TOP

جريدة المدى > كلام اليوم > حتى يكتمل قرار مجلس القضاء الأعلى

حتى يكتمل قرار مجلس القضاء الأعلى

نشر في: 12 يوليو, 2010: 10:05 م

المدىبالقرار المهني والمنصف الذي اتخذه مجلس القضاء الأعلى قبل يومين بتخصيص محكمة متفهمة للنظر في القضايا ذات الصلة بالعمل الإعلامي تكون صحيفة المدى قد حظيت بما يؤكد عدالة مطالبتها واجراءاتها من أجل خلق بيئة قضائية وقانونية تتفهم عمل الإعلام الوطني الحر في دولة ديمقراطية لم تكتمل تشريعاتها بعد.
لم تكن المدى تنطلق في حملتها من دوافع ضيقة قد يراها البعض محاولة للتخلص من مشكلة قضائية، وانما ارادات بما تعرضت له من ظلم وحيف أن تكون هذه المناسبة فرصة لمراجعة مشكلات من الممكن ان تتضخم وتنحرف بمسار العلاقة بين الإعلام والسلطات الأخرى الى علاقة ضدية متنافرة تعمقها قوانين وقرارات شمولية موروثة من نظام الاستبداد والطغيان وما زالت، للأسف، سارية المفعول.كما ارادت المدى، التي هي جزء حيوي من مشروع العملية السياسية بوجهها الديمقراطي الحر، من جهدها أن ينصب لصالح تغيير العلاقة النفسية المأزومة بين أطراف في دوائر العمل الحكومي والبرلماني والقضائي وبين الإعلام والتي ترى الى الإعلام بوصفه جهدا معيقا، وهذا جزء من سلوك الدولة الدكتاتورية وما سعت اليه من أجل أن يكون الاعلام وسيلة تطبيل وتزويق وليس ميدانا للرأي العام الشجاع.كنا نتوقع مثل هذا الإجراء الذي اقدم عليه مجلس القضاء الأعلى، ليس ثقة باشخاص قضاة قائمين على المجلس وعرفوا بنزوعهم الديمقراطي ومهنيتهم حسب وانما لأن القضاء، بشكل عام، ومن خلال عدد من القضايا التي أثيرت ضد الاعلام والاعلاميين ومن بينهم المدى، كان عادلا ومتفهما لطبيعة العمل الإعلامي ولرسالته في اغلب تلك القضايا المثارة.ولا يخفى على أي مهتم أن العمل في هذه الظروف هو عامل شائك للميدانين معا، الإعلام والقضاء. فالإعلام الذي يسعى الى التحرر من أطر التربية الشمولية وملحقاتها القانونية والسلوكية يواجه في جانب ثان مسؤولية التمثل المهني لمتطلبات العمل بحرية ومن دون رقابة. وهذا ما يوقع كثير من الاعلاميين ومن منتحلي صفة العمل الإعلامي ومن بعض المؤسسات بكثير من الأخطاء التي من الممكن تقليصها كلما ترسخت التجربة وتطور مستوى التأهيل وتوفرت البيئة القانونية السليمة..بينما يواجه القضاء مشكلات لا تقل خطورة، بل هي الأصعب وذلك لتماسها المباشر مع الحقوق العامة للمواطنين والدولة، وقد تتمثل بعدم اكتمال القوانين والتشريعات من جانب وسريان قوانين وقرارات لا صلة لها بطبيعة نظام الدولة الجديدة  وفلسفته في الحكم من جانب ثان، الأمر الذي يجعل القضاء في امتحان حقيقي لتحقيق العدالة وفرض النظام..كما ان عدم تراكم الخبرات ومحدودية الموارد البشرية وسوء الأوضاع الأمنية وتفشي الفساد عوامل تؤخر من النمو السريع المطلوب لجهاز القضاء الذي دفع ثمنا باهظا، كما الإعلام، من اجل العمل في ظروف امنية معيقة.في مثل هذه الاوضاع يكون عادة العمل تضامنيا تآزريا بين مختلف السلطات وبما يعين بناء هذه السلطات، ويعزز قيم الديمقراطية وقواعد انطلاقها، فلا ديمقراطية بلا اعلام حر وقضاء مستقل مدعم بقوانين تحترم مبادئ الحريات وتصون حقوق الإنسان وكرامته.وفي هذه الظروف سيكون النضال من اجل تعزيز الديمقراطية وصونها لا يقل اهمية عن النضال ضد الدكتاتورية ومقارعة استبدادها.. وهذا ما يتأتى بالسعي الحثيث لكل اصحاب المصلحة الحقيقية بنظام ديمقراطي من أجل عمل تضامني تتكامل فيه الجهود لاستكمال منظومة القوانين الكافلة للحريات والضامنة للحقوق.وبهذا نرى ان قرار مجلس القضاء الأعلى وحتى يكون فاعلا في ضمان بيئة قضائية تتفهم عمل اعلام دولة ديمقراطية ومؤسساتها المدنية فانه يتطلب اجراء رديفا يتمثل في تعطيل جميع القرارات والقوانين الموروثة من النظام الدكتاتوري وذات الصلة بطبيعته الدكتاتورية الشمولية..كما نرى أنه من دون مثل هذا الاجراء سيكون عمل القضاء محرجا للسلطات القضائية بين ما هي ملزمة به من تشريعات وقوانين وبين ما تتفهمه وتؤمن به من الطبيعة الديمقراطية لنظام الدولة والمجتمع.كما نرى أن القضاء الحر والعمل الاعلامي الحر يتطلب جهدا حثيثا من الأسرة الإعلامية العراقية يواصل العمل بمختلف السبل للانتهاء من تلك التشريعات البائدة اولا، والعمل ثانيا من اجل تشريعات أخرى يكتبها مشرعون ديمقراطيون مؤمنون بقيم الديمقراطية ويناضلون من اجلها..وهذا الجهد الحثيث المطلوب لا ينبغي له ان يأخذ شكل الفورات والهبات التي تظهر في مناسبة وتختفي باختفائها.انه عمل الجميع من اجل الجميع..لا علاقة له حصرا بالمدى اليوم وبسواها غدا.ومن دون الترفع على الفردانية وروح الانعزال والاتكالية لن يمكن تحقيق ما مطلوب منا تحقيقه ليس لنا وانما لاجيال ستأتي من الاعلاميين الذين نتحمل ازاءهم مسؤولية البناء والتأسيس الان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل المراجعة في حياة حزب مناضل

هل المراجعة في حياة حزب مناضل "عيب"؟!

شهدت الحياة السياسية، خلال السنوات العشر من عمر "العراق الجديد"، تساقط آمالٍ وتمنيات، خسر تحت ثقلها العراقيون رهانهم على أحزاب وقوىً وشخصيات، عادت من المنافي ومن خطوط النشاط السري، ولم تلتزم بمواصلة سيرتها النضالية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram