حازم مبيضين
كانت الفرصة التي أتاحها لنا ملا بختيار، المشرف العام على مهرجان كلاويز الثقافي، بلقاء الرئيس العراقي جلال طالباني، مناسبة للسماع من رئيس القمة العربية، عن أوضاع الأمة، وأفاض بصراحته المعهودة، في تحليل الوضع القائم في المنطقة، مؤكداً أن لا تغيير في الأفق للخارطة السياسية، وأن التغيير سيتوقف عند تغيير بعض النظم الحاكمة، وبما يتيح للديمقراطية أن تأخذ دورها في حياة شعوب المنطقة، وخص الأردن بتحليل مطول ومفيد، مستذكراً أكثر من لقاء مع الراحل الملك حسين، أيام كان في المعارضة، مطارداً من نظام صدام حسين.
قال مام جلال - كما يحب أن يخاطب- إن الوضع متشابه بين العراق والأردن، من حيث تعامل العرب معهما، فالذين تخلوا عن الأردن في أزمته الاقتصادية الراهنة، هم من يحاصر العراق ويمنعونه من أداء دوره العربي، حتى أن هناك تجاهلاً لرئاسته للقمة، حيث تدار شؤون الجامعة العربية دون أي تشاور معه، وهو يعيد ذلك إلى الخوف من تجربة العراق الديمقراطية، التي يخشى البعض امتدادها إليهم، مع أنه يعترف أنه ما زالت في خطواتها الأولى. وكذلك الأمر بالنسبة للأردن، الذي يمارس شكلاً من الديمقراطية، يتناسب مع نظامه الملكي وظروفه الخاصة.
يؤكد طالباني أن بلاده ظلت على مدى تاريخها، تقدم كل جهدها ودعمها للقضايا العربية كافة، وهي اليوم مستعدة وقادرة على المضي في هذا الدور، بعد تحولها من الحكم الشمولي إلى فضاء الديمقراطية، ولكن على أساس أن من يطرق الباب يسمع الجواب، وبالنسبة للأردن، فإن العراق يبيعه كمية من احتياجاته النفطية بسعر خاص، كما أنه مستعد للانفتاح على كل احتياجات الشعب الأردني، في الظرف الخاص الذي يمر به، لكن ذلك يستدعي أولاً وأساساً، كما فهمنا من سياق الحديث, أن تتحرك عمان, وعلق بعض العراقيين على ذلك بتساؤلهم أين الضرر لو قام وفد وزاري رفيع المستوى، بزيارة عاصمة الرشيد للبحث في كافة أشكال التعاون بين البلدين.
يحمل الرئيس العراقي في ثنايا قلبه وعقله الحب للأردن، لكن علينا فهم معادلة الحكم الجديد في العراق، بعيداً عن أفكار القائد الأوحد الذي يأمر فيطاع, هناك اليوم أحزاب متعددة الميول، وقوىً سياسية فاعلة، لابد من سماع صوتها، وأخذ رأيها عند اتخاذ أي قرار استراتيجي، وليس عيباً الانفتاح على كل مكونات العملية في العراق، لكسب التأييد لأي قرار يتعلق بمساعدة الأردن على اجتياز محنته، وهي محنة وأزمة تكاد تعصف بالبلد، صحيح أن هناك علاقات إيجابيةً مع بعض مكونات العملية السياسية في العراق، لكن ذلك غير كاف، خصوصاً وأنها اليوم على هامش السلطة.
حديث الرئيس العراقي يفتح الباب أمام الأردن للتحرك باتجاه بغداد، بعيداً عن المواقف المسبقة المتعلقة بالعلاقات العراقية الإيرانية، وتداعيات الحدث السوري، وهو تحرك لابد أن يكون سريعاً وفاعلاً، إن كان هناك من يشاء الخروج من الأزمة الراهنة، أو التوقف عن المراهنة على تغير مواقف بعض الدول العربية، التي تمتنع عن مد يد العون للأردن في أزمته الراهنة، ولعل الكرة اليوم في ملعب الرئيس الدكتور عبد الله النسور، القادر على أخذ خطوة استراتيجية، تسجل له في خانة إيجابيات مسيرته السياسية.
مع الرئيس العراقي.. حديث ذو شجون
[post-views]
نشر في: 18 نوفمبر, 2012: 08:00 م