علي حسين
كنت أنوي الكتابة عن مؤتمر المرأة الذي عُقد في بغداد، وسمعنا فيه أحاديث مكررة عن السياسة والأمن والاقتصاد ، فوجدت أن لا شيء يستحق الكتابة عنه لأن قضية المرأة الأساسية غابت، فقررت أن أستمع لحوار بين عدد من الزملاء في الصحيفة عن تغريدة السيد مقتدى الصدر الأخيرة ،
البعض كان متحمساً، والبعض الآخر مثل "جنابي" يبدو متشائماً، لكن تشاؤمي ليس ضرورياً، ما دام موضوع إزاحة جميع الأحزاب التي ساهمت في الخراب قد طُرح للنقاش، وبشكل علني وللمرة الأولى .ماذا يحصل لنا نحن معشر الكتاب عندما نسمع أن سياسياً قرر الاعتزال؟.
تخيل عزيزي القارئ أن عالية نصيف قررت أن تعود لمهنتها الأصلية موظفة في دائرة التسجيل العقاري، وأن ينصرف أحمد الجبوري "أبو مازن" إلى مهنته "دلال عقارات"، هل سيتأثر "وهج" الديمقراطية العراقية؟. ماذا تفعل عزيزي القارئ عندما تستيقظ في الصباح وتكتشف أن المنطقة الخضراء لم تعد تُحيك المؤامرات ضد المواطن العراقي؟.
ماذا تفعل حين يأتي سياسي ويقول "يا جماعة تعبت أريد ارتاح"؟ بالتأكيد ستشعر بالارتياح لأنه ارتضى أن يخفف من وطأة المأساة علينا، ولهذا أتمنى على الجميع أن يتقبلوا بأريحية تغريدة السيد مقتدى الصدر والتي شملت التيار الصدري أيضاً، ليريحوا الناس، من معاركهم وخطبهم وافتعالهم للأزمات، فالناس بأمس الحاجة لالتقاط الأنفاس، بعيداً عن الصراعات التي لا يريد لها البعض أن تنتهي. لقد أشعل سياسيونا المعارك في كل بيت وشغلت تصريحاتهم الناس في كل مكان، ولم يشعلوا للاسف معارك من اجل التنمية والبناء والازدهار .
على مدى ما يقارب العشرين عاماً عشنا مع كتل سياسية وأحزاب تسلك طريق التاجر الذي يريد أن يبيع أي شيء، وبأيّ ثمن، من دون أدنى اعتبار لحقوق المواطن وحق المواطَّنة ، في ظل فساد اقتصادي، وسياسي، مربح لهذه الاحزاب . قوى سياسية صارت غير قادرةٍ على الحياة في أجواء الطمأنينة والسلام، مكتفية بمكاسب الهتاف وبيع الأصوات أمام صناديق الانتخاب، ونهش المختلفين معهم بكل الوسائل.. ويمكن القول إنه لم يبق في جعبة هذه القوى السياسية شيء صالح للاستعمال، وقابل للتداول، باستثناء حكايات المؤامرات الدولية التي تحاك ضدهم، أو اللجوء إلى سلاح الطائفية.
ماذا فعل السادة الذين حكموا أكثر من 19 عاماً؟ ما المبادرات التي قدموها غير نهب المال العام، ومحاولة إصدار قوانين تعيدنا إلى عصور مضت، وتشجيع الانتهازية والرشوة والتزوير، بالإضافة طبعاً إلى الشهوة التي لا تفارقهم في إعلان دولة "تقاسم الكعكة"؟ .
نتحسر على ما يجري في الديمقراطيات الحقيقية ، وليست ديمقراطية محمد الحلبوسي ونتمنى أن نجد أحد مسؤولينا، أو سياسيينا، يمارس فضيلة مراجعة النفس والاعتراف بالخطأ، ويقرر الاعتزال .