TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > محطة للتأمل: فلسفة أوديشو

محطة للتأمل: فلسفة أوديشو

نشر في: 3 سبتمبر, 2022: 11:26 م

 سامر الياس سعيد

لفتني أثناء تصفّحي مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً فيديويّاً لإحدى لقاءات المدرب أيوب أوديشو يسأله فيه المقدّم في حوار سريع حول ما تداول في الشارع الرياضي بشأن رفضه مهمّة تدريب المنتخب الوطني وردّ المدرب على محاوره بشكل سريع لا يقبل الشكّ بأنه لم يرفض هذه المهمّة حتى بادرهُ المحاوِر لإعادة طرح السؤال ماذا لو دُعيتَ في الوقت الحاضر لتدريب الوطني، ما موقفك؟ فأجاب الأخير بأنه سيرفضها حتماً!

أوضح أوديشو أسباب الرفض والتي بدت منطقيّة حينما أشار الى أن رئيس اتحاد كرة القدم ووزير الشباب والرياضة الكابتن عدنان درجال قد جاهر قبل نحو أسابيع من أن مهمّة استقطاب اسم أجنبي لتدريب المنتخب الوطني تبدو غاية في الصعوبة كونها مرهونة بالاوضاع والظروف التي يعيشها البلد في ظلّ تعقيدات تحيط بمشهده السياسي وتنعكس حتماً على واقع الحياة العامة التي تجعل من مصطلح عيش البلد على (كف عفريت) أمراً شائعاً فلذلك تبدو مهمّة استقدام المدرب الأجنبي وضرورة تقبّله أمر قيادة المنتخب الوطني وتدريبه في الملاعب العراقية غاية في الصعوبة، والاستحالة التي ترجّح من كفّة المدرّب المحلّي وضرورة الاستعانة به أمراً واقعياً بسبب هذه الخاصية!

رؤية المدرب اوديشو تجاه الأمر تبدو منطقية بعد أن تكون كل الرؤى الخاصّة بضرورة الاستعانة بالمدرب الأجنبي وتحضير المنتخب وفقاً لرؤيته التكتيكيّة الخاصّة ذات منحى يبدو مناسباً في الاستعانة بالخبرة الأجنبيّة والاستعانة بإحدى المدارس الكروية التي ستنطلق منها سفينة المنتخب الوطني لتحقيق تلك الرؤية ممّا يجعل من فرضيّة الاستعانة بالمدرب المحلّي تتلاشى، فحينها ستكون الحاجة للمدرب المحلّي مرهونة بكونها متعلّقة بصفة مدرب طوارئ، وحتماً أن هذه التسمية تعكس غياب أي فكرة مناسبة من جانب المدرب المحلّي في قدرته على التأكد من جهوزيّة كل لاعب وقدرته على العطاء أو امكانية فرض خيارات من جهات خارج دفّة القيادة لكون المدرب محكوم بالسياقات التي تتيحها تلك المهمّة مقارنة بالاستقلاليّة التي يُمكن من جانب المدرب الأجنبي تحمّلها والدفاع عنها.

إن تصريحات الكابتن درجال التي أثيرت لم تكن منطقيّة في الدفاع عن أحقيّة المدرب المحلّي وضرورة الاستعانة به عبر قيادته للمنتخبات الوطنية وتحديد تلك المهام بالاسماء المحلّية بفرض تدريبها للمنتخبات الخاصّة بالفئات العمرية فحسب كونها تشكّل عتبات أولى للتدرّج العمري من جانب اللاعبين الصغار وضرورة تلقينهم مبادئ وأساسيات الكرة من جانب المدربين المحلّيين وصولاً الى العتبة الحاسمة بارتداء فانيلة المنتخب الوطني واحتماليّة تغيّر تلك الرؤى من جانب خضوع هذا المنتخب أو نظيره الأولمبي لقيادة مدرب أجنبي.

فلذلك تبدو مهمة الدفاع عن أحقيّة المدرب المحلّي واردة في قيادته للمنتخب الوطني كونه على تصوّر كامل بجهوزيّات لاعبيه ومستوياتهم وقدرتهم على تقديم المناسب في إطار أي استحقاق مع غياب الفرص التي أحيطت من جانب المدرب الأجنبي على إحاطة ملاعبنا بالخبرات والاسماء ممّن تشكّل مستقبل الكرة العراقية نتيجة ما مرّت به البلاد من أوضاع متباينة من الأمن والذي انعكس على حضور من أوكلت لهم مهام قيادة المنتخبات الوطنية عبر السنوات السابقة من مهام التجوال واستكشاف المواهب الكروية واقتصار ذلك على آراء الكشّافين أو الإعلام الرياضي ممّن رشّحوا اسماء يعينها لغرض دعوتها للمنتخب الوطني أو ما يتعلّق بترشيحات الكشّافين في الملاعب الغربية من إبراز رؤيتهم تجاه محترفينا ممّن يلعبون في الدوريات الأوروبية.

رفض أوديشو يبدو منطقيّاً كونه نابع من رؤية تدريبيّة عميقة لا يمكن أن تفرض اسمها بناءً على صعوبة استقدام المدرب الأجنبي ليتحوّل سوق المدرب المحلّي الى رواج منتوجه وترجيح الكفّة كونه يبدو آخر الملفّات التي يبدو حسمها كفيل بالظروف ومدى تغيّرها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram