عمـار سـاطع
ما أن رفعَ اتحاد كرة القدم سقف تعاقدات أندية الدوري الممتاز للمحترفين من خارج البلاد من خمسة لاعبين الى ستة لكلّ نادٍ، حتى بدأ سباق التنافس لخطف الأفضل والأبرز من اللاعبين لتدعيم صفوف الفرق بشكل لا يصدّق!
أعداد هائلة بدأت ترسم ملامح خارطة جديدة في كشوفات فرق الدوري الممتاز للموسم الجديد 2022-2023 من مختلف الجنسيّات ومن دول عديدة، من أجل اللّحاق والإسراع للدخول في معسكرات تدريبيّة وصولاً الى الجاهزيّة الأكمل قبل بدء المنافسات المحلّية!
أرقام فلكيّة فعلاً من الأموال صُرِفَتْ من أجل الفوز بتوقيع هذا اللاعب أو الاتفاق مع ذاك، لتدعيم خطوط فرق أنديتنا من مهاجمين بارزين وصانعي ألعاب معروفين ومدافعين أشدّاء ومواهب سطعت في دوريات أخرى ومخضرمين قد يكون لتواجدهم فرصة لزيادة المُتعة والإثارة في موسمٍ قد يكون الأخير قبل الولوج بدوري المحترفين الذي طال انتظاره فكرةً وتنفيداً!
في اعتقادي الشخصي أن ما توصّلت إليه بعد نحو شهر ونيف على فتح أبواب التعاقدات مع المحترفين الأجانب من دون إيجاد سقف محدّد بعدد اللاعبين، سيصل بنا الى تشكيلة كاملة من اللاعبين خارج البلاد، بدلاً من الاعتماد على لاعبينا المحلّيين، مثلما اعتقد أن اشراك خمسة لاعبين أساسيين كمحترفين في المباراة والإبقاء على لاعب آخر كبديل، هو منح فرصة التنافس للأجنبي أكثر من لاعبينا وبمثابة (بروفة) قبل الوصول وإكمال مسودّة دوري المحترفين، بمعنى آخر أنها البوّابة الأولية لتطبيق فكرة دوري المحترفين رسمياً!
في الواقع إن ما ظهر في الثلث الأخير من شهر حزيران الماضي من كُتب مخاطبة الاتحاديّن الآسيوي والدولي من قبل (FIFPRO) بالتشاور مع الوكيل القانوني للاعبين والمدربين من الذين تأخّرت إدارات الأندية في تسديد مستحقّاتهم وفُرض عليها بنوداً وأحكاماً باتت مُلزمة بدفع الأموال المتأخّرة التي بذمّتها ولم يتم تسويتها منذ مواسم طويلة مع أولئك اللاعبين والمدرّبين، يؤكد لنا أنها ما تزال عالقة، ولن تحصل الأندية على التراخيص الكاملة، إلا إذا أكملت هذا الملفّ الشائك والذي يصل الى ملايين الدولارات، مثلما ستكون هذه نكبة على الأندية التي تتعاقد ومستمرّة في التعاقدات وفي ذمّتها ديوناً ماليّة كبيرة، لم تتم تسويتها، ولن تتمكّن من فتح حسابات مصرفيّة رسميّة، إلا إذا تمكّنت من دفع ما بذمّة الأندية من أموال، مثلما هو بالفعل تناقض ما بعده تناقض!
ولأن الأمر خطير وغير مقبول تماماً، فإن الأندية اليوم أصبحت تواجه مُعضلتين، ديون ماليّة في ذمّتها ومبالغ طائلة تُصرف من دون تخطيط مُسبق، فمن أين تأتي بالأموال، وهي في الأساس تعيش بميزانيّات خاوية، بل وتستدين الأموال لتتمكّن من مواصلة مشوارها في المسابقات المحليّة قبل استحقاقاتها الخارجيّة، مع التذكير أن أغلب الأندية تعاني الأمرّين حتى في قضيّة التسويق والنقل والإعلانات، بل أن أكثر من ثلثي الأندية تلعب مبارياتها وهي تستأجر الملاعب وتتنقل من ملعب الى آخر لإجراء تدريباتها!
ما دعاني للكتابة بهذا الشأن هو التخبّط الذي تعيشهُ رياضتنا وتعتاش عليها أنديتنا بالشكل الذي أوصلنا الى أن تُقرّر إدارة أحد الأندية الانسحاب من منافسات الدوري الممتاز لأنها تفتقر الى الدعم والتمويل أو بسبب قلّة التخصيصات، أو كما حدث في الموسم أو الموسمين الماضيين، إذ أن هناك مؤسّسات رسميّة كانت تدعم عدداً من الأندية وفجأة أوقفت منح الأموال نتيجة لارتكاب مُخالفات في العقد المُبرم أو لتدخل المؤسّسة بالضغط على إدارة النادي ومطالبتها بالتخلّي عن مواقعها لأنها وجدت أن الإدارة غير كفوءة، أو كما حدث في عدم تنفيذ شروط العقد بسبب الأموال التي أهدرت في غير محلّها.
أكثر من 16 نادياً أبرم عقوداً مع نحو 90 محترفاً وهذا الرقم في حقيقة الأمر، غير نهائي، فهو قابل للزيادة سواء من ناحية عدد الأندية أو حتى المحترفين، قبل إغلاق باب التسجيل رسمياً والإعلان عن التشكيلات الرسميّة لكلّ نادٍ في دوري الموسم الجديد، غير أن الذي أعنيه هنا بالتحديد أن الأموال التي صُرفت كانت كفيلة ببناء فرق فئات عمريّة أكثر تطوّراً وترميم بعض من الملاعب المُتهالكة أو نصب أبراج الإنارة بدلاً من اللعب في ساعات النهار تحت أشعّة الشمس اللاهبة!