علي حسينبدت إطلالة الزعيم (نيلسون مانديلا) مساء الاحد الماضي في ملعب سوكر ستي أكثر سيطرة على الحدث العالمي من اختتام كأس العالم نفسه. فلم يكن مانديلا مجرد ضيف شرف، بل سيطر بحضوره الاسر ليعيد للتاريخ ذاكرته ففي مثل هذه الايام وقبل عشرين عاما أطلق سراح مانديلا من سجنه،
رجل عجوز تجاوز السبعين قضى ما يقارب نصفها سجينا وحين حانت لحظة الثار من سجانيه لم يفعل،وبدلاً من أن يدعو إلى الثأر ركز على التسامح، وبدلاً من أن يرقص رقصة المنتصر،تحدث بتواضع داعيا الجميع الى فتح صفحة جديدة ترفع شعار التعايش أولاً والتسامح والمحبة ثانياً وثالثاً. وحين كان له الخيار في نائبه كأول زعيم إفريقي في بلده لم يذهب خياره إلا لزعيم الأقلية البيضاء، دي كليرك، فكانت روعة تناقض الألوان، من أجل أن يصل هذا الزعيم الاستثنائي إلى لون واحد من أجل شعب. مؤكد إن الإنسان الحق هو ذاك الذي لا يكرر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه..مانديلا علامة التسامح والغفران في عالم يجنح الى التعصب والتحامل والعنصرية. استطاع أن يطوي صفحة سوداء ويفتح طريق المستقبل للمواطنين المتعددي الأعراق والأديان. وكانت مواقفه رمزاً لهذا المستقبل حين شكل حكومته الأولى من مظلومين وظالمين.التسامح والغفران يتطلبان إيماناً بأن الأفكار مثلها مثل الأشياء تتحول وتتغير، أما عدم التسامح والعجز عن الغفران فهما دليل تعصب وجمود،.. ومثل عادة الكبار، لم يتشبث مانديلا بكرسي الرئاسة، وبعد أن قضى ولاية واحدة اعتزل وتقاعد،يقول عنه أحد كتاب سيرته" لقد عاش مانديلا في غابة السياسة خمسين سنة، وكان له نصيبه ‏من الضعف الإنساني، وفيه العناد والكبرياء والبساطة والسذاجة والاندفاع والتصور، ووراء ‏سلطته وقيادته الأخلاقيتين كان يخفي دائماً سياسياً متكاملاً وقد ارتكزت منجزاته العظيمة على ‏براعته واتقانه السياسة بمعانيها العريضة الواسعة، وعلى فهمه كيف تحرك ويقنع الناس بتغيير ‏مواقفهم ونهجهم واضاف مانديلا لهذا الارث العظيم لمسات إنسانية أخرى، يوم رقص لحظة خروجه واعتذاره عن تجديد رئاسته ليقول للجميع ان خدمة البلاد لاتعني الالتصاق بالكرسي إلى ابد الآبدين.
العمود الثامن: رقصة مانديلا
نشر في: 12 يوليو, 2010: 07:35 م