عندما اقف امام تجربة الفنان عبد الوهاب الدايني ، فإنني اقف أما تجربة فنان شامل، كتب ، ومثل واخرج، للمسرح والسينما والتلفزيون،
كان ممثلا سينمائيا يمتلك مناخ يكاد أن يكون متفرد عن باقي الممثلين، فالدايني لديه احساس بالجمال بشكل مرهف، لذلك عندما كنت اسأله كممثل في الاعمال التي اعمل فيها وهي من تأليفه وأطلب منه إجابات، فكنت اريد ان يفسر لي او اريد منه ان يقرأ لي مثلا في الموسيقي ( الهروب الى الوهم) او تحدث لي عن مرجعيات صخر في الملاذ الامن ، كنت من طريقته في الحوار استقرأ او استبطن طريقة عبد الوهاب الدايني، لأنها تؤدى بطريقة عجيبة.
والدايني ما زلت اتذكره الان في فيلم عروس الفرات) وكنت اشاهد نجم هوليوودي على السينما العراقية يعني وسيم وطبعاً مازال كنت اشاهد نجم جميل يرتدي نظارات سوداء ويخرج السيكارة، يعني (ميديم كلوز) وعبد الهادي مبارك كان يختار نجومه بدقه، معلومة صغيره اريد ان اضيفها لانه الحديث عن تجربة استاذ عبد الوهاب يحتاج لها اماسي الرجل وضع السيناريو في اطار العلمي عندما يقدم نص تلفزيوني الى المخرج هذا النص يحمل مؤهلات نجاحه سلفاً لسبب الممثل يقرأ الحالة النفسية للشخصية، الممثل الان اي يذهب ومن أين أتى يصف احياناً حركة الكاميرا والزاوية وهو ما لايكون متعبا بالنسبة للمخرج .
عبد الخالق المختار
ان عبد الوهاب الدايني فنان شامل , ولد من رحم معاناة كثيرة , واستطاع ان يخترق جميع الحواجز منذ طفولته وحتى وصوله الى هذه المرحلة من مسيرته الفنية , والسبب يعود الى خزينه الابداعي والى قدرة روحه على اعتناق الحياة , والتواصل معها من اجل تحقيق ما كان يصبو له من خدمة رسالته ومسيرته الفنية ليكون في الاخر اسما لامعا وشخصية لها دورا بارزا في تحقيق التغيير والتطوير في مسيرة الدراما العراقية , وحتى في المواقف السياسية بقي انسانا مبدئيا وغير مساوما , وهذه من المواصفات والصفات المهمة التي امتاز بها تاريخ هذا الفنان المبدع عبد الوهاب الدايني .
ان عبد الوهاب الدايني درس في المعهد واكتسب من ثقافة اساتذته وخبرتهم ومن خلال المحاضرات النظرية , وتعلم الكثير من خفايا هذا الفن واختزنه في ذاكرته , اما تحوله الى دراسة السينما لكون ان الزمالات الدراسية جاءت مخصصة عن السينما وبما ان هذا الاختصاص ليس له قسم متخصص بهذه الدراسة في المعهد ولهذا السبب احب اغتنام هذه الفرصة وان يستغل هذه الزمالة للدراسة عن السينما وخفاياها الفنية منها النظرية والعملية ورغبته العمل في السينما
انه نموذج للفنان الاصيل والذي لا ولم يساوم على حساب مبادئه , وانما بقي امينا ومتواصلا وبأيمان مع من كان يؤمن به وبأفكاره الايجابية والتي اراد من خلالها خدمة مسيرة العمل الفني والارتقاء به الى سلالم الرقي والتألق لمسيرة المسرح العراقي.
جوزيف الفارس
رمز من رموز الفن العراقي المهذب والواعي. الدايني كاتب درامي، وسيناريست، وممثل ومخرج، بالإضافة إلى كونه معلم أجيال، حيث تخرج في مدرسته الفنية الكثير من الفنانين.
و النظام الدكتاتوري المباد حكم على الدايني بالإعدام، لانتمائه إلى الحزب الشيوعي العراقي، ثم خفف الحكم إلى المؤبد، وأودعه في سجن أبي غريب، لافتا إلى انه كتب 3 أفلام للسينما، وهي “عروس الفرات” للمخرج هادي مبارك، “سنوات العمر” للمخرج جعفر علي”، و”فائق يتزوج” المأخوذ عن قصة قصيرة للكاتب المصري المعروف نجيب محفوظ. وكتب للتلفزيون أكثر من 30 عملا، أبرزها مسلسل “عبود يغني” عن قصة لنجيب محفوظ، وهي من تمثيل الفنان الراحل يوسف العاني وإخراج إبراهيم عبد الجليل، مضيفا انه أخرج العديد من المسرحيات، من أبرزها “بهلوان آخر زمان”، المعدة عن مسرحية “الذي ضحك على الأبالسة”، للمصري علي سالم. كما انه أخرج مسرحية “الحفار” للكاتب السوفيتي اربوزوف، وانه عمل مع كبار الفنانين أمثال خليل شوقي، ابراهيم الصحن، سامي عبد الحميد، ابراهيم جلال، وابراهيم عبد الجليل.
د. صالح الصحن
عمر صداقتي مع عبد الوهاب الدايني تمتد الى اكثر من خمسين عاما، عندما كان يدرس في معهد الفنون الجميلة عام 1957 واصبحت علاقتنا حميمة، وهناك توثقت علاقتي به وبالأستاذ خالد سعيد وفاضل القزاز، ومحسن سعدون واخرين.. أن ما يميز عبد الوهاب الدايني، هو مزيج من الابداع في قضيتين، الاولى: كونه درس المسرح والثانية كونه درس السينما في ايطاليا ، وهذا التمازج في هذين المهنتين خلق من كاتب سيناريو متميز، على المستوى العربي وليس على مستوى العراق . فهناك الكثير من الأعمال التي كان يقتبسها ، وهناك فرق بين ان يعد القصة أو يقتبسها ، وكان متميز ايضا بالسينما فقد كتب لها مثلا فائق يتزوج ، وبقدر ما يميز اصديقي الاستاذ عبد الوهاب، في براعته واجتهاده في كتابة السيناريو حيث أن له براعة خاصة في المقالب والمشاكسات.
في عام 1060 قبلنا في زمالات ومنح نحن خريجي معهد الفنون الجميلة، وكان الخيار هما ايطاليا وجيكوسلوفاكيا، بالإضافة الى أنه ممثل رائع ، ولا يمكن لي أن انسى مسرحية (حفلة زواج) لانطوان تشيخوف عندما أدها مع نادرة بشير، وكانت خريجة معهد الفنون الجميلة ايضا. وكان الدايني يؤدي دور كوميدي، فهو يؤمن ان الابتسامة ليست من الخارج بل هي من القلب. وقدم العمل الكوميديا السوداء التي تدخل قلب المشاهد.
محسن العزاوي
