TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: نحن أو الفوضى

العمود الثامن: نحن أو الفوضى

نشر في: 31 أغسطس, 2022: 11:24 م

 علي حسين

في 22 آذار 1945 اقترع البريطانيون على خسارة تشرشل الذي قاد بلادهم إلى النصر في الحرب العالمية الثانية.. لم يفعل صاحب شارة النصر الشهيرة، شيئاً سوى أن قال لسكرتيرته: "ماذا نفعل ياعزيزتي.. إنها الديمقراطية التي ستجعلني أنصرف إلى هوايتي المفضلة.. الرسم والكتابة".

وبعد سنوات يقترع الفرنسيون ضد التعديل الدستوري الذي اقترحه ديغول.. ولم يفعل الجنرال الذي حرر فرنسا من الألمان سوى أن وجه رسالة قصيرة للشعب جاء فيها: "اعتباراً من اليوم أتوقف عن ممارسة عملي رئيساً للجمهورية الفرنسية".

في مقابل صورة المسؤول الملتصق بكرسيه، نشاهد يومياً صوراً لمسؤولين يعتبرون أنفسهم جزءاً من التغيير والتطور الذي يشهده العالم.. لم نسمع أحداً منهم يعتقد أنه وريث السماء وعلى الناس الهتاف بحياته.

‎ في عراق اليوم يصرّالعديد من مسؤولينا على المضي قدماً في إعادة إنتاج نظام دكتاتوري جديد، ولهذا نراهم يرفضون مبدأ التداول السلمي للسلطة محذرين من أن تتحول الخلافات على المناصب إلى نزاعات مسلحة كما أخبرنا سعد المطلبي.. أو أن غياب دولة القانون عن السلطة، سيدفع بالبلاد إلى فوضى، كما يبشرنا جوقة المحللين السياسيين في الفضائيات

لا أريد من هذا المقال، مقارنة ساستنا بديغول أو تشرشل.. فأكيد لا أحد منهم لديه هواية الرسم والكتابة.. وأيضا لا أحد منهم يؤمن بالتداول السلمي للسلطة.. فنحن لا نملك برلماناً يذهب إليه المسؤول ليقدم كشف حساب بما قدمه للناس.. وما من قضاء يحاسب المخطئ.

الأنظمة الديمقراطية تعطي الحق للناس بانتخاب من يمثلهم في المؤسسات التشريعية والتنفيذية.. لكن ديمقراطيتنا "العرجاء" تريد أن تنقل إلينا نموذج "ما ننطيها ".. وحين نقول ياسادة، ألا تكفي كل هذه الاموال التي نهبت ؟! يكون الجواب: إنهم وحدهم القادرون على إنقاذ البلاد من الكوارث، وإنهم ماسكو العراق، ولولاهم لانفرط عقده.

من سوء الحظ أنه بعد سنوات ما يزال الكثير من سياسيينا يمارسون الخديعة والكذب، ومن سوء الحظ أيضا أن مسؤولين كباراً يتغنون بالديمقراطية كل صباح لكنهم لا يمانعون من الانقضاض عليها حين تتعارض مع مصالحهم الخاصة... لا ديمقراطية إلا لنفس الوجوه والباقي خونة ومتآمرون وينفذون أجندات خارجية.

ما الذي علينا أن نتعلمه من تجارب الشعوب؟ أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالعدالة الحقة لا مكان لها في ظل رجال يخططون من أجل الوصول إلى درجة من الإيمان، بأنه لا خيار أمام الناس سواهم.. لأنهم وحدهم يملكون القوة والحزم، مستبدون يخيفون الناس، لكنهم عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم والخوف والموت على الناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram