اياد الصالحيبصرف النظر عمن يطوف بالكأس التاسعة عشرة هذه الليلة في ملعب (سوكر سيتي) فان نهائي المونديال الأفريقي يحمل ذكرى لا يمكن ان تمحى بسهولة من مخيلة عشاق الكرة الذين صدموا لخروج عمالقة اللعبة وهم يقضمون أظفارهم ندماً على فوات الفرص وبكوا حتى تقرحت عيونهم أسىً لما أصابهم من انكسار معنوي سمح بعبور ضيفين جديدين على ظهورهم ليتقافزا بفرح لما ستجود به كأس العالم من مكافأة الشوط الأخير.
الغريب ، انه في الوقت الذي تكهن فيه البعض بتأهل البرازيل والأرجنتين قبل ان يهزما امام هولندا وألمانيا في دور ربع النهائي كانت اغلب المؤشرات تعطي الأفضلية لأمريكا اللاتينية باعتبارها خليطاً من المهارة والمطاولة ونجومها يرقصون على إيقاعات المواجهة القوية مع أندادهم الأوروبيين ، لكن ارض المونديال كان لها كلام آخر إذ انها ثبّتت الفرق الأكثر حظاً لبلوغ الدور نصف النهائي ولا وجود لفرضيات ( الخوارزمي) او احداس المقامرين وراء جدران اللامنطق ، بل وحدها الشباك منحت المجتهدين حق كتابة مجدهم في التاريخ.قالوها سابقا وتبقى درساً مهماً لمن فاته التذكير : من يحتكر يخسر أكثر ! فالمونديال الكهل بعرف الثمانين عاماً على ولادته والشاب المتجدد حيوية وإثارة في كل بطولة أبقى شرف الزعامة والتفاخر بالكأس الذهبية محصورا بالبرازيل وايطاليا والارجنتين وألمانيا وفرنسا وانكلترا والأورغواي سيما ان فوز الطليان باللقب في النسخة السابقة رسّخ هذا الانطباع لدى المنتخبات الثائرة مثل اسبانيا وهولندا والبارغواي وغانا لكي تطرق باب ربع النهائي بعنف مهددة بالوصول الى تلك الزعامة بعد التغييرات التي شهدتها خارطة المنافسة في يورو 2008 وتصفيات المونديال من عثرات للفرسان الكبار أنذرت بسقوط مدوٍّ في النهائيات لأنهم بالغوا في حيازة الثقة ، ويكفي ان مارادونا المغرور خرج عن حدود الكياسة وراح يتلاسن مع لاعب بعمر ابنته ( موللر) متوعداً اياه بعزله في الملعب وتفرغه لجلب الكرات من الصبيان !ان نهائي (سوكر سيتي) اليوم يسدل الستار على احد ابرز بطولات كأس العالم من ناحية الغموض الذي اكتنف نتائج اغلب مبارياته الـ 63 قبل النهائي وأخطاء بعض الحكام الكارثية التي دفعت رئيس (فيفا) جوزيف بلاتر ان يتقدم بالاعتذارلإنكلترا والمكسيك لما اصابهما من اجحاف واضح جراء سوء قرار الحكمين لاريوندا وروسيتي على التوالي وهي سابقة لم تعتدها كأس العالم بإقرار فيفا حصول أخطاء فادحة ومؤثرة ، ولعل بقية الاتحادات الأهلية تستفيد من الصراحة والتواضع في أثناء إدارتها مسابقات بلدانها ، وما أكثر المظلومين فيها؟!من المؤكد ان المدربين ديل بوسكي ومارفييك وصلا الى مرحلة التتويج بعد ان اخرجا ما في جعبتيهما الفنية من افكار واساليب وخطط ماكرة ارغمت الجميع على تحيتهما . ومازال هناك امل كبير بتطويع مهارات لاعبي منتخبيهما كي يستعدوا لأصعب مواجهة في تاريخ مشاركتهم في المونديال ، لكن لا ندري هل تسمح الطاحونة لـ( الشيطان) فيا ان يشاكس ويعبث بمحاور محركها او يغفل القائد برونكهورست عن تسلل (قلب الأسد) بويول الى منطقته ، ماذا عن الذئبين الأشقرين روبن وشنايدر هل يتمكنا من مباغتة كاسياس والتهام الفرص في مرماه ؟أسئلة تتساقط بسرعة مع انهيار الوقت قبل اقتراب اللقاء الأوروبي الساخن ، وتبقى جميع الاحتمالات معلقة على حبال المشاعر حتى يطلق الحكم الانكليزي هاورد ويب صفارة الفوز لمن يستحق تسلم الكأس الـ 19 من يد نيلسون مانديلا الرئيس الاسبق لجمهورية جنوب افريقيا. وإذا كانت البطولة قد خلت من النجم الأوحد فان الإخطبوط بول كان نجمها من دون منازع بحيث جعل رئيس وزراء اسبانيا ووزيرة البيئة يطالبان الاتحاد الأوروبي بحمايته من بطش الألمان الذين رموا سهام الخسارة التأريخية امام اسبانيا على طالعه السيىء بعد ان كان الوجه الحسن لديهم ، ولا نعرف ردة فعل هولندا – هذه المرة- اذا ما جاءت توقعاته مطابقة ايضا بأنهم لن ينالوا مرادهم في موقعة اليوم.Ey_salhi@yahoo.com
مصارحة حرة: بول نجم المونديال !
نشر في: 10 يوليو, 2010: 07:10 م