TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: دجاجة موفق السواد

باليت المدى: دجاجة موفق السواد

نشر في: 21 أغسطس, 2022: 11:10 م

 ستار كاووش

حينَ تُسرَق دراجتك الهوائية في مدينة مثل أمستردام فالأمر قد يبدو طبيعياً في بلد يتجاوز فيه عدد الدراجات عدد السكان، حيث يوجد هنا ٢٣ مليون دراجة، بينما نفوس هولندا ١٧ مليون نسمة. لكن بعض هذه السرقات تحمل الكثير من الطرافة،

كما حدث قبلَ أيام مع صديقي الشاعر موفق السواد، والذي أثارتْ لديَّ سرقة دراجته موجة من الضحك، تكاد لا تتوقف حتى هذه اللحظة. وقد بدأت الحكاية حين ركبَ موفق دراجته التي حصل عليها كهدية من أم زوجته الهولندية، والتي كانت تزورهم في ذلك اليوم، وخرج مسرعاً لتبَّضع بعض الطعام والمشروبات والتفاصيل الأخرى، ورغم إنه طباخاً ماهراً، لكن قرر في ذلك اليوم، أن يشتري دجاجة مشوية من أحد مطاعم الشواء الشعبية التي تصل رائحة شوائها الى مسافات طويلة، وذلك إحتفاءً بعمته الطيبة. وبعد إنتهاءهِ من شراء دجاجة سمينة، لفها بقطعة من الورق ثم وضعها في كيس بلاستيكي، وأثناء محاولته لتثبيتها بالحزام المطاطي على المقعد الخلفي للدراجة، تذكر قنينة النبيذ التي نسيَ شراءها، فترك دراجته ودخل لأحد المتاجر. لكن عند خروجه لم يجد الدراجة في مكانها، فعرفَ بأنها قد سرقت، لذا إتصلَ بالشرطة وقدم بلاغاً ذكرَ فيه التفاصيل مع مواصفات الدراجة، فطلبت منه الشرطة الذهاب الى البيت، وسيتصلون به فور العثور على السارق، أو التوصل الى معلومات تفيد القضية. في طريق العودة فكرَّ موفق بعمتهِ التي ستستاء من تفريطه بهديتها، أو ربما ستظن بأنه قد تخلص من الدراجة متعمداً. ياترى هل ستقتنع بأن الدراجة قد سُرقت؟ ثم كيف سيبرر تأخر الغداء أو تغيير نوع الطعام؟ وبينما هو على هذا الحال، وقبل وصوله الى البيت، جاءه إتصال من الشرطة، يُفيد بأنهم قد عثروا على اللص في مكان قريب من مكان السرقة، وفي الحقيقة كانا سارقان وليس سارق واحد. وهكذا عاد موفق مسرعاً من جديد الى مركز الشرطة، وهناك وجد شابان صغيران من أصول عربية احدهما صومالي والآخر مغربي، وفهمَ إنهما من قاما بالسرقة. أعادت الشرطة الدراجة الى موفق الذي لم تبد عليه السعادة بإستعادة دراجته، بل وقف من مستاءً ومستنكراً، وهنا خاطبه الشرطي متعجباً (أليست هذه هي دراجتك؟ تفحصها وخذها وسنكمل نحن بقية التفاصيل) فأجابه موفق (والدجاجة؟) فقال الشرطي (أية دجاجة؟) وهنا أوضح موفق الأمر ( لقد كانت مع دراجتي دجاجة اشتريتها قبلَ قليل لأجل عمتي) فإبتسمَ الشرطي وتساءلَ عن شكل ونوع الدجاجة، وهنا ضحك موفق موضحاً الأمر أكثر (إنها مشوية وجاهزة للأكل، فقد إشتريتها للغداء). وهنا إلتفتَ الشرطي للصبي الصومالي، وطلب منه الذهاب مع موفق لشراء دجاجة جديدة بدل التي أكلها هو وصاحبه، كي تُقفل القضية. حاول الصبيان تبرأة نفسيهما فيما يتعلق بالدجاجة، لكن دون جدوى، وهكذا بقي المغربي صحبة الشرطة، فيما رافقَ الآخر موفق في شارع جانبي. بعد بضع خطوات نظر الولد النحيف برفق نحو موفق قائلاً بصوت منخفض (هل يبدو عليَّ قد أكلت دجاجة هذا اليوم؟) فأجابه موفق (وكيف يبدو من أكل دجاجة؟ هل سيظهر له ريش مثلاً؟) ليلتفت اللص الصغير نحو موفق من جديد قائلاً ( إسمع، أنا مثلك مسلم ، فلنحل الأمر بيننا ودعني أذهب دون شراء دجاجة) هنا نظر له موفق وهو يفكر بغداء عمته وأجابه بحزم (حتى لو كنت من أحفاد بلال الحبشي فسوف لن أتنازل عن دجاجتي)، عندها لم يكن أمام الصومالي حل سوى شراء الدجاجة. لكن المشكلة لم تنتهي عند هذا الحد، فبعد أن بانَ أمامهما محل لبيع الدجاج، وإختار الشاب واحدة منها، تدخل موفق بسرعة معترضاً (إنها أصغر بكثير من دجاجتي التي سرقتها) وأشار الى واحدة سمينة جداً تصدرت مقدمة جهاز الشواء وكإنها دعاية للمحل، قائلاً له (هي بهذا الحجم بالضبط، أتعتقد بأني أشتري لعمتي دجاجة بائسة كالتي إخترتَها؟ إجلب هذه وستدعك الشرطة تذهب بسلام) ثم أردف (لكن حذار أن تسرقها، وأنا سأراقب عملية دفعك للنقود)، فلم يكن أمام الصبي حديث العهد باللصوصية، سوى الإذعان لشرائها وتسليمها الى موفق والعودة معه الى مكتب الشرطة لإطلاق سراحه هو وصديقه بعد تسجيل البيانات والتفاصيل المطلوبة. عاد موفق الى البيت مسرعاً، وأنزل حقيبة الظهر المليئة بالخضروات على طاولة المطبخ، فيما وضعَ الكيس الذي فيه الدجاجة وقنينة النبيذ على طاولة الطعام، معتذراً عن التأخير، قبلَ أن يحكي لهم عن سرقة الدراجة والدجاجة معاً، وقبلَ أن يُكملَ حديثه، فَزَعَ وهو يسمع صوت زوجته وهي تفرغ حقيبته من الخضروات والفواكة التي إشتراها قائلة ( هذه دجاجة أخرى في الحقيبة!).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بايدن: اتفاق غزة بات أقرب من أي وقت مضى

