عبدالله السكوتيوالغلك اداة من الخشب بطول ذراع غليظة كانت تغلق بها ابواب البساتين والدور ، قبل صنع الاقفال الحديدية ، حيث كانت بغداد بالامس محاطة بحزام من البساتين ، جميعها تقفل ابوابها بواسطة (الغلك ) ، وهذه الكناية تطلق للامر اذا خرج عن المعهود واصبح غير مسيطر عليه .
وفي هذا المعنى نورد حكاية مفادها انه في معركة سميت (بدكة عاكف ) هاجم الجند الاتراك فيها الحلة ، بقيادة عاكف بك ، فجلس احد الرؤساء من سادات الحلة ، مستقبلا القبلة ، وجمع اتباعه واخذ يدعو بدعاء الاستغاثة وهو ان يكرر الداعي اية من سورة النمل : (امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ) ، يكرر ذلك مرارا حتى ينكشف ما اظله من خطر ، وبينما كان يدعو ويتضرع جاءه احد اتباعه وقال : ان الجند قد اقتحموا البلدة ، فصاح بجماعته ، ان يكرروا الدعاء واخذ يكرره معهم بحماس، ثم جاء احد اصحابه ليخبره ان الجند قد تغلغلوا في الشوارع ونفذ بعضهم الى الازقة ، فصاح باتباعه ان يكرروا الدعاء ثم اخبروه ان الجنود قد اقتحموا الدور واسروا الرجال وسبوا النساء ، فسكت قليلا ثم صاح برجاله قائلا : رددوا معي : (البكه ..... وضاع الغلك ) . وبعد الامل والتأمل بتشكيل الحكومة ، وبعد ان غزت الشعب الامنيات ان عقليات جديدة ستتصدى لتشكيلها ربما يشهد الشعب على يديها كثيرا من التغييرات التي كان ينشدها ، بغض النظر عمن يدعم هذه العقليات او الاحزاب ، لكن من المؤسف ان يصل الامر الى ان توضع التطورات التي رافقت زيارة بايدن الى العراق وحيثياتها بيد اعلى سلطة في دولة مجاورة للعراق ، لاستحصال الفتاوى بشأنها ، وتكون الرسالة موجهة من داخل العراق ان لامجال لحكومة جديدة يتزعمها فلان وفلان . لقد اتضحت الصورة الان اكثر من قبل وتبين لنا وجه الحقيقة الناصع والمر والذي طالما تكهنا به وهو ان ارادتين دوليتين تتصارعان في العراق ، واحدة تريد ان تثبت للاخرى انها الاقوى والعراق يمثل لها عصب انطلاقها نحو العالم التي تزعم انها لابد ان تغيره او تجتاحه . ان التمني وحده لايكفي وكما مر بنا آنفا وانما الظرف الحالي يتطلب منا المزيد باتجاه تشكيل الوعي العراقي وطنيا ، ولندع غبار التاريخ جانبا فقد ازكم انوفنا وفرقنا ، والدين هو اساسا وجد لاتحاد ارادة الانسان بارادة الله ونبذ العلاقة التي تقوم على استعباد الاخر او رميه الى الخارج ، وعلينا ان نفهم ان الاخرين يريدون ان يتخذوا منا جسرا باتجاه غاياتهم ، وهذا الامر سيتضح قريبا اذ من غير الممكن ان يبقى الصراع سريا ولابد له من الظهور الى العلن ليصبح دعوة يجهر بها الاخرون وهو يسري حاليا بحسب هذه المراحل ، عندها سنكون في الواجهة وساحة لتصفية الحسابات وربما لايقتصر اللعب مخابراتيا وانما ستكون الساحة مفتوحة لتصفية الحسابات عسكريا. للاسف لم يتخذ العراق كواسطة لتعديل علاقات الدول المجاورة بعضها للبعض على اعتبار اختلاف مكوناته ، وانما اتخذ ممرا للتأثير على سياسات الدول الاخرى ، والامر لايعني طرفا بعينه وانما تشترك في ذلك عدة اطراف. لم تكن عقدة تشكيل الحكومة هي الوحيدة في مضمار التدخلات الخارجية ، وانما هشاشة الكتل السياسية واعتمادها في التمويل وغيره على اطراف خارجية جعل من العراق بلدا صغيرا تابعا مشغولا بهمومه التي ماوجدت اصلا الابفعل العوامل الخارجية . كان العراق ومنذ زمان بعيد مسرحا لتكالب التدخلات الخارجية وهذا حدث حين كان يمر بالتمزق والتشرذم فيكون لقمة سهلة بيد هذا الطرف او ذاك ، وهذا لاينطبق على البلدان فقط حيث عوامل التمزق الداخلية لدى الفرد ايضا تحيله اما الى الجنون او الى الضعف ، وهذا ماجعل من البعض يلقي بنفسه في احضان الغير ليصبح هذا الغير صاحب قرار بتشكيل الحكومة او تحديد شخصياتها المهمة . rn
هواء فـي شبك.. (.... وضاع الغلك )
نشر في: 11 يوليو, 2010: 09:50 م