رفعت عبد الرزاق محمدعلى الرغم من الكتب والمقالات الكثيرة َ التي تناولــت ْ ثورة 14 تموز 1958 واحداثِها السريعــة ورجالها فإن الكثير من الحلقات المهمة في تطور احداثها ، لم يزل ْ الغموض ْ يلفها والتساؤلات حولها مستمرة َ .
ولم تكن احداث ثورة 14 تموز 1958 وحدها جديرة بفك طلاسمها وكشــف غوامضها ومعرفــة حقيقة ماجرى فيها ، فإن تاريخ العراق الحديث مليء ٌ بالألغاز ، وتكتنف حوادثه ِ الجسيمة َ الكثير من النقاط الغامضة .وإذا كانت الدراسات الاكاديمية وكتب المذكرات قد كشفت العديــد مـن اسرار العراق الحديث ، فإن مانقرأه اليوم من مقالات وكتب ، اضافت الى الغموض غموضــا ً ، وخاضت البحث بأساليب بعيدة َ عن الحياد والانصاف والصدق .ولعــل السبب في ذلك – كمــا نعتقــد – هو غيــاب الوثائق الكاملة وفقدانها او تفرقها ، والاسباب معروفة للجميع (!) كما ان غياب الاشخاص الذين كانوا في مركز الاحداث وما تحمله صدورهم من ذكريات ، اضـــاف الى مشكلة البحث في تاريخ العراق الحديث ، عوامل اخرى من الاحباط والنقص والافتراء ، فضلا ً عن الحوار الفكري لدى العديد من الكتاب . نظرنا الى امر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق ُومن القضايا الغامضـة التي تثيــر الريبــة ، موقف الحرس الملكي وآمره ُ من احداث صبيحة يوم الثورة في تنفيذ ما اوكل اليه من مهمة الدفاع عن الاسرة المالكة وقصورهم ، وقد تضاربت الروايات في ذلك ويبدو ان الامر أ ُثير َ من البداية فطلبت قيادة الثورة مــن آمــر الحــرس الملكــي يــوم ذاك العقــيد طه مصطفى البامرني ان يكتب تقريرا ً بذلك ، والبامرني لم يكن منتميا ً لحركة الضباط الاحرار ولعلــه لــم يسمع بتلك الحركة ايضا ً ، كما يستشف من تقريره الذي نعرضه ُ هنا .ومــن المناســب ذكره هنــا إن البامرنــي حظــي برعاية الثورة ، بل انه كُلف بآمرية ( المقاومة الشعبية ) وهـي وحدات شبــه عسكريـة مـن المتطوعيــن قيل إن احد الاحزاب السياسية الفاعلة آنذاك ، (1959) كانت المبادرة لتشكيلها ، ولم يكن طه البامرني منتميا ً لهذا الحزب ( ! ) .لم يُنشر التقرير كاملا ً قبل َ هذا وقد اعتمده الدكتور ليث الزبيدي في رسالته ِ المطبوعة عن ثورة 14 تموز كما اعتمده الاستاذ عبد الجبار العمر في كتابه ِ ( الكبار الثلاثة ) . ونشر بعضه ُ الاستاذ خليل ابراهيم حسين في موسوعته عن الثورة واشار َ اليه ِ العديــدون دون الاطلاع عليه . وكان الاستاذ عبد الجبار العمر في سبيل نشـر التقرير فــي مجلــة (آفاق عربيــة) في الثمانينيات عندما اقامت المجلة المذكورة ندوة تاريخية لرجــال الثورة مــن العسكريين وغيرهم ، غير ان الامر لم يتحقق ولفه النسيان .وقد نقلت هذا التقرير بخطي عن نسخة العمر ، كما اطلعت على نسخة الاستاذ كامل الجادرجي المحفوظة لدى الاستاذ نصير الجادرجي ، ولم اجدها تختلف عن نسخة العمر المستنسخة عن نسخة البامرني التي آلت – كما اخبرت – الى هيئة كتابة التاريخ العسكري . واليك نص التقرير : موقف العقيد طه مصطفى البامرني آمر فوج الحرس الملكي ووكيل آمر اللواء سابقا ً من ثورة الجيش العراقي المباركةضد عهد الطغيان والملكية الفاسدة في صباح يوم 14/7/1958 * كنت قد ارسلت عائلتي للاصطياف في قرية بامرني منذ شهر ونصف كالعادة في كل سنة ولهذا كنت اسكن في الفوج ، ثكنة الحارثية ، وكان في الفوج في ذلك اليوم رئيس الخفر الرئيس سالم رشيد وضابط الخفر الملازم ثاني محمد امين وضابط خفر في ثكنة سرية الرحاب الملازم كاظم جبر .* كان من المقرر اخراج حرس الشرف صباح هذا اليوم لتوديــع الملك فيصل بمناسبة سفره ِ الى تركيا فتحركت سيارة ( باور ) من الفـوج حوالــي السـاعة (0400) جلب ضباط حرس الشرف مبكرا ً ولهــذه المناســبة أيقظت من النــوم بالساعـة ( 0500 ) للإشراف على حرس الشرف وارساله ِ الى المطار .* بينما كنت منشغــلا بحلاقــة وجهي حوالــي الساعــة ( 0515 ) اتانــي رئيس الخفــر مســرعا ً واعلمني بأن الملازم الثاني ( فالح زكي حنظل ) المنسوب الى وحدتنا اخبره تلفــونيا ً بأنه عندمـا كـان يذهب الى مدرسة المشاة للإلتحاق بدورة تدريب المشاة وجد ان الجســر ودوائــر البريد محتلة من قبل لواء العشرين وقد تم انقلاب الحكومة فاخبرته ُ بأنه ُ متوهم واليــوم موعــد حركــة اللــواء الى الاردن ولابد ان للقوات هذه ِ مواقع سيطرة على الجسر فاخبرني رئيس الخفر " كلا لأنهم منعوا الملازم فالح زكي من اجتياز الجسر " وحينذاك طلبت منه ان يتصل تلفونيا ً مع ضــابط خفـر الانضبـاط العسكــري يستوضح منه هذا الموقف .* عندما كان رئيــس الخفــر يحاول الاتصال تلفونيا ً مع ضابط خفر الانضباط العسكري كان آمر حرس الشرف ( الرئيس عبــد الرحمــن صالح ) قد وصــل الـى ثكنة سريته ِ في قصر الرحاب واتصل َ تلفونيا ً مع رئيس الخفر واكد َ له ُ قول الملازم الثاني فالــح زكي حـول حادثة ِ الانقلاب كما طلب من رئيـس الخفــر للإستف
(المدى)تنفرد بنشره..تقرير العقيد طه البامرني آمر الحرس الملكي عن أحداث14تموز
نشر في: 14 يوليو, 2010: 06:30 م