ثائر صالح
تبلور شكل جديد من أشكال الموسيقى هو موسيقى الألعاب الألكترونية، اسوة بموسيقى الأفلام أو الموسيقى المصاحبة للفن المسرحي.
بدأ هذا الشكل بالظهور بشكل بدائي في سبعينات وثمانينات القرن العشرين مع انتشار الألعاب الألكترونية، وكان مقيداً بالمستوى التقني لتلك الفترة لكن هذا تطور مع تطور علوم الكومبيوتر حتى وصل اليوم إلى فضاءات مفتوحة من ناحية نوعية الصوت (4K) بالتوازي مع تحسن نوعية الفيديو، واحتل هذا الفن موقعاً منفرداً خاصاً به بعد ظهور مؤلفين متخصصين به.
في البداية اعتمدت موسيقى الألعاب على ميلوديات بسيطة، كما اقتبس مصممو الألعاب أحياناً من الموسيقى الكلاسيكية (باخ أو ديبوسي أو ساتي) بما يلائم مضمون اللعبة، أما اليوم فلا توجد حدود لتأليف الموسيقى. تتداخل هنا مختلف أنواع الموسيقى: موسيقى إلكترونية، شعبية، أغاني الفايكنغ، أغاني القرون الوسطى، جاز، كلاسيك بأنواعه، بوب، موسيقى لاتينية وكل ما يخطر على البال، حسب حاجة اللعبة. وهناك منحى للبحث عن موسيقى الحقبة والمنطقة التي تدور فيها أحداث اللعبة وتقديمها بشكل واقعي. ينتشر على العموم استعمال موسيقى تشبه في طابعها موسيقى هوليوود كتلك التي يستعملها جون ويليامز في أفلام سبيلبرغ الشهيرة، وهي تعتمد على هضم وتمثيل كل التراث الموسيقي الغربي وبناء موسيقى جديدة عليه. وسجلت فرق عالمية مشهورة موسيقى الألعاب منذ وقت مبكر منذ الثمانينات مثل فرقة لندن الفيلهارمونية أو فرقة طوكيو الفيلهارمونية. وليس أقل دلالة على أهمية هذا الشكل الموسيقي الجديد من إدخال العديد من الأكاديميات الموسيقية المرموقة موسيقى الألعاب كمادة تدريسية ضمن مناهجها منذ أكثر من عقدين، مثل كلية بركلي الشهيرة في نيويورك.
وكثيراً ما تكون الموسيقى المصاحبة للألعاب الموسيقية تفاعلية (interactive) أي أنها تتغير بحسب الموقف، فيتغير إيقاعها أو طبيعتها وفقاً للموقف الذي يتعرض إليه اللاعب. وقد وصل التطور التقني مراحل متقدمة تسمح بهذا.
بالمقابل تبرز بقوة فئة جديدة تعتمد المؤلفات الموسيقية الأصيلة المكتوبة خصيصاً لهذه الألعاب، وهذا دعا منظمي أمسيات البرومز اللندنية الشهيرة إلى تنظيم أمسية خاصة بمؤلفي الألعاب يوم الأول من آب الجاري للمرة الأولى. قدم روبرت أيمز والفرقة الفيلهارمونية الملكية المعززة بأدوات ألكترونية أعمال عدد من المؤلفين: مات روجرز، كوجي كوندو، اوستن وينتوري، هيلدور غودنادوتر وجسيكا كري وغيرهم. نجد بين هذه الأسماء عددا من الموسيقيين النشطين في عالم الموسيقى الكلاسيكية.
أصبحت صناعة الألعاب الألكترونية أكبر صناعة ترفيهية اليوم، إذ تفوق عوائدها كل أنواع الصناعات الترفيهية الأخرى من سينما وموسيقى وغيرها. ولو تحدثنا بلغة الأرقام نذكر أن مبيعات الألعاب بلغت أكثر من 7 مليار باون في بريطانيا لوحدها سنة 2021 وهذا يعكس الموقع الذي تحتله هذه الصناعة اليوم. وتحقق مبيعات موسيقى الألعاب زيادات كبيرة بعدما طرحت الشركات التسجيلات الموسيقية المصاحبة للألعاب، ويزداد الإقبال على شرائها مما عزز من استقلالية هذا الشكل الموسيقي ودفعه بقوة إلى الواجهة.
جميع التعليقات 1
فاتن
مقالة مفيدة تضيف لمقالاتك القيمة صفة المواكبة