خاص/ المدى
بعد حوالي يوم كامل من الفوضى وسط العاصمة بغداد، التقط العراق أنفاسه بعد دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره للانسحاب من محيط المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، وذلك بعد سلسلة من الاشتباكات الدامية التي شهدها العراق بداية من ظهر الاثنين.
ويرى مراقبون أن ما حدث خلال منتصف الأسبوع الحالي في محيط المنطقة الخضراء، يؤشر ضعف الدولة، ويمكن ان يتكرر من جهات اخرى بعيدة من خارج التيار الصدري.
وشخص المراقبون، ثلاثة أسباب أوصلت البلد الى ما هو عليه الان، محملين المسؤولية لجميع الجهات السياسية.
ويقول الباحث بالشأن السياسي علي البيدر لـ(المدى)، إن «ما أقدم عليه الصدر، خطوة ايجابية لإعادة الأمور الى نقطة الصفر»، متسائلا «لكن ماذا بعد نقطة الصفر هل تنتكس الساحة العراقية مجددا أم أن هناك حلولا تقدم لانتشال البلاد من الفوضى؟».
وأضاف البيدر، أن «ما حصل في المنطقة الخضراء، يشير الى أن الاطراف التي هاجمها الصدر تمتلك القوة والامكانية والتحصين للدفاع عن نفسها، وتمثل ايضا اشارة الى الاطراف السياسية المرتبطة بتلك الجماعات، ويجب ان تتعامل معها بواقعية بعيدا عن اية رغبة».
وأشار الى أن «أحداث المنطقة الخضراء تؤشر ضعف الدولة في البلاد، وتعطي مبررا لتمردات مستقبلية بسبب وقوف مؤسسات الدولة على الحياد»، مبينا انها «قد تكون حجة وذريعة لأطراف اخرى خارج الإطار التنسيقي والتيار الصدري للقيام بمثل هكذا محاولات بعيدة عن هيبة الدولة».
ورأى الباحث بالشأن السياسي، أن «التحركات السياسية المستقبلية ستكون وفق ارادة الصدر، وستذهب الاطراف السياسية الى حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة»، لافتا الى ان «محاولات الإطار التنسيقي لا يمكن ان تتجه عكس ما يريده الصدر، حتى لا تعاد تجربة مواجهات المنطقة الخضراء».
وختم البيدر بالقول، إن «الشعب العراقي ما يزال رهينة الصراعات السياسية، والارادة الشخصية هي من تتحكم في المشهد، وهذا ما يؤشر عودة احداث الخضراء في اية لحظة».
بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية عامر حسن الفياض لـ(المدى)، إن «العراق على مدار 19 عاما خاضع للتدخلات الخارجية»، متسائلا «إذا كانت مخرجات الانتخابات هي من أدت بالعراق الى هذا الحال فكيف إذا كانت المدخلات غير انتخابية».
وأضاف أن «التيار الصدري هو الكلمة، حتى وان اعتزل الصدر السياسة فهذا لا يعني ان الصدر بعيد عن الشارع السياسي».
وأشار الفياض الى أن «ما حصل تتحمله جهات عدة، ويتمثل بثلاثة اسباب، اولها عجلة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بقبول استقالة نواب التيار الصدري، والسبب الثاني يتحمله الإطار التنسيقي من خلال العجلة باستبدال نوابه»، مستدركا «أما السبب الثالث يتمثل بتراخي ارباب البيت الكردي بتسمية مرشح منصب رئيس الجمهورية».
وتابع يقول أستاذ العلوم السياسية، «الخروج من الازمة لا يتم بطاولة الشوارع حتى وأن كانت سلمية، لابد ان تكون النتيجة توافقية عبر طاولة حوار لجميع الاطراف السياسية».
وقدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال مؤتمر صحفي، اعتذاره للشعب العراقي عما حصل من مواجهات، مؤكدا أنّ «العراقي المتضرر الوحيد مما يحدث، والوطن الآن أسير للفساد والعنف معا، بعدما كان أسيرا للفساد».
وكان الصدر يأمل بحسب قوله أن «تكون هناك احتجاجات سلمية لا بالسلاح»، مبينا أنّ «الثورة التي شابها العنف فهي ليست ثورة، أنا الآن انتقد ثورة التيار الصدري، كما انتقدت ثورة تشرين عندما خرجت عن مسارها».
وعن اعتزاله الذي أعلنه الاثنين قال الصدر «اعتزالي هو شرعي لا سياسي»، مؤكدا أنّ «اعتزالي من السياسة نهائي»، لافتا إلى أنّ «قرار الاعتزال نهائي بعد توجيه صَدَرَ من المرجع الديني»، في إشارة إلى بيان المرجع الديني، كاظم الحائري.
وفي ختام المؤتمر، قال الصدر: “لو تم حل الفصائل المسلحة لما وصل العراق لهذا الوضع”.
وانسحب جميع المتظاهرين من محيط المنطقة الخضراء ظهر الأمس، مع إعادة فتح الطرق بعد حظر تجوال شمل جميع المحافظات خلال يوم كامل.