TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > حول القداسة

حول القداسة

نشر في: 12 يوليو, 2010: 06:54 م

شـيـركــو بـيـكـه سترجمة : ماجد السوره ميرىعندما تُغمَط "حقوق" حرية الفرد في مجتمع ما ولم تُحتَرم أو وضِعت العراقيلُ في طريقها وقُمِعت، حينها لن يبقى معنى لـ "قداسةِ" كل الآراء والمفاهيم الأخرى، دينية كانت أم قومية أم اجتماعية، فمثلا:عندما أريد ان أنشر قصيدة - أيا كانت القصيدة وكيف كتبت -  ولم أكن حرا أو اختلقت لي موانع دينية أو اجتماعية أو سياسية، فهذا يعني انه بسبب "اختلافي" أُواجَه و أُحاصَر و يريدون إغلاق فمي،
ومن الواضح أن جوهر الديمقراطية يكمن في ظهور الاختلافات، هذه القضية تظهر بشكل اكبر في النصوص الشعرية و الأدبية، التي تحمل أكثر من تفسير واحد، لان اللغة تصبح لغة مجازية وتختلف عن قاموس اللغة الاعتيادية. "قداسة" اي دين أو فكر أو مذهب تصبح خاوية في اللحظة التي تحاول فيها ان تفرغ حرية فكري المختلف من محتواها. من الواضح، قديما وحديثا أيضاً، أن حرية الافراد و الديمقراطية تهدم باسم "المصلحة العامة" و المصلحة القومية العليا" و "مصالح البروليتاريا" و "قداسة الدين".ماهو المقدس؟! المقدس مجموعة من الاعراف التي تخلقها  آيديولوجيا ما لديمومتها وبقائها، ومن المؤكد ان ذلك ليس بالمعنى المطلق، فان الذي كان بالامس مقدسا يحتمل ان لا يمتلك القداسة نفسها اليوم او انه قد يكون خسر قداسته. انه فقط نتاج الآيديولوجيات الفكرية الشمولية المتطرفة سواء أكانت قومية او أممية او دينية، ان تقيّد حرية الفرد وتبني قلعة من الممنوعات باسم ذلك المقدس، خوفا من الانفتاح و الديمقراطية و خوفا من نهايتها و أفول شمسها. في الحقيقة انها مشكلة بين "التقليديين" و "الحداثويين"، صراع بين"الفكر القديم" و الفكر الحديث، خلاف بين "عقل مغلق" و عقل مفتوح و واسع.وكذلك الخلاف بيني، أنا كفرد، وتلك القوانين التي شرعتها بالأساس الأفكار الشمولية، ولذلك أيضاً أرفض تلك القوانين لاني أعدها نتاجا للفكر غير الديمقراطي. لا أحد يمثل ظل الله في الأرض، لذلك فان من يدعي تلك القداسة يكذب مع التاريخ كذبة كبرى.مرة اخرى، مسالة الديمقراطية والانفتاح و التحاور، ليست اشياء ظاهرية ولا لعقا على اللسان ولا دعاية اعلامية، ولكنها صحة وسلامة الأفكار والاديان والآيديولوجيات التي تظهر اثناء التطبيق العملي، عندها تكتشف الى أي مدى تتقبل الاختلافات المضادة لك! الامتحان الصعب يكمن هنا وليس في الشعارات، والصادق هو الذي يستطيع، في هذا العصر، ان يقول "لبني حامض" قبل ان يتذوق الآخرون لبنه و يقولون بانه حامض! ليومنا هذا يعد هذا الاعتراف خطأ و وصمة في الجبين، اي بمعنى اخر، لم تولد تلك الحرية بعد!.من الأشياء التي بسببها تسير الآيديولوجيا الشمولية دوما الى الدكتاتورية و التقييد و تلك القداسة التي لا ينبغي لك ان تمسها، مسألة إهمال الاختلافات الأخرى، أو محاولة محوها ونفيها. ولهذا السبب أيضاً لا نستطيع ان نثق بحركة معتدلة لأننا لا نعرف ماذا ستفعل لو أمسكت بزمام السلطة في الغد؟!كانت نوعا من القداسة القومية تلك التي صنعت هتلر، مثلما خلقت القداسة الأممية ستالين، وهكذا باسم القداسة الدينية أغرق بن لادن الإنسانية في بحر من الدماء.أليس بمقدورنا أن نرد على كلمة عنيفة بجواب هادئ؟! ألا نستطيع ان يكون لنا عدة تفسيرات عند تحليل قصيدة ما؟َ! ألا نستطيع ان نحافظ على "قدسيتنا" بالحب و التسامح و التعايش؟!هل أننا خلقنا للمعارك فقط؟!أم أننا لم نستعمل نصف عقولنا للسلام و الحب و التسامح و الاعتدال ليومنا هذا؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram