TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > قوانين ثورة 14 تموز 1958

قوانين ثورة 14 تموز 1958

نشر في: 11 يوليو, 2010: 04:54 م

زهير كاظم عبودباحث وحقوقي عراقيفي ذاكرة كل شعب من الشعوب ثمة تأريخ محدد يشكل علامة فارقة في حياته وتأريخه ، وفي تأريخ العراق الحديث تشكل ثورة 14 تموز 1958 الوطنية أشارة مهمة في التاريخ العراقي ، وحدثا عراقيا وطنيا من أهم الأحداث والعلامات الوطنية التي مرت على التاريخ العراقي الحديث ، بل حدثا وطنيا خاصا يمكن أن يكون من ضمن الأحداث البارزة في الذاكرة العراقية الشعبية منها أو السياسية ، بالنظر للإجماع الوطني المتوحد على قيام الثورة والاعداد لها ومساندتها والمشاركة بها ،
 وانضواء جميع الكيانات السياسية التي توحدت ضمن جبهة الاتحاد الوطني تحت خيمتها تستظل بها وتحلم بالاشتراك بتغيير العراق دستوريا وقانونيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا باتجاه فضائه الرحب نحو المستقبل ، بما يضمن الممارسة الديمقراطية لجميع الأتجاهات السياسية ، والفرصة الإنسانية المتساوية لكل الأديان والقوميات المتعددة في العراق .وإذ تترك تلك الثورة مؤشرات مهمة في الحياة العراقية ، رغم كل ما رافقها من السلبيات والعوائق التي وضعت أمام طريقها لإعاقة المسيرة أو إجبارها على الانحراف عن الطريق الوطني السليم ، فانها ودون أن يختلف أحد من الثورات الوطنية التي أزاحت كل ركائز الاستعمار والهيمنة الأجنبية في العراق ، وفتحت للعراق بابا جديدا نحو المستقبل الديمقراطي والأفق الواسع ، كما نهجت ومنذ أيامها الأولى الى اعتماد المنهج الديمقراطي الحقيقي ، من خلال المشاركة الجمعية لكل القوى السياسية والقومية والدينية في العراق ، حيث أن غياب الديمقراطية الحقيقية في العهد الملكي كانت سببا مهما وأساسيا لقيام الثورة وإسقاط النظام الملكي وتأسيس الجمهورية ، كانت الشكلية والتبرقع بمظاهر الديمقراطية من علامات النظام الملكي ، وماعادت تلك المظاهر تنطلي على القوى السياسية ومكونات الشعب العراقي ، فقد بدأت تباشير خطوات التدرج في الممارسة والسلوك الديمقراطي في أول سنوات الثورة ، ولجأت في سبيل الوصول الى ترسيخ النظام الدستوري ورسم معالم الدستور العراقي بديلا عن الدستور المؤقت الذي تمت صياغته على عجالة ، ولذا تم تكريس مبدأ المشاركة الجمعية لكل القوى دون استثناء ، بأن تناط رئاسة الدولة بمجلس للسيادة يتكون من ثلاث شخصيات مشهود لها بالوطنية ، وتمثل الطيف العراقي تمهيدا لنقل السلطة وفقا لمعايير الدستور الدائم المنتظر ، واتسمت قرارات الثورة بالاعتدال والوسطية ، بالإضافة الى اشراك جميع ممثلي الأحزاب العراقية والشخصيات الوطنية وعدد من العسكريين من المستقلين في تشكيلة الحكومة التي رفضت تشكيلها شخصيات وطنية مدنية ، بينما اعتمدت الثورة على إتاحة الفرصة للكوادر العراقية في البناء وتأسيس دولة القانون وطرح الأهداف التي تتيح للقطاعات الفقيرة أن تأخذ حقوقها وتوفر لها المكان اللائق في تلك العملية . لم يكن يوم الرابع عشر من تموز عام 58 حركة عسكرية يقودها ضباط في الجيش العراقي غامروا بأرواحهم من أجل المناصب ، كما لم تكن حركة انفعالية لاغتصاب السلطة ، ولم تكن حركة منفردة تفاجئ بهاالأحزاب العراقية خصوصا وأبناء العراق عموما ، إنما كانت نتيجة ذلك المخاض الذي عاشه الإنسان في العراق ، وتلاحمت من خلاله كل قواه السياسية على اختلاف شعاراتها وأهدافها ، لتحرك مجموعات الضباط الأحرار الذين ساهموا بشكل فعال في تلك الثورة مقدماتها الأولى ، وشكلت فصائل الجيش العراقي سندها ومنفذ تلك الحركة ، وشكل تلاحم الجماهير الوطني وتضحياتها انعكاسا فريدا من نوعه في التاريخ ، كما شكلت تلك القاعدة الجماهيرية التي جسدت الوحدة الوطنية القاعدة الأراس لهذه الثورة ، ولذا لانغالي إذا قلنا انه التلاحم الذي ساهمت به المجموعات الأكبر والأوسع من تلك الجماهير الشعبية ، لتعزل القوى المستغلة عنها وتشكل ظهيرا وسندا متينا لتلك الثورة . عملت الثورة بشكل فعال وملموس على تغيير القاعدة الاقتصادية والاجتماعية في العراق ، وسعت الى تطويرها وتحويل المجتمع القبلي العشائري القابع تحت سلطة شبه إقطاعية وعلاقات استغلالية مجحفة في المدن الى مجتمع متمدن ، وإلغاء الترتيب الطبقي المتحكم في السياسة الى مجتمع يقر بالتعددية لكل الطبقات ، واعتماد التعددية في النظام الاقتصادي واعتماد منهج التدرج في الالتزام بسياسة معينة تعتمد الأعتدال والحياد ، ويمنح كل منها فرصته في الحكم والممارسة ، بالإضافة الى مشاركة مطلقة في عملية البناء باتجاه اللحاق بالعصر الحديث بما يليق بالعراق ويمنح أبناءه الفرصة الحقيقية الملموسة . أن قانون التطور السياسي – الاجتماعي – الاقتصادي دفع الحركات السياسية الوطنية للتفكير بالتغيير الجذري لشكل الحكم في العراق ، وبالتالي إنقاذ العراق من الحال الذي كان عليه ، ولم يكن لتلك القوى أمام منهج القمع والارتماء في أحضان الدول الامبريالية والمستغلة والطامعة وغياب الديمقراطية ، لم يكن لتلك القوى أمام التحالفات العقيمة والاضرار بمصالح ومستقبل العراق ، الا أن تنهج منهجا يتيح لها عزل تلك السلطات بالثورة الجماهيرية التي أحدثت الزلزال العراقي بنتيجة التلاحم بين القوى المدنية والعسكرية التي فجرت الثورة . ولعل إنصاف المرأة العراقية كانت من العلامات البارزة والهاجس الذي تبنته الثورة ، حيث كان العراق يشكو من غبن كبير وتهميش ملحوظ لواقع المرأة العراقية ، ولهذا برزت النساء العراقيات سواء في منظماتهن أو في تجمعاتهن يساهمن جنب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram