية التي مازالت تحاول جاهدة ان تضع معاول الهدم في بنية الشعب العراقي عن طريق اعادة اجترار التاريخ بشكل مريب وقراءته قراءة من طرف واحد ، مايؤدي الى تشكيل وعي شعبي مليء بالضغينة والكره ، نحن نعلم انه لايمكن نشوء حضارة او دولة مترامية الاطراف او حتى امبراطورية دون اخطاء او تجاوزات ، والدين الاسلامي كغيره من الافكار تعرض الى ظهور طبقة سلطوية نمت تحت اجنحة الدين لتضمن وصولها الى السلطة عن طريق هذا الثوب ، ومن تصدى للسلطة قبل ظهور الاسلام تسلم السلطة بعد ان ركز الاسلام قوائمه واصبح يحكم جغرافيا امبراطورية تعدت الحجاز والعراق ، لقد رافقت الاسلام بعد ظهوره بقليل الانانية وحب الذات وتنصب اباطرة باسم الدين وملكوا رقاب الناس ، فيما تم تحييد الطبقة التي باشرت الثورة ولذا لم نر عبدا من العبيد الذين قاتلوا في سبيل الاسلام صار عاملا وانحصر الامر في الطبقات المسيطرة قديما ، وبقي ثوار الاسلام الاوائل منفيين يموتون غرباء نتيجة لموقفهم المناهض لليمين الاسلامي المسيطر ، وهذا ماجرى في الافكار الوضعية فغالبا مانلاحظ ان صنّاع الثورة يحيّدون وينزل الى الساحة الطبقة المتسلطة من اصحاب المال والنفوذ او الطبقة السياسية المسيطرة من المثقفين ، مايعني ان الاوليغاركية متنفذة وتصاحب دائما ظهور الافكار التي يدفع ثمنها دائما البسطاء من الناس ، هؤلاء يضعون تنظيراتهم واموالهم في خدمة الفكر وينتظرون ظهور النتائج ، وهم آمنون عند اكتشاف الحركة او الحزب السري من قبل السلطة الحاكمة ، قبائلهم المتنفذة واموالهم تستطيع انقاذهم فهم غالبا مايخيرون بين التنازل عن الفكر او السفر خارج البلاد ، وهذا ثابت تاريخيا حين كان ابو ذر الغفاري يسب المشركين كانوا يضربونه ويوجعونه ، ولا احد يدفع عنه الحيف لانه فقير وليس له قبيلة تنصره ، عاش مناضلا وبعد حكم الاسلام نفي مناضلا ايضا . هذه الطبقة المتسلطة والتي تحصد النتائج الرابحة دوما لايخلو مجتمع منها ، وحتى في الاحزاب الاشتراكية المتفائلة كانت هذه الطبقة موجودة ومؤثرة ؛ ونحن الان امام تسلط النخب السياسية التي تحاول تجيير التغيير الذي حدث في العراق باسمها ، كانوا بين خفايا الاحزاب وفي سطورها غير المقروءة وهم الان في الواجهة ، ولايريدون حلق لحاهم ليلعبوا في الساحة ، ولذا نرى نشازا كبيرا داخل العملية السياسية ، ومن يستطيع ان يقرأ هذه الخلطة العجيبة ، لقد انضوى المثقف الديني تحت جناح التيار المتشدد وصاروا يتكلمون بلسان واحد ؛ونحن لانطالب بحلق جميع اللحى ولكن نطلب من الذي ينبري للدخول الى عالم السياسة والحكم ان يتحلى بحدود هذه السياسة والايبقى مرتبطا يأخذ اوامره من هنا اوهناك ، وهذا كله من اجل عموم الشعب ، حيث يضع السياسي الجديد الذي خرج من رحم الدين قواعده الجاهزة جانبا ويمارس عمله السياسي بشكل متحضر بعيدا عن خزعبلات التاريخ وارهاصاته الكثيرة ، لان مايجري حاليا هوالانصياع لقواعد الدين وعدم تقبل الاخر على اساس عقائدي لايظهر للعلن ولكنه تفكير سائد لدى جميع المثقفين الدينيين .
هواء فـي شبك ..(زيّنها والعب ويّانه)
نشر في: 9 يوليو, 2010: 08:51 م