ترجمة: خنساء العيداني
تقدم قاعة (M.A.D.Gallery) معرض LINK للنحات سيو يونكـ-ديوك، الفنان الكوري الشغوف بالمنحوتات المثيرة للاهتمام،
وبالكشف عن تعقيدات الشخصية البشرية، عبر خلال عملية دقيقة وشاقة لسلاسل ملحومة لتشكيل شخصيات بشرية أنشأها النحات من مجموعات رائعة من الأعمال الفنية، وهي، بالنسبة له، تنقل السلسلة الحديدية المترابطة قوة الإنسان وهشاشته خلال فترة التصنيع الفوضوي.
ولد سيو يونكـ-ديوك عام 1983، ونشأ في سيول بكوريا وكان يحلم بأن يصبح فنانًا منذ صغره، وتحقيق طموحه، تخرج ولد سيو يونكـ-ديوك من قسم النحت البيئي في جامعة سيول في عام 2011 ثم في ورشة عمل صغيرة تحت الأرض، حيث بدأ كل شيء؛ بدأت مسيرته الفنية في النمو بسرعة؛ فقدم تسعة معارض فردية وجماعية حول العالم، من ميلانو وباريس واسطنبول ونيويورك، وان اعمال سيو يونكـ-ديوك موجودة في مجموعات كبيرة في جميع أنحاء العالم كالهند، وإيطاليا، وغيرها، وكلها تسلط الضوء على منحوتاته البشرية الواقعية.
من خلال استكشاف العلاقة بين البشر وبيئتهم، اشتهر سيو يونكـ-ديوك بتماثيله شديدة الواقعية، لشخصيات بشرية بحجمها الطبيعي مصممة حصريًا من سلاسل ملحومة مأخوذة من سلاسل نقل الحركة لآلات صناعية ودراجات. إن الأشكال التي يصنعها الفنان بهذه المادة الباردة والداكنة، سواء كانت وجه إنسان بعيون مغلقة، أو جسدًا يطفو على السطح من الخلفية، مشبعا بعاطفة قوية وسلمية أو حتى بتعقيد المجتمعات الحديثة؛ فيشير الجانب غير المتكافئ الأخير من الغلاف الخارجي للتماثيل إلى ظهور خلايا مكررة، أو سلسلة تترك عمداً غير مكتملة؛ فظل جسم الإنسان دائمًا أساسيًا في منجزه، وربما يرجع ذلك إلى تأثير والده خياطا متخصصا يقيس بشكل مثالي ما يناسب كل عميل. يتذكر يونغ دوك: “لقد تأثرت معظم أعمالي بحياتي في طفولتي مع والديّ... ومع ذلك، بعد أن كبرت كفنان، تأثرت بحياتي الحالية، وعائلتي في أعمالي الفنية، وفي الآونة الأخيرة، ولد ابني وهو يلهمني يوميًا”.
عملية الخلق:
«ذات يوم، صادفت كومة من سلسلة معدنية ملقاة في الشارع» يصف يونغ ديوك مصدر الإلهام لوسيطه المختار، «بدا وكأنه شيء يشبه الآلة يتلوى كما لو كان حيا؛ فشعرت وكأنني أنظر إلى إنسان يرتجف ملقى في الشارع، وفي تلك اللحظة، اعتقدت أنني قد أصنع جسمًا بشريًا بهذه السلسلة، والتي قد تكون أفضل مادة لوصف الحياة المتشابكة للبشر المعاصرين. لذلك بدأت في تعلم تقنيات اللحام وحاولت تطبيقها على عملي الفني».
في ورشة عمل، تقع في ضواحي سيول، مليئة بمعدات اللحام، ونماذج الجبس، يقوم النحات وفريق من عشرة حرفيين متخصصين بتخليق المنحوتات، فتخيل مساحة مصنع صاخبة مع شرارات تتدلى من آلات اللحام بغاز الأرجون، مع سلسلة ربط للحرفيين معًا، ورافعات ترفع منحوتات اكبر من نظيرتها في الحياة، ومعدات مثل المطاحن، وأدوات القطع، والمنتجات الكيميائية، والجص في جميع الأنحاء - هذا مشهد نموذجي في الاستوديو. يوضح النحات: «أستمتع بالعمل بمفردي في ورشة العمل عندما يذهب الجميع... إن أعمالي الفنية أكثر صعوبة مع الأشكال الأكبر والأكثر تعقيدًا، ان عملي منفردا يمكنني من حل التعقيدات بسهولة.»
حلقة الوصل (LINK):
ان (LINK) تعني علاقة ربط بين شيئين، تربط المنحوتات المتشابكة في مجموعة من الروابط (LINKS) الوسطَ القاسي نسبيًا للسلسلة المعدنية ليوحي بنعومة جسم الإنسان؛ مما يشير إلى أن الروح البشرية المكبوتة من قبل الحضارة الصناعية والمادية اليوم.
في مجموعته التي تنتمي الى الوضع الكلاسيكي، (المفكر 300)، والمكونة من 8 قطع تمثل شخصية رجل مجهول الوجه يجلس واضعا يده على ذقنه، وخافضا ركبتيه ربما يفكر في مشاكل العالم، والمنحوتة مصنوعة من السلاسل الحديدية المستخدمة لنقل الحركة في الدراجات، كل رابط يتم وضعه بعناية شديدة في تشكيل العضلات ليظهر كجلد لجسم الإنسان، وهذا التمثال الرائع، الذي يبلغ وزنه 60 كجم وطوله 122 سم، هو أكبر تمثال في المجموعة.
التأمل 285:
تم صنع الشكل البشري (Meditation 285) من 10 قطع، من سلاسل حديدية صدئة لإثارة إحساس بالشيخوخة، في وضع نصف جاثم، ونصف راكع بأذرع ممدودة بأناقة. هذه القطعة الفنية القوية بصريًا يبلغ طولها 164 سم وطولها 85 سم. ليس من السهل تكوين شخصية بشرية قوية باستخدام السلسلة، وينفذ النحات رؤيته الفنية ببراعة، فافتقار المنحوتة لوجه يولد الفكر والعاطفة والفضول في المراقب.
نيرفانا 37:
يُعرف هذا المخلوق باسم (Nirvana 37)، ويتألف من 20 قطعة، ويصور حالة من السعادة الكاملة، النيرفانا، وهو الهدف النهائي للبوذية. حتى مع تعقيدات سلسلة الفولاذ المقاوم للصدأ المنسوجة، فإن وجه هذا التمثال يثير السكون.
التأمل 130:
يركز التأمل 130 (10 قطع) على الهدوء، والوجه بأعين مغلقة بلطف والشفاه في حالة راحة. تم وضع سلسلة الدراجة المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ بشكل معقد، مما يخلق منحوتة على الحائط بارتفاع 110 سم وعرض 75 سم. غالبًا ما يقول الناس أن الغرض من التأمل هو «الحفاظ على العقل» وهذه القطعة تعكس شخصًا عميقًا في تفكيره.
التأمل 110:
ان تقنية تركيب (التأمل 110) مخصصة للتعليق بالسقف لإضفاء مزيد من الأهمية. يعكس الجسم الأجوف الذي يحوم معلقا حالة من عدم اليقين وهشاشة الحياة. هذا العمل المؤلف من 10 قطع، والذي يبدو أنه في وضع تأمل، ويهدف إلى تسليط الضوء على الراحة التي نتلقاها من (الصمت/السكون)، ضمن حالة (تأمل زن) وسط مجتمع اليوم الفوضوي الحديث.
لماذا يوجد رقم في كل منحوتة، انه طول السلسلة المستخدمة لإنشاء العمل بالأمتار، فعلى سبيل المثال، يستخدم المفكر 300 سلسلة دراجات بطول 300 متر! يتضمن كل عمل فني توقيعًا محفورًا على جانب أو أسفل العمل الفني بالإضافة إلى خطاب