حازم مبيضينيعرف كل من له بي صلة أنني لست معجباً لا بصدام حسين ولا بالحقبة التي حكم فيها العراقيين،لكنني مندهش من ردة الفعل السلبية تجاه قرار حذف أسمه من كتب التاريخ في المناهج الدراسية في العراق،لان ذلك في الواقع لن يغير في التاريخ شيئاً،
ولو كنا نحذف كل من قاموا بادوار سلبية لما كنا نعرف اليوم شيئاً عن نيرون وأبو جهل وهتلر،ويقيني أنه كان على متخذ القرار إدراك أنه لا يصنع التاريخ إيجاباً أو سلباً لان صناع التاريخ ليسوا مقرري المناهج الدراسية،وإنما الذين قاموا بالفعل سواء لمصلحة شعوبهم أو البشرية بصفة عامة – وصدام ليس منهم – أو الذين حاولوا تطويع الأحداث لمصلحة شخصياتهم التي تتسم عادة بجنون العظمة والنرجسية المطلقة.المناهج المدرسية في العراق يجب أن لا تغمض عينيها،وتسقط من ذاكرة الأجيال الجديدة الفترة التي حكم فيها صدام،وكان الأجدر بها ألا تشخص أحداث التاريخ وتختزلها بشخص واحد، فالتاريخ يهتم بحركة الشعوب والمجتمعات، والإنسان العادي يصنع التاريخ يوميا من خلال موقعه في المجتمع أيًّا كان، صحيح أن فترة حكم صدام تشكل حقبة تاريخية من تاريخ العراق، ولكن هذا لايعني ان تختزل هذه الفترة بشخصية صدام وحده، لان ما تركه في العراق تركة ثقيلة، لم يكن فيها جوانب مشرقة، وتميزت بالطغيان والجبروت والدكتاتورية، وكان على واضع تلك المناهج التمييز بين تاريخ صدام وبين تاريخ العراق.والسؤال هو كيف نسقط اسمه إن أردنا الحديث عن معاهدة الجزائر التي وقعها مع شاه ايران عام 1975 ،وكيف نتجاهله ونحن نتذكر غزو الكويت والتداعيات الناجمة عن ذلك ومن يمكنه عدم ذكر اسمه حين يتناول الحرب مع إيران التي ابتلعت مئات الألوف من مواطني البلدين ؟ وأليس من واجبنا أن نعلم أبناء قتلى تلك الحرب عن الذي أشعل نيرانها وكيف نتجاهله ونحن نؤرخ لضحايا الأنفال وقصف حلبجه الكردية بالكيماوي،وليس صحيحاً أن حذف أسمه من كتب التاريخ هو عين العقل وعين المنطق، فأن يحتل إنسان موقعاً في التاريخ، لا يعني أنه يستحق التمجيد ولعل الأكثر صواباً هو تعليم الأجيال الجديدة أن من لم يكن حريصاً على شعبه سيلقى النهاية التي لقيها صدام. صحيح أن اسم صدام اقترن بحقبة معقدة على كافة المستويات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية وأن تأريخ فترة حكمه سيكون مصدر خلاف، ولكن الصحيح أيضاً أنه لابد من تعريف التلاميذ بالديكتاتورية وما تجر من كوارث على المجتمعات ليتبين لهم مضار ممارسة كهذه، وسيعرفون تماماً طبائع النظام الذي تولى إدارة وطنهم وأوصله إلى هذه الحالة من الفوضى والتمزق. وصحيح أيضاً ضرورة أن تستنتج كتب التاريخ الدروس والعبر من الأحداث، وان يتصدى القائمون على هذه المناهج لتوضيح بعض التفاصيل ليدرك الطالب قيمة السلوكيات الخاطئة او الصحيحة والاستفادة منها، ليكون ممكناً تعليم الأجيال المقبلة قيم الحرية والديمقراطية واحترام الرأي الآخر والتسامح،وباختصار غير مخل تعليمهم كل القيم التي عمل صدام ضدها،ونبذ كل الأفكار الممسوخة التي حاول زرعها في المجتمع العراقي.وفقط لنتصور طالباً عراقياً درس التاريخ في الجامعات العراقية ولم يعرف شيئاً عن صدام ثم قرر الحصول على دراسات عليا في بلد آخر غير العراق،كيف سيكون موقفه أمام أساتذته وزملائه الطلاب وهو لا يعرف شيئاً ولعله لم يسمع أبداً بصدام حسين ؟
كلام ابيض..كتب التاريخ ليست للعظماء وحدهم
نشر في: 10 يوليو, 2010: 04:50 م