بغداد/ تميم الحسن
هدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بحل اللجنة المنظمة لاعتصامات التيار ردا على تعليق القضاء عمل المحاكم، واصدار اوامر اعتقال ضد قياديين صدريين.
ودخل أنصار الصدر أمس، مرحلة جديدة من التصعيد والتي يتوقع انها تصل في النهاية الى مرحلة العصيان المدني.
وطالب جمهور الاخير بعد وقت قصير من التجمع امام بوابة مجمع السلطة القضائية في جانب الكرخ في بغداد، بإقالة رئيس مجلس القضاء فائق زيدان.
وردا على التصعيد الصدري، دعا الإطار التنسيقي الذي كان يستعد لعقد جلسة متعثرة لمجلس النواب، العراقيين الى “الاستعداد العالي والجهوزية” ضد مَن اسماهم بـ”مختطفي الدولة”.
وعلى خلفية تلك الاحداث قطع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي زيارته الى جمهورية مصر لحضور القمة الخماسية هناك، داعيا الى “اجتماع فوري” للقوى السياسية.
ودشن أنصار الصدر الخيم الجديدة التي نصبوها صباح أمس، امام بناية السلطة القضائية التي تضم مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية في منطقة الحارثية غربي العاصمة.
وعلق المعتصمون على تلك الخيم لافتات تطالب بإقالة رئيس المجلس فائق زيدان، بعد تغريدة من مسؤول مكتب الصدر ابراهيم الجابري.
ونشر الجابري وهو أحد اعضاء اللجنة السباعية المكلفة بتنظيم اعتصامات الصدريين، تدوينة طالب فيها بإقالة زيدان.
وكان أنصار الصدر قد وصلوا بشكل مفاجئ الى امام المبنى في اول تحرك حقيقي خارج البرلمان الذي سيطروا عليه منذ أكثر من 3 اسابيع.
وظهرت عجلات يعتقد انها تابعة لسرايا السلام (الجناح العسكري للتيار الصدري) وهي تحمل معدات التخييم.
ونشرت مواقع تابعة للتيار مقاطع فيديو ظهر فيها تحسين الحميداوي وهو مسؤول السرايا وهو يتقدم المتظاهرين الى امام مبنى السلطة القضائية.
وفي وقت لاحق من الاحداث نشر وزير القائد وهو صالح العراقي، تغريدة كشف فيها ان زعيم التيار قرر عدم التدخل “منذ يومين” بالاحداث الجارية في البلاد.
وقال العراقي في تغريدته انه “ما إن تشتدّ حدّة الاحتجاجات ضدّ الفاسدين.. فإنهم يسارعون مستنجدين بسماحته.. لكن سماحته (أعزه الله) ومنذ يومين قرر عدم التدخل مطلقاً”.
واضاف “فإنه ولاستمرار (ثورة عاشوراء) على عفويتها.. فإن سماحته قد يأمر مستقبلاً بتعليق عمل اللجنة المشرفة على الاحتجاجات (جزاهم الله خير جزاء المحسنين) مقابل تعليق القضاء والمحاكم عملهما”.
وتابع العراقي “وإلا فإنه من المعيب أن يعلّق القضاء والمحاكم العمل من أجل إنهاء ثــورة إصلاحية ولا تعلّق أعمالهما من أجل استنكار فــساد مستشر إذا لم تستطع محاكمة الفاســدين من جميع الأطراف”.
وكان مجلس القضاء قد قرر على خلفية تجمع أنصار الصدر امام بنايته تعليق العمل بالمحاكم التابعة له، واصدار اوامر اعتقال ضد 3 قيادات صدرية اثنين منهم نواب سابقون.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة ان التحرك الاخير امام القضاء هو “أحد حلقات سلسلة التصعيد المقبلة والتي قد تنتقل الى مواقع اخرى وربما تنتهي بالعصيان المدني”.
وكان الصدر قد تأخر عن التصعيد الذي كان يتوقعه خصومه، نحو 5 ايام بعدما انتهت المهلة التي منحها الى القضاء لحل البرلمان نهاية الاسبوع الفائت.
ويطالب المعتصمون امام القضاء بحل البرلمان، وتحديد الكتلة الاكبر، ومحاربة الفساد، فصل الادعاء العام عن مجلس القضاء، وعدم تسييس القضاء.
وكانت اشارات بدء التصعيد قد ظهرت عشية تحرك المتظاهرين الى بوابة مبنى القضاء، حين غرد وزير القائد ضد فائق زيدان.
وقال “وزير القائد” مساء الاثنين تعليقا على تصريح لزيدان في نهار ذلك اليوم بان القضاء يقف على مسافة واحدة من الجميع، إن “القوم في السر غير القوم في العلن”.
