TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حييَت سفحك عن بعد ...

حييَت سفحك عن بعد ...

نشر في: 10 يوليو, 2010: 04:49 م

د. مهدي صالح دوّايمن وسطي نهر (السين) وباريس عرفت أكثر قصيدة ألجواهري دجلة الخير، بعدما ردّدناها منذ الطفولة بلا تأمل، وأي نهر يشبهها ، فهي المتحرك الوحيد شاهدا" على مواضينا ، وفسحة أملنا النقية بمائها. لم انبهر وانأ القادم من دجلة.
 انه انبهار باستثمار (السين)، فصباحات باريس واماسيها متجهة نحوه معماريا"، وأنت جالس في مراكبه تجذبك ( بانوروما )البنايات العتيقة لتقرا التاريخ بعينيك وما أعظمه من حفظ يومي للذاكرة، و الاخضرار على جنباته يعطي للمذاقات طعمها ، في حين تلتقط ألاف الصور لتؤكد يوميا" بقاء هذه الحاضرة ، وعلى الأرصفة زحمة السياح تديم شريان الدفق المالي لبلدية باريس ، انه مصنع طبيعي، يطل عليه برج إيفل ليزيده ثراءا"، وتكتمل به لعبة السياحة الذكية.rn rn rn rnلقد تركت في نفسي تلك الأبيات الجميلة أثرا" إيقاعيا" جميلا" ، أما اليوم فأجدها مدّعاة للأثر السياحي المفقود ، فمازال الشعر ديوان العرب ، ومصدرا" لتذوق طعم الأمكنة مهما طالها الإهمال والزمن ، قبل قرون وعقود كانت حاضرة بغداد متجهة إلى دجلة ، وهو اتجاه فطري نحو مصدر الحياة ، فكيف نغادر الحياة وفينا دجلة ننام ولاينام جريانها ؟ إنها المصدر الطبيعي لوحدتنا التاريخية ، والجغرافية الأجمل في بلد افتقد البحار والبحيرات ، فهي ملتقى أرحب للإبداع  والنظر إلى المستقبل .إنها دعوة للجهات التشريعية للأخذ بيد ( أم البساتين ) ، دعوة للمهندس المعماري ، والفنان ، ورجل الأعمال ، والإعلامي ، وللجميع أن تتكلم تخصصاتهم إبداعا" لدجلة ، فما جدوى علومنا وكنوزنا لاترى النور، فالعالم اليوم يتسابق نحو استثمار كل شيء من لاشيء ، فما بالنا وكل الأشياء نمتلكها ، فدجلة وحدها بحاجة إلى خطط سنوية وخمسية وعشرية ، فهذا النهر العظيم قادر على إنهاض المدن والقضاء على البطالة ، وتنويع الاقتصاد العراقي ، وتحقيق التنمية البشرية المستدامة ، ومكافحة التصحر ، وتحقيق الأمن الغذائي ، والانتقال بالعراق نحو مصاف الدول المتقدمة .    إن خصوصية هذا النهر تجبرنا أن نعمل على تعظيمها ، فشحة المياه تقودنا إلى تنظيم استخدام هذه الثروة ، فالمشكلة ليست دائما" بالندرة وإنما بكفاءة الإدارة ، فالعالم اليوم قطع شوطا" هائلا" في ابتكار وسائل التقنين الاروائي بما يتيح الاستخدام الأمثل للمياه والتربة ، إضافة إلى ما أتاحته التكنولوجيا من إمكانيات التوسع بالإرواء عن طريق شق القنوات الحديثة وتوسيع الأحزمة الخضراء ، وبالتالي تحسين الإمكانيات البيئية للبلد . أما الخصوصية السياحية للنهر فتعد من الميزات الخاصة للعراق ، فجغرافية مسار النهر تمتاز بالتنوع الديمغرافي والاجتماعي والمناخي ، مما يجعل من فكرة الاستثمار السياحي له في غاية الأهمية ، وعند استراحته ببغداد يمكن إطلاق مشاريع النقل السياحي النهري وإحياء المرافق السياحية على ضفتيه ، فالمقطع الطولي لدجلة عند بغداد يفوق نهر السين بمرة أخرى ، مما يتيح افقا" رائعا" لتأمل الأمكنة ، وما يعزز هذه الرؤية إمكانية التوظيف الجمالي للنافورات المائية المستوحاة من تاريخ بغداد الزاخر ، وقد أتاحت التكنولوجيا المعاصرة فرصا كبيرة لزرع النباتات وهندسة الحدائق ، بما يؤمن  الصورة الطبيعية لوظيفة النهر .    لم يكن إعجازا" ما أراه في ( السين ) وإنما خطوات منظمة ومتراكمة عبر الزمن نحو الاستثمار السياحي له ، انه بتعبير آخر هوية باريس عبر الزمن ، فما أحوجنا لترسيخ هذا المبدأ الحضاري في موطن الحضارات فعلى بعد عشرات الأمتار من غفوة السين تشمخ مسلة حمورابي وآثار أكد وآشور وسومر ، فمتحف اللوفر حفظها بدواعي الاستثمار السياحي ، في حين أن شخوصها قد ارتوت من مياه النهر الرمز ، من هنا تظهر الخصوصية الحضارية لدجلة ، فعن أي نهر معطاء نتكلم ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram