حازم مبيضينأنهت حكومة الشيخ اسماعيل هنية حملتها البائسة الرامية كما قالت لمكافحة التخابر مع الاسرائيليين وإعلان التوبة لمن تورطوا في خيانة وطنهم وقضيتهم وكأن مجرد الوقوف بين يدي واحد من شيوخ حماس لاعلان التوبة عن الخيانة كافية للصفح عن أبشع وأقذر جريمة يمكن لانسان أن يرتكبها بحق وطنه، وكأن هذه التمثيلية الهادفة فعلياً لإلهاء الغزيين عن مشاكلهم الحياتية المتفاقمة ستخلص قطاع غزة من ظاهرة العملاء والتخابر مع الاحتلال،
وكأن الإعلان عن التائبين سيصرف أنظار الغزيين عن الاختراقات الهائلة للمخابرات الاسرائيلية داخل صفوف الحركة الجهادية، وهي اختراقات أدت إلى تصفية العديد من قيادات هذه الحركة واستهدفت الشرفاء المؤمنين بالقضية الوطنية كأساس للعمل السياسي والجهادي في آن معاً. التائبون أطلق سراحهم بعد أن أُجريت معهم مقابلات لا تتجاوز الساعتين بهدف معرفة توقيت التجنيد وكيفيته، وبعض المعلومات والتفصيلات التي تتعلق بهذا الخصوص، بحسب ما أعلنه رئيس هيئة التوجيه السياسي والمعنوي في داخلية إمارة حماس أنور البرعاوي، الذي بشرنا بأن وزارته تعكف على تنظيم برنامج إرشادي لتوعية المجتمع بخطورة التخابر مع الاحتلال، وكأن الفلسطينيين يختلفون عن بقية بني البشر ولا يدركون أن التجسس لصالح العدو خيانة للوطن تستحق أقسى العقوبات وليس مجرد إعلان التوبة التي لايمكن لأحد التأكد إن كانت توبة نصوحا. وهو بذلك يتهم المجتمع الغزاوي بقابلية الانجرار إلى مستنقع العمالة للاسرائيليين على حساب القضية الوطنية مقابل مكاسب مادية رخيصة . حكومة حماس بتصرفها هذا كأنها تعطي الامان للخونة، ويكفي للمتعاونين مع الاسرائيليين اعلان توبتهم لاحقاً أمام شيوخ حماس ولا بأس أن يتم ذلك في المسجد وبعدها عفا الله عن ما مضى، وهي اليوم تحاول البحث عن مبررات للجواسيس باعتبار أن الفقر والبطالة وضعف الوازع الديني وتدني المستوى التعليمي وغياب الانتماء الوطني أسباب توقع الشباب في شباك الأمن الإسرائيلي، وكأن سنوات من حكمها للقطاع، وسنوات قبلها في الدعوة لم تحصن الشباب من الانخراط في صفوف الإسرائيليين، وهي بعد كل حملتها ترفض وصف التعامل مع الاحتلال بالظاهرة، لأن العملاء في غزة يبقون حالة نادرة بفعل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وليس بسبب الانتماء الوطني الذي نعرف قبل حماس أن الغزيين يتمسكون به تمسكهم بالوطن والحياه.طبعاً لم تفوت حماس فرصة العثور على " التائبين " فاتهمت أجهزة أمن السلطة حين كانت في غزه بأنها كانت من أسباب وجود هؤلاء، لكنها في تناقض مع ذلك تعترف أن منهم من أُبتز لإكمال تعليمه الجامعي، ومنهم من ساومه الاحتلال للعلاج في المشافي الإسرائيلية، ومنهم من اعتمدوا في تجنيده والتواصل معه على تقنية تحديد المواقع "جي بي إس"، وتتجاهل أن الاحتلال أينما وجد يسعى لتجنيد عملاء له، وهذه ظاهرة لا ينفرد بها الإسرائيليون فحسب، وكأن حماس بكل خبراتها التي نفترض أنها تراكمت عبر تجربتها تجهل أن إسرائيل معنية بإبقاء مصادرها المعلوماتية داخل غزة، لأن التجربة أثبتت أن العملاء أنجع وسيلة للاختراق، لأن تقنيات التصوير والتجسس والمراقبة عن بعد لا يمكنها أن تفي بالغرض. لا نتجاوز على قيادات حماس إن طالبناهم بالتعامل مع عملاء إسرائيل على هدي ما كتبه الشاعر العراقي بدر شاكر السياب حين قال : " إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون .. أيخون إنسان بلاده ؟ إن خان معنى أن يكون فكيف يمكن أن يكون ؟ ". وليس على طريقة " التوبة " التي تشبه تبويس اللحى بعد أي شجار بين صديقين.
كلمة وفاء: الخيانة والتوبة
نشر في: 14 يوليو, 2010: 06:52 م