بغداد/ تميم الحسن
وسع التيار الصدري من احتجاجاته وقام أنصاره بالانتشار في المنطقة الخضراء، وحاولوا السيطرة على القصر الحكومي لكن تم اخلاؤهم في وقت لاحق من قبل القوات الأمنية.
ويواصل الصدريون تصعيدهم الاحتجاجات، فيما تقوم صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور لضحايا سقطوا اثناء التظاهرات.
يأتي ذلك بعد خطوة ليست مفاجئة حيث قرر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الاعتزال السياسي بشكل نهائي، بعد ايام من تلويحه بذلك.
وبعد وقت قصير من “خطاب الاعتزال” شوهد تحرك اتباع “الصدر” المعتصمين امام البرلمان منذ نحو شهر، الى مواقع اخرى داخل المنطقة الخضراء.
وعلى الفور أصدر مكتب “الصدر” تعليمات حذرت من استخدام “اسم التيار الصدري” في “السياسة” او “الشعارات”.
ويأتي اعتزال “الصدر” قبل ساعات من انتهاء “مهلة الـ72 ساعة” لابعاد احزاب بعد 2003، والتي وضعها الاول شرطا لقبول عقد اتفاقية جديدة مع خصومه.
كما ان توقيت “الاعتزال” جاء في وقت ينتظر فيه العراقيون قرار المحكمة الاتحادية والتي يفترض ان تنظر اليوم في قضية حل البرلمان.
يأتي ذلك في وقت تتعثر فيه خطوات “خصوم الصدر” في الإطار التنسيقي صوب عقد جلسة جديدة للبرلمان، مع اتساع المعارضة لذلك الاجراء.
وفي رد “الصدر” على رسالة الاستقالة النادرة لمرجع ديني وهو كاظم الحائري في إيران والتي هاجم فيها الصدريين، قرر الاول “الاعتزال السياسي”.
وقال زعيم التيار في تغريدة على “تويتر” في معرض رده على الحائري: “إنني كنت قد قررت عدم التدخل في الشؤون السياسية فإنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات”.
واستثنى “الصدر” من اغلاق المؤسسات: “المرقد الشريف (في اشارة الى ضريح والده محمد الصدر في النجف) والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام”.
وقال زعيم التيار في ختام تغريدته امس موجها كلامه الى اتباعه: “والكل في حل مني.. وإن مت أو قتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء”.
وفورا اغلق “وزير القائد” حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما أصدر مكتب “الصدر” 3 توجيهات، عقب تحركات غير مفهومة لبعض المعتصمين امام البرلمان.
ومنع “مكتب الصدر” بحسب بيان امس قبل اغلاق حساباته هو الآخر، استخدام اسم التيار الصدري في “جميع الامور السياسية والحكومية بل وجميع المعاملات في مفاصل الدولة”.
كما منع البيان “منعا باتا رفع الشعارات والاعلام والهتافات السياسية وغيرها باسم التيار الصدري”.
واضاف البيان: “يمنع منعا باتا تداول او استعمال اي وسيلة اعلامية بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي باسم التيار الصدري”.
وقبل ذلك كانت اللجنة المركزية المنظمة لاحتجاجات التيار الصدري، قد اعلنت تعليق عملها، عقب قرار “اعتزال الصدر”.
وذكرت اللجنة في بيان أمس، “الى الاخوة المعتصمين الكرام، بعد انتهاء التكليف المبارك نعتذر إن كان لدينا تقصير في الايام السابقة وقد حافظنا على السلمية طيلة الفترة الماضية”.
واضافت: “والان نمتثل لقرار السيد مقتدى الصدر (أعزه الله) بتعليق عمل اللجنة والله خير حافظ ومعين”.
واظهرت منصات اخبارية مقاطع فيديو لأنصار التيار الصدري وهم يغادرون من امام مجلس النواب الذي اعتصموا امامه، فيما وصلت اعداد اخرى من المحتجين الى البرلمان.
وحمل المتظاهرون صور زعيم التيار الصدري، كما رددوا هتاف “الشعب يريد إسقاط النظام”، في وقت انتشرت فيه قوات مكافحة الشغب.
وتجمع “أنصار الصدر” بعد ذلك امام القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء، في وقت كشفت فيه منصات اخبارية قريبة من التيار عن تجمعات من المحافظات لدعم المحتجين.
بالمقابل دعت قيادة العمليات المشتركة، المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء.
وبحسب بيان للعمليات المشتركة فإن “القوات الأمنية تدعو المتظاهرين الى الانسحاب الفوري من داخل المنطقة الخضراء، وتؤكد انها التزمت اعلى درجات ضبط النفس والتعامل الأخوي لمنع التصادم او اراقة الدم العراقي”.
وأكدت القوات الأمنية مسؤوليتها عن “حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية والاملاك العامة والخاصة”.
وأضاف البيان، ان “التعاطي مع التظاهرات السلمية يتم من خلال الدستور والقوانين وستقوم القوات الامنية بواجبها في حماية الامن والاستقرار”.
وحدث “اعتزال الصدر” بعد ايام من تلويحه بـ”عدم التدخل” اذا رفضت القوى السياسية مقترحه بإبعاد احزاب ما بعد 2003.
وكان “وزير القائد” قال الاسبوع الماضي، اثناء محاصرة أتباع “الصدر” مجلس القضاء، بان زعيم التيار “قرر منذ يومين عدم التدخل مطلقا”.
وهدد “وزير القائد” في بيان صدر يوم الثلاثاء في الاسبوع الماضي، باحتمال تعليق عمل اللجنة المنظمة للاحتجاجات.
واول أمس اعتبر النائب الصدري السابق غايب العميري، ان مبادرة “الصدر” الاخيرة هي “منفذ تنفذ منه” القوى السياسية قبل “انتقام الشعب”.
وجاء قرار “اعتزال الصدر” قبل ساعات من انتهاء المهلة الاخيرة وعقد المحكمة الاتحادية جلسة النظر بدعاوى حل البرلمان.
وبحسب مايتم تدواله في الاروقة السياسية، ان “اعتزال الصدر جاء بعد اشارت الى احتمال قيام المحكمة برد الدعوى في جلسة الغد (اليوم)”.
وقالت “الاتحادية” في بيان أمس، إنه “بالنظر لكون عدد المدعين في الدعاوى المقرر نظرها يوم الثلاثاء الموافق 3082022 بلغ (1036)”، مدعياً “إضافة الى وكلائهم البالغ عددهم (43) ولعدم قدرة قاعة المحكمة وبنايتها على استيعاب الأعداد المذكورة”.
وأضاف، “حيث أن الأصل استناداً الى أحكام المادة (21/ ثالثاً) من النظام الداخلي للمحكمة رقم (1) لسنة 2022 أن تنظر الدعاوى من دون مرافعة إلا إذا رأت المحكمة ضرورة لاجراء المرافعة فيها بحضور الأطراف”.
وبين أنه “للسبب المذكور قررت المحكمة نظر الدعاوى من دون مرافعة وتستكمل المحكمة اجراءاتها وفقاً لاحكام البند (خامساً) من المادة (21) من النظام الداخلي المذكور آنفاً”.
وأحدث “اعتزال الصدر”، رغم توقعه نظراً لسلسة التغريدات السابقة لـ”وزير القائد” التي لمحت بذلك الاجراء، فانها عرقلت مساعي الاطار التنسيقي لعقد جلسة للبرلمان.
ويقول سياسي قريب من “الإطار” في حديث لـ(المدى) ان “أطرافا داخل الإطار التنسيقي ترفض عقد جلسة للبرلمان خارج المنطقة الخضراء”.
ويضيف السياسي الذي طلب عدم نشر اسمه: “بعد اعتزال الصدر أصبح الامر أكثر تعقيدا، وعقد الجلسة قد يزيد الاحتقان في الشارع”.
وبين السياسي المطلع ان أكثر المعترضين داخل الإطار التنسيقي هم “جناح هادي العامري داخل تحالف الفتح، وحيدر العبادي زعيم ائتلاف النصر”.
وكان “العامري” حتى الساعات الاخيرة يدافع عن فرضيته في عقد تسوية مع “الصدر” ويرفض اللجوء الى فرض الامر الواقع بعقد جلسة في هذه الاجواء المتوترة.