وديع غزوانلا نعتقد انه يمكن لمن يقرأ او يطلع على المبادرة الإنسانية للمنظمة الطبية اليابانية، التي قامت بالتنسيق مع مجلس المنظمات غير الحكومية بورشة عمل مشتركة في أربيل لمجموعة من الأطفال المصابين بسرطان الدم في بغداد ومناطق أخرى من العراق وإقليم كردستان،
الا ان يقف إجلالاً واحتراماً للمسؤولين عن المنظمة، بسبب ما تحمله من دلالات انسانية كبيرة في معانيها، خاصة انها لا تعتمد في نجاحها على الدعم المادي الحكومي، بل بمقدار النجاح الذي يمكن ان تحققه المنظمة في تعزيز الروابط الإنسانية بين الشعب الياباني والعراقيين بمختلف مكوناتهم.فكرة المبادرة بسيطة من حيث المظهر والمستلزمات، لكنها عميقة المضمون والجوهر، وهي تعتمد على جمع رسومات الأطفال المصابين بسرطان الدم لطبعها بعد ذلك على علب الشكولاته وبيعها من قبل المنظمة بين الشعب الياباني وجمع ريعها لعلاج الأطفال المصابين بسرطان الدم في العراق.ويقول تاكي كاتو المسؤول في المنظمة: "اننا بدأنا العمل كمنظمة غير حكومية بعد العمليات العسكرية للولايات المتحدة الأميركية في العراق بهدف مساعدة الأطفال المصابين والتبرع بمستلزمات العلاج والأجهزة الطبية للمستشفيات في عموم العراق للتقليل من معاناة المرضى".اننا لا نعرف السيد كاتو ولا أي من زملائه ولا نحسب انهم بحاجة الى دعاية لفعلهم الإنساني، لانهم اكبر من كل هذه الشكليات ويكفي مثل هؤلاء المفعمين بروح الخير والمحبة للآخرين ان يروا ابتسامة ترتسم على وجه طفل بريء أعادوا له الأمل بالحياة، لكن ما يحز بالنفس ان تاكو وأمثاله كثيرين لا نعرفهم سارعوا ويتسابقون الى مد يد العون لأشخاص بعيدين عنهم ولا رابط بينهم الا الجانب الإنساني،في وقت دأب البعض بل الكثير، من أبناء جلدتنا وأشقائنا وجيراننا، على تحين الفرص لإلحاق الأذى بنا، فترى قسماً غير قليل جعل من جمع المال على حساب جوع ومرض وعذاب العراقيين هدفاً لموقع تبوأه من دون استحقاق، وآخرين من محيطنا العربي والإقليمي كانوا سباقين في تنظيم مافيات الإرهاب والجريمة وإرسالهم إلينا عبر الحدود بأحزمة وعبوات استهدفت الأطفال والنساء قبل غيرهم، وحتى نكون منصفين لابد من الإشارة بالتقدير والاحترام، الى بعض النشاطات التي بادرت بها بعض الشخصيات العربية او الإسلامية، لكنها في الغالب كانت بطابع رسمي او شبه رسمي، لم يرق الى عمق معاني مبادرة المنظمة اليابانية وجوهرها الإنساني.وبصراحة ان مبادرة المنظمة ولأنها تنطلق من بلد كاليابان تحمل أكثر من درس، حيث تعرضت مدينتان من مدنه في الحرب العالمية، وكما هو معروف الى ضربة نووية ما زالت آثارها باقية، كما ان من نتائج الحرب التي فرضت عليه عدم إنتاجه وتصنيعه الأسلحة وغيرها من القرارات التي لم تثن شعبه من ان يؤكد استحقاق انتمائه الإنساني فتغلب على هزيمة الحرب، بالانتصار لعقله فغزى العالم بمنتجاته ومبادراته الكثيرة المعرفية والإنسانية،من دون ان يغريه ذلك بقطع جذوره عن تاريخه وقيمه الأصيلة، فكان اليابانيون مضرب الأمثال استحقوها بجدارة.لا نملك الا ان نحيي الصديق تاكو ورفاقه على مبادرتهم، مع دعواتنا الى ان يستوعب بعض سياسيينا درسها، عسى ألاّ يشيحوا بوجوههم عن المواطن الذي وثق بهم فانتخبهم، وما زال ينتظر الوفاء بوعودهم.
كردستانيات :تاكي كاتو صديقاً
نشر في: 12 يوليو, 2010: 06:29 م