بغداد/ فراس عدنان
أكد اساتذة في القانون الدولي والدستوري أن الأحداث الامنية في المنطقة الخضراء خلال اليومين الماضية لم تبلغ مرحلة النزاع الداخلي الذي يستوجب التدخل الدولي، لافتين إلى أن ما حدث هو اضطرابات وقلاقل تتم معالجتها من خلال الحكومة بسلسلة من الاجراءات مع الالتزام بالحد الأدنى من حقوق الإنسان،
مشددين على أن مسألة تشكيل الحكومة تعد أزمة سياسية تقتضي من الأطراف الجلوس على طاولة الحوار والخروج بمبادرة، داعين إلى عدم اعتماد حلول يكون طرف فيها رابحا والاخر خاسرا.
وقال استاذ القانون الدولي في جامعة الكوفة أحمد الفتلاوي، في حديث إلى (المدى)، إن "ما حصل في بغداد وبقية المحافظات خلال اليومين الماضية من أحداث أمنية تعدّ وفقاً لأحكام القانون الدولي اضطرابات داخلية ولم ترتق إلى مستوى النزاع الداخلي".
وأضاف الفتلاوي، أن "التكييف الأقرب لما حصل هو اعتبارها قلاقل وهذا ما أشارت إليه الفقرة الثانية من المادة الأولى للبرتوكول الاضافي الثاني الصادر في عام 1977".
وأشار، إلى أن "القوانين الدولية تمنع تدخل الدول في شؤون الأخرى إذا ما حدثت اضطرابات داخلية، وهو ما نصت عليه المادة الثالثة من نفس البرتوكول التي لا تجوز التدخل في شؤون الدول الاخرى إذا واجهت مثل هكذا اضطرابات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر".
أوضح الفتلاوي، أن "الحكومة لها أن تتخذ الاجراءات والتدابير اللازمة للحد من وقوع أية انتهاكات، والمقصود بالانتهاكات هو استخدام القوة المفرطة من أية جهة كانت".
وبين، أن "التاريخ مليء حافل بمثل هكذا احداث، ومرت الدول بين الحين والآخر بكثير من الاضطرابات الداخلية، ونظرة المجتمع الدولي لهذه الاحداث تكون عبر المنظمات الدولية بالمطالبة بضبط النفس واتخاذ التدابير المناسبة والحدود الدنيا لحماية حقوق الانسان".
واستطرد الفتلاوي، أن "تلك المنظمات تطالب الدول التي تشهد فيها اعمال عنف، منع استخدام القوة المفرطة أياً كانت لأن مثل هكذا موضوعات تكون ضمن الشؤون الداخلية ويكون الفصل فيها للقضاء والقانون الداخليين".
وأكد، أن "الفقرة الثانية من المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة أشارت بشكل صريح إلى امتناع الاعضاء عن التهديد باستخدام القوة ضد سلامة الاراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر يختلف مع مقاصد الأمم المتحدة".
ويواصل الفتلاوي، ان "هذه الفقرة تعني عدم جواز استغلال مثل هكذا اوضاع التي قد تشهدها الدول بالتدخل في شؤونها سواء بنحو مباشر أو غير مباشر".
وتوقع، أن "تصدر من المنظمات الدولية بيانات تدعو الاطراف العراقية إلى ضبط النفس وعدم الانجرار إلى ما لا يحمد عقباه وإمكانية عودة القوة المسلحة واتساعها".
وأردف الفتلاوي، أن "تلك المنظمات ستدعو أيضاً إلى حماية حقوق الانسان واتخاذ التدابير القانونية لملاحقة أي شخص بارتكاب جريمة اثناء التوترات الداخلية".
ورأى، أن "المؤسسات الدولية لاسيما المعنية بملف حقوق الانسان هي على مقربة من المؤسسات الحكومية العراقية في المطالبة بضبط النفس وعدم الانجرار إلى العنف على نطاق واسع".
ومضى الفتلاوي، إلى أن "الحكومة العراقية لجأت خلال اليومين الماضيين إلى اتخاذ اجراءات احترازية منها فرض حظر التجوال الذي كان الغرض منه منع اتساع الفوضى أو ارتكاب جرائم بدافع جنائي، لان بعض العصابات قد تستغل الفوضى في مهاجمة المؤسسات الحكومية أو الاملاك الخاصة".
من جانبه، ذكر استاذ القانون الدستوري في الجامعة المستنصرية منذر وائل في حديث إلى (المدى)، أن "إمكانية تدخل الأمم المتحدة في الوضع العراقي مرتبطة بصلاحية مجلس الأمن وفق أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة التي تجيز للمجلس أن يتخذ الاجراءات اللازمة المؤقتة والدائمة إذا ما وصلت الاوضاع إلى تهديد السلم والامن الدوليين".
وأضاف منذر، أن "الازمة الحالية في العراق لم تصل إلى هذه المرحلة لغاية الوقت الحالي، وبالتالي نجد مجلس الأمن لم يتدخل بشأن الاحداث الأخيرة".
وأشار، إلى أن "الأزمة في العراق سياسية لغاية الوقت الحالي وتحتاج إلى اتفاق وحل سياسي للخروج منها، وبالتالي فأن تدخل جهات أخرى لا مبرر له وبلا سند قانوني".
وشدد منذر، على أن "الوضع يحتاج إلى حوار وطرح مبادرة واضحة الملامح يتم على اساسها الحوار بين الفرقاء بأمل الوصول إلى الحلول".
ويجد، أن "البعض يعتقد أن الحل يكون بيد المحكمة الاتحادية العليا من خلال الدعاوى المنظورة أمامها بشأن حل البرلمان"، مؤكداً ان "أي قرار من المحكمة بشأن هذه الدعاوى لن يكون مرضياً لجميع الاطراف".
وذكر منذر، أن "القضاء بطبيعته يصدر قراراً يكون بين طرفين الأول سيكون مستفيداً واخر متضرراً منه".
وتحدث عن "عدم إمكانية اللجوء إلى الحلول التي ينتج عنها طرف رابح وآخر خاسر في السياسة، إنما ينبغي هناك اتفاق سياسي على حلول مناسبة".
واستطرد منذر، أن "مسألة تدخل جهات اخرى او دولية أو اقليمية ستبقى مرهونة بمدى قبول الاطراف المتنازعة فيما بينها بمقدار هذا التدخل".
ولفت، إلى ان "احكام القانون الدولي لا تسمح بهذا التدخل إلا من باب الوساطات أو السعي للحلول الدبلوماسية".
وانتهى منذر، إلى أن "موضوع تشكيل الحكومة مسألة سيادية متعلقة بالدولة ولا يمكن قبول تدخل أية دولة أخرى إلا من باب تقريب وجهات النظر وبناء على موافقة أطراف هذه الدولية، وبالتالي لا يوجد إلزام قانوني للتدخل".
وكانت المنطقة الخضراء وبعض المناطق قد شهدت مواجهات مسلحة بين عناصر تابعين للتيار الصدري وآخرين تابعين للفصائل المسلحة أوقعت عدداً من الضحايا.