خرائط وبيانات ملاحية ترصد 77 خرقاً "إسرائيلياً" لأجواء أربعة دول عربية منذ تهديد إيران

مشعان الجبوري يخاطب "السيادة": اعتذروا والا

أمر قبض ومنع سفر لـ"زيد الطالقاني"

برلماني يكشف آخر مستجدات منصب رئيس البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: في قراءة قانون الأحوال الشخصية

قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959

العمودالثامن: لماذا يطاردون النساء ؟

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

العمودالثامن: من الشبيبي إلى رشيد الحسيني

 علي حسين لم يكن الشيخ محمد رضا الشبيبي مجرد سيرة حافلة بالمواقف الوطنية، بل كتاباً غنياً لحقبة من الزمن الجميل، كان الشبيبي يريد دولة تقوم على العقل والأخلاق السياسية والاجتماعية وكرامة الإنسان، كان...
علي حسين

كلاكيت: عماد حمدي.. المسطول الذي رثى مسيرته

 علاء المفرجي إذا ما سلمنا أن الممثل عادة هو من صنع المخرج، فأن انطلاقة الفنان عماد حمدي كانت من تلك الفورة الكبيرة في السينما المصرية ومن نشاط المنتج (شركة أو افراد) التي كانت...
علاء المفرجي

قرنان من التشيع والحوزة في العراق.. من 1722 إلى 1922

علي المدن شاهدت الحلقة التي أعدها الأستاذ أحمد الحسيني على قناته في اليوتيوب وكان عنوانها (صراع قم مع النجف.. هل اقترب ظهور المرجع العراقي). وهي حلقة غنية بالمعلومات تنم عن جهد كبير بذله الحسيني...
علي المدن

الدولة لا الاحكام الظنية من تضع للاسرة تشريعاتها

هادي عزيز علي اعتمد الفقهاء المسلمون الاحكام الظنية التي تتسع فيها دائرة الاجتهاد اذ استنبطوا منه الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي فيما لا نص فيه للوصول الى قواعد عملية تتعلق بادارة الشان العام بما...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram