TOP

جريدة المدى > سينما > لنتدارك المتبقي من مبانينا التراثية!

لنتدارك المتبقي من مبانينا التراثية!

نشر في: 12 يوليو, 2010: 06:33 م

بغداد/علي ناصر الكناني * يقودني الحنين دائماً للقيام بين فترة وأخرى بالتجوال في أزقة عاصمتنا الحبيبة بغداد ومحلاتها القديمة المنتشرة في جانبي كرخها ورصافتها، لأشمّ عبق رائحة التراث البغدادي العريق وقيمه الأصيلة، فيكاد المرء يحس وهو يتأمل تلك الأبنية العتيقة التي ازدانت شرفاتها بالشناشيل والنقوش الخشبية الجميلة كأنها تنبئه بأسرار وعراقة فن العمارة البغدادية، الذي كان للمعماريين (الاسطوات)
 أيام زمان دور كبير ومهم في وضع أصول وقواعد هذا الفن وطرقه ولعلّ هناك الكثير ممّن تثيرهم الدهشة ويدفعهم التساؤل عن هؤلاء المبدعين الذين لم نعد اليوم نتلمس أعمالهم ونستمتع بمشاهدتها، كما كنا بالأمس وأيام زمان بعد أن توارثوا أسرارها أباً عن جد وكيف استطاع هؤلاء المبدعون اتقان تلك الفنون المعمارية من خلال تلك الأفكار التي كانت تنتابهم والتي تدلّل على عمق الخبرة والتواصل لسنوات طوال وهم ينفذون ما ترتسم في أذهانهم من أشكال متوائمة مع الشكل والطراز المعماري  التراثي. ويشير المهندس هشام المدفعي في مقدمة أحد الكتب الصادرة في الثمانينيات (عن صيانة الدور التراثية) والذي كان ضمن المبدعين المكرمين خلال احتفالية يوم بغداد، بقوله:- (تمثل البيوت التقليدية في بغداد القمة العليا في فترة تطور طويلة الأمد). ثم يقول: (انها تمثل حقاً جزءا لايعوض من تراث العراق ولكنها مهددة بالزوال بسبب التهرؤ والتجديد، إلاّ في حالة الحفاظ عليها وصيانتها). مشيراً إلى انه تم في تلك الفترة القيام بمسح العديد من البنايات التراثية وصيانة بعضها والتي كان من بينها سلسلة من البيوت المشيدة في بدايات القرن العشرين التي تقع الآن في الجزء المطور من شارع حيفا. ما أود الإشارة إليه هنا، انه في تلك الفترة أيضاً وأقصد في بداية الثمانينيات أي قبل مايزيد عن ربع قرن من الزمان، صدر قرار مهم يقضي بالحفاظ على الدور والمباني التاريخية والتراثية المهددة بالزوال بسبب التهرؤ والتأثيرات البيئية والزمنية. ولكن خلال الفترة الماضية التي أعقبت أحداث عام 2003 وفي ظل فوضى غياب التشريعات والقوانين الملزمة بعدم التعرض لتلك المباني التي تعرض الكثير منها إلى الهدم والإزالة، لتشييد مبان أخرى بدلاً عنها تفتقر إلى الكثير من الشروط التصميمية التي من شأنها الحفاظ على استمرارية بقاء الطابع التراثي البغدادي على الرغم من كونها تقع ضمن مناطق تراثية وتاريخية قديمة، ما يستدعي الآن من الجهات المعنية تفعيل تلك القوانين والتشريعات السابقة بشكل جاد لنتمكن من الحفاظ على المتبقي من التراث العمراني لعاصمة الحضارة العربية بغداد التي تميزت به على سواها من المدن الأخرى حتى غدت سيدة لها على الإطلاق وبلا منازع وإلا ستتحول مبانيها إلى مجرد هياكل هندسية جامدة لاتنتمي من قريب أو بعيد إلى روح ذلك الإرث الأصيل الذي طالما تغنت به الدنيا وتفاخرت به على مرّ السنين والأزمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram