ترجمة: عدوية الهلالي
ياسمينة خضرة او (محمد مولسهول) هو رجل متعدد الأوجه. بدأ ملازما ثانياً ثم قائدا في الجيش الجزائري لمدة 25 عامًا ،
وهو كاتب أيضًا منذ أن كان عمره 18 عامًا فقد كان شغوفا بالكتابة ومن شغفه هذا ولدت المجموعات القصصية والروايات ، في الجزائر العاصمة التي يلتهمها التعصب وصراع القوى ، ماسيمنحه فرصة الحصول على سمعة دولية مع عدة ملايين من القراء ،كما تمت ترجمة أعماله إلى ما يقرب من 50 لغة ..وقد استخدم اسم زوجته (ياسمينه خضره) بدلا من اسمه الحقيقي اعتزازا بها وبدور المرأة في الحياة.
اختار ياسمينه خضره من خلال روايته (الفضلاء) العودة إلى مسقط رأسه القنادسة، بولاية بشار في الجنوب الغربي للجزائر، ليروي فترة الحرب العالمية الثانية، وكيف عاشها الجزائريون تحت ظروف الاستعمار والجوع والخوف ، وتمثل الرواية لوحة جدارية للجزائر مابين الحربين. فنحن في عام 1914، حيث نكتشف عائلة لديها شيء واحد فقط ، وهو الحب الذي يجمع بين أفرادها والمصائر التي تنتظرهم ..يقول ياسمينة خضرة:” القدر شيء يهرب منا ، يغرسنا في مكان ما ، لكنه لا يخبرنا بكل شيء. فالقدر ، على وجه التحديد ، هو فلسفة الحياة بأكملها ، كما يقدم لنا القدر أشياء ، فخاخ احيانا ، وطرقا جيدة في أحيان اخرى، ويتركنا لنتصرف بها”.
وفي حوار اجرته معه صحيفة لو ماتان قال انه اختار عنوان (الفضلاء) لأنه أراد بكل بساطة أن يقدم لقرائه الذين لم يتخلوا عنه أبدًا ، أفضل ما يمكنني تقديمه مشيرا الى ان هذه الرواية هي من أفضل نصوصه..
*إنها أيضًا مجموعة كاملة من المشاعر. فهل من الصعب كتابة المشاعر؟
- لايصعب ذلك لمن يحب ، فعندما نكون في حالة كره، فإننا نخون أنفسنا ، ونكتب كرهنا بشكل سيء للغاية. لكن الحب اكثر سلاسة ،وأنا أحب الشخصيات سواء كانت سيئة أو جيدة ، مستبدة أو ضحايا..لقد تعلمت أن أحب العالم كما هو. وهذه هي الطريقة التي أعيش بها حياتي على أكمل وجه.
*هناك ياسين الذي يمثل هذه العائلة ، وهذا الاتحاد مع والده الذي بترت يده خلال مبارزة ... أنه يمثل قبضة له حتى لو لم يقل ذلك، هناك تواضع هائل في هذه الكتابة. هل هو جزء منك؟
-أنا خائف جدًا من القارئ لدرجة أنني أحاول كسبه! هنالك نوع من التواضع. لقد كنت دائمًا خجولًا بعض الشيء ، وحتى لو أجبرتني الهجمات التي كانت تثار حولي على الرد. ولكن في أعماقي ، أنا أشبه ياسين قليلاً.
*هذا الكتاب مخصص لأمك. تقول في الاهداء: “الى أمي التي لم تستطع القراءة والكتابة والتي ألهمتني بكتابة هذا الكتاب”؟
- امي لم تعد موجودة، نعم. لكن غيابها كان مصدر إلهام قوي للغاية. كل ما تخيلته كان من خلال نظرتها. كانت امرأة أميّة ، لكنها كانت شاعرة، وهي التي عرّفتني على جمال الاشياء. صحيح أنها لم تكتب ، لكنها كانت تجيد قول الأشياء كماهي ، اذ كانت تراها بنظرة فريدة وصحيحة تماما.
*يحتل الأب مكانة مهمة جدًا في هذا العمل..أليس كذلك؟
- ربما لم يكن له دور بارز في حياتي. لطالما تساءلت عن سبب حزني لمشاهدة الآباء. ربما لأنني اشتقت إلى والدي كثيرا.كان ضابطا في جيش التحرير الوطني الذي كان يشكل الجناح العسكري لجبهة التحرير الوطني في الحرب من عام 1954 إلى 1962.
*لماذا تم إرسالك إلى الجيش مبكرا؟ وهل أخذت الوقت الكافي لتكبر؟
-لقد بلغت الشيخوخة ولم اكبر فقط. كان والدي يحبني كثيرا.وكنت دائمًا قريبًا من حزنه وكانت الطريقة الوحيدة التي تمكنه من تغيير حياته حقًا هي أن يأخذني إلى مكان آخر بعيدًا عن عينيه. لذا وضعني في هذه المدرسة العسكرية لأتمكن من بناء حلمه الخاص.
*لقد خدمت في الجيش الجزائري 25 سنة. ماذا تمثل الجزائر بالنسبة لك؟
-لاأفهم سبب عدم تمكن الجزائرمن إستغلال إمكانياتها اوثروتها وسعادتها. قد لا تستحق كل التضحيات ، لكننا نحبها. إنه جنون. ربما هذا ما يساعدنا جميعًا على المضي قدمًا في الحياة.
*لقد قررت ، بسرعة كبيرة ، أن تتقاعد من الجيش ؟
-لقد خلقت للكتابة. لم أستطع أن أخيب ظن والدي. الآباء لدينا مقدسون. وعندما قررا ، بالنسبة لي ، الالتحاق بالجيش ، قلت: حسنًا. لقد أعطيت 25 عامًا من حياتي لوالدي. الآن أعيش من أجلي انا ، لكنني لم أستطع فعل ذلك دون المرور بالكتابة.
*لقد كتبت كتابًا تروي فيه قصة زوجين أفغانيين في ظل نظام طالبان. وقد عادت طالبان الى هناك. ما رأيك في ذلك؟
-أنا حزين لأننا عدنا إلى المربع الأول وهذا فظيع. أفكر قبل كل شيء في هؤلاء الفتيات الصغيرات اللواتي تعلمن أن يكن عصريات، ومارسن الغناء ، والحلم ، والعمل كصحفيات. لكن عشرين عاما من الأمل انتهت وانهار كل شيء. وهذا مرعب.
*هل أنت فخور بالرحلة التي قمت بها بالفعل؟
-أنا فخور بشكل خاص بالرجل الذي أنا عليه بصدق. أود أن أغادر هذا العالم دون أن أؤذي أحدًا. انها فلسفة هذا الكتاب. لقد شفاني هذا الكتاب من نفسي. إنه أمر غريب ، ولكن عندما أنهيت كتابته ، شعرت أنني قد استأصلت ورمًا هائلاً من أعماقي.