حازم مبيضين ليس غريباً أن تسعى إسرائيل بكل ما تملك من وسائل لمنع الاردن من ممارسة حقه الطبيعي في إنتاج اليورانيوم، وهو الموقع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ويسعى لذلك لأسباب إستراتيجية واقتصادية في آن معاً، لكن المستهجن أن تذعن الادارة الاميركية لمطالب الدولة العبرية
رغم الكم الهائل من الشفافية التي يتحرك الاردن من خلالها، ورغم أنه توجه إلى واشنطن بالذات على أمل التوصل إلى اتفاقية تعاون يتم بمقتضاها السماح للشركات الأميركية بتصدير مكونات نووية ومعرفة فنية، وبقناعة بدأت تهتز مفادها أن إدارة الرئيس باراك أوباما تدرك أن الاردن هو الشريك المؤهل في البرامج الاميركية الرامية لتعزيز الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.وكتعزيز للموقف الأردني الشديد الوضوح، فان الملك عبد الله أعلن أنه سيتم العمل بالطاقة النووية في الأردن، بطريقة يشترك فيها القطاعان العام والخاص، بحيث يطلع الجميع على ما يجري، وبحيث يكون هذا البلد نموذجا للشفافية، وبما يدفع الاخرين للسير على طريقه، لكن المثير لأقصى حالات الاستهجان أن واشنطن – إرضاءً لاسرائيل أو امتثالاً لرغباتها – تحاول فرض قيود مجحفة من قبيل الالتزام بشراء الوقود النووي من السوق العالمي، وعدم أنتاجه محلياً، رغم أنها تعرف أنه حق مؤكد بعد التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو حق غير قابل للتنازل خصوصاً بعد اكتشاف كميات كبيرة من اليورانيوم الخام، ولان الرضوخ للشرط الاميركي سيحد من الطموح الاردني في أن يتحول إلى مزود للوقود النووي ومركز للتصدير في المنطقة.الطموح الأردني ليس عسكرياً بالتأكيد، وواشنطن تعرف ذلك وتعرف أيضاً أنه مدفوع بأسباب اقتصادية، وتعرف حجم أزمة الحاجة المتزايدة للطاقة، وأن هذا البلد الذي يستورد كل احتياجاته النفطية، ويملك أصغر الاحتياطيات من المياه الصالحة للشرب، سيكون قادراً على تزويد العراق وسوريا بحاجتهما من الكهرباء إن تيسر له التمتع بحقه في استخدام الطاقة النووية في المجالات السلمية، وتعرف أن الضغوط الاسرائيلية شملت دولاً أخرى كفرنسا وكوريا الجنوبية، لكنها،أي واشنطن، تخضع لضغوط حكومة نتنياهو، الراغبة في رؤية الاردن فقيراً ومحتاجاً على الدوام، وتخشى تحوله إلى قوة اقتصادية أكثر من خشيتها من إنتاجه الطاقة النووية.إسرائيل، وكما قال الوزير السابق يوسي بيلين، تبحث عن عدو جديد بهدوء ومن دون أي مواجهة علنية في المنطقة، وتستهدف الأردن المؤمن بالسلام،من خلال سعيها لإعاقة برنامجه النووي السلمي، وإذا كانت الولايات المتحد تتفهم وجهة النظر الأردنية، فان ذلك وبرغم رغبته بتطوير مذكرة التفاهم الموقعة مع الولايات المتحدة لاتفاقية تعاون نووي أسوة بما حدث مع ثماني دول في العالم حتى الآن، لن يمنع صانع السياسة الأردني من التوجه إلى دول أخرى ما دام يؤمن بتوجهاته غير العسكرية في هذا المجال، ولن يمنعه من رفض الشرط الاميركي الذي سيفضي بالتأكيد للتخلي عن جميع حقوق امتلاك تكنولوجيا نووية حساسة،ليس فقط لجهة تخصيب اليورانيوم، بل حتى بناء محطة للمياه الثقيلة.تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية حق للاردن بموجب معاهدة منع الانتشار النووي،لا يستطيع التنازل عنه، وهو ماض في برنامجه رغم معرفته بحاجته للتكنولوجيا الأميركية، التي يمكن استبدالها والتي لم تزد حتى اليوم عن تزويدنا ببعض أجهزة قياس الإشعاع والنفايات النووية، والسياسات الأميركية قابلة للتبدل، لكن المعتمد منها اليوم لايصب إلا في طاحونة الدولة العبرية، التي تسعى حكومة اليمين المتطرف فيها لمنع الأردن من استغلال ثرواته الطبيعية لتطوير صناعته وزراعته وكل مناحي الاقتصاد فيه.
خارج الحدود ..حقنا فـي النووي
نشر في: 12 يوليو, 2010: 07:29 م