ويتهم الصدريون رئيس مجلس القضاء بانه ينفذ مطالب الإطار التنسيقي بسبب التفسير الشهير لنصاب جلسة اختيار رئيس الجمهورية والتي مهدت بعد ذلك لظهور ما بات يعرف بـ “الثلث المعطل”.
وكان مجلس القضاء الاعلى كشف أمس، عن المباشرة بـ “اجراءات جمع الادلة عن جريمة تهديد المحكمة الاتحادية”.
أوامر اعتقال قضائية
وبعد ذلك بوقت قصير اصدر القضاء اوامر اعتقال ضد النائبين الصدريين السابقين صباح الساعدي وغايب العمري، اضافة الى القيادي الصدري محمد الساعدي.
وبنفس الطريقة استغرب محمد الساعدي احد المطلوبين بتهمة “تهديد القضاء” سرعة التفنيذ.
وقال الساعدي في صفحة منسوبة له على مواقع التواصل الاجتماعي: “القضاء الذي شاف (رأى) وما سمع تسريبات المالكي هذا قضاء اعور دجال”.
كذلك سأل المطلوب الثاني وهو النائب السابق صباح الساعدي عن سبب عدم اصدار مذكرة اعتقال بحق هادي العامري زعيم الفتح، الذي قال (الساعدي) بانه “اعترف بتهديد القضاء”.
وسبق ان ذكر مجلس القضاء في بيانه أمس عقب تجمع المتظاهرين امام بناية القضاء، بانه تلقى “تهديد عبر الهاتف للضغط على المحكمة” من اجل حل البرلمان.
وأضاف “لذا قرر المجتمعون تعليق عمل مجلس القضاء الأعلى والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا احتجاجا على هذه التصرفات غير الدستورية...”.
وقبل اسبوعين كان زعيم التيار الصدري قد أمهل القضاء 10 ايام (انتهت نهاية الاسبوع الماضي) لحل البرلمان.
ولوح الصدر حينها بانه في حال رفض طلبه، فان “الثوار”، في اشارة الى المعتصمين في البرلمان، ستكون لهم خيارات اخرى.
وفي مطلع الاسبوع الحالي، طلب زعيم التيار من الجميع “انتظار خطواتنا الأخرى إزاء سياسة التغافل” عقب اعلانه رفض خصومه (الإطار) دعوته للحوار العلني.
عودة الكاظمي.. وبيان الإطار
ودفعت الاحداث الاخيرة ان يقطع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، زيارته لمصر، وعاد إلى العراق لمتابعة تطورات الأحداث في البلاد.
وذكر بيان لمكتب الكاظمي أمس، بانه قطع الزيارة “إثر تطورات الأحداث الجارية في البلد، ولأجل المتابعة المباشرة لأداء واجبات القوات الأمنية في حماية مؤسسات القضاء والدولة”.
وحذر الكاظمي وفق البيان، من أن “تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرض البلد إلى مخاطر حقيقية، داعيا الى “اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية”.
بالمقابل حذّر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي من سحب المجتمع الدولي لاعترافه بالعملية السياسية العراقية.
وقال الحلبوسي في بيان امس “للأسف، ما وصلنا إليه اليوم هو تراجع أكثر مِمَّا كنَّا عليه سابقا، من خلال تعطيل المؤسسات الدستورية: مجلس نواب معطل - مجلس قضاء معطل - حكومة تسيير أعمال”.
وبين، “يجب أن نحتكم جميعا إلى الدستور، وأن نكون على قدر المسؤولية لنخرج البلد من هذه الأزمة الخانقة التي تتجه نحو غياب الشرعية، وقد تؤدي إلى عدم اعتراف دولي بكامل العملية السياسية وهيكلية الدولة ومخرجاتها”.
وكان “الاطار التنسيقي” قد وصف ما جرى امام بوابة السلطة القضائية بانه “احتلال”.
وقال الإطار في بيان امس إنه يندد بشكل كامل بـ”التجاوز الخطير على المؤسسة القضائية وتهديدات التصفية الجسدية بحق رئيس المحكمة الدستورية ويطالب كل القوى السياسية الوطنية المحترمة وكذلك الفعاليات المجتمعية الى عدم السكوت بل المبادرة الى ادانة هذا التعدي”.
وأضاف، “يعلن الإطار التنسيقي رفضه استقبال أية رسالة من التيار الصدري أو أية دعوة للحوار المباشر، الا بعد ان يعلن عن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية والعودة الى صف القوى التي تؤمن بالحلول السلمية الديمقراطية”.
وبين، “كما ويدعو الإطار التنسيقي الشعب العراقي بكامل شرائحه الى الاستعداد العالي والجهوزية التامة للخطوة المقبلة التي يجب ان يقول الشعب فيها قوله ضد مختطفي الدولة لاستعادة هيبتها وسلطانها”.