اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: إيران والعراق.. محاولة للنظر

جملة مفيدة: إيران والعراق.. محاولة للنظر

نشر في: 6 أغسطس, 2022: 11:25 م

 عبد المنعم الأعسم

قليل من الكتابات والتعليقات (المحلية) تتناول العلاقات بين العراق وايران في تعقيداتها وتداخلاتها، بعيدا عن النظرة الفئوية، الطائفية، أو عن القراءة المحمولة على محبة موصولة بوشائج المذهب، أو (بالعكس) تضمر، لدى آخرين، مظنات الكراهية الطائفية والاثنية، أو (ايضا) ما له علاقة بالعقيدة السياسية (العلمانية) ولوازمها ذات الصلة بالتعبئة والدعاية والتحريض.. الخ.

وفي الغالب نتابع (آراء) مناهضين لسياسة ومواقف الجارة التاريخية، فتبدو طهران (حسبهم) المصدر الرئيس لمشاكل وأزمات العراق: فهي تحتل اراضيه، وتدير سياساته، وتخضِع زعماءه الشيعة، وتخيف اتباع المذاهب والمكونات، وتجيّش الجماعات الموالية المنفلتة، ولا يبخل (هذا الفريق) بصفةٍ شريرةٍ إلا ورمى بها ايران وقياداتها، اما المدافعون عن طهران فانهم يذهبون في الرد مذهب الملدوغ من موضع كرامته، فايران الثورة (كما يقولون) هي التي اعانت العراقيين على نظام الدكتاتورية وقدمت المساعدات، العسكرية والامنية والاقتصادية الباذخة لهم بعد 2003 واعانتهم على مواجهة العصابات الارهابية من القاعدة، ثم داعش، وقدمت للحكومات العراقية المتعاقبة المشورة والدعم، وللشعب المحبة والاحتضان، ولولاها (هكذا يؤكدون) لأصبح العراق ولاية تابعة للدول المجاورة، ولأُخذ العراقيون سبايا لـ”الامويين” الجدد.

والحال، فان الحديث العقلاني، ذي الصلة بالحقائق الموضوعية عن هذه العلاقة، والقاء الضوء على اهميتها وضروراتها، ثم التحذير من المبالغة بتلك الاهمية، لا يعبأ به احد، ولا ينال (الرأي الواقعي) ترحيبا من المحافل المحلية السياسية التي تدخل (عادة) في سباق التبييض والتسويد، كما لا يحظى هذا الرأي باهتمام الكثير من الشاشات الملونة التي تعمل على تزييت ضجيجها من لعبة “الاتجاه المعاكس” السمجة بين الاصوات المتحيزة والمعادية.

ثم صارت مذمومة وخارج الصدد تلك المقاربات التي تُعنى بتمييز مشكلات العراق التي يتحمل الايرانيون المسؤولية عنها، عن غيرها من المشكلات التي يعود الكثير منها الى مسؤولية الاطراف الدولية والاقليمية الاخرى (وبخاصة الامريكان) على الرغم من ان تلك المقاربات هي الاكثر تماسا بمصلحة العراق كدولة تحتاج الى فروض الضبط لهذه العلاقات باحكام الجيرة، والمنفعة المتبادلة، وحسن الجوار، وعدم التدخل او الانحياز الى طرف من الاطراف المحلية المتخاصمة.

ومن الزاوية الموضوعية لقراءة مشهد العلاقات بين العراق وايران ينبغي التذكير بالنتائج الخطيرة والمدمرة للصراع الايراني الامريكي على الارض العراقية إذْ يأخذ طابع انتهاك السيادة وجعل العراق طاولة للصفقات، فتتداخل الشراسة بالمرونة.. المواجهات بالتعايش.. التهديد بالوعيد.. التوتر بالتهدئة.. التأليب بالغزل.. الاستفراد بالمشيئات مقابل تفاهمات غير معلنة.. ثم التأثر والتأثير في ملفات غير عراقية، فيما تتوزع جماعات سياسية عراقية وجمهورها (وهذه الكارثة) على القطبين المتصارعين في حميّة اقل ما يقال فيها انها تمرغ روح الوطنية العراقية بالوحل.

ومن نفس الزاوية يبدو ان طرفي “الولاء” لواشنطن وطهران، من العراقيين لن يخسرا شيئا في نهاية الامر، فأولهما يأخذ امتيازات الدنيا، وثانيهما يسأثر بالآخرة.. اما نحن (اولاد الخايبة) فخسرنا ونخسر الدنيا والآخرة.

استدراك:

“حفظ المسافة في العلاقات مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير، فهي الوقاية الضرورية من المصادمات المُهلكة”.

مصطفى محمود

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. نوزاد عبد الرحمن محمد صالح

    ابحث عن الدول العربية الفاشلة ( العراق، سوريا، لبنان، اليمن) القاسم المشترك بينها تدخل سافر للنظام الايراني في شؤونها الداخلية. لن تقم فائمة للعراق الا يتغيير النظام الثيوقراطي في ايران واستبداله بنظام ليبرالي محب للعيش المشترك مع الاخر.

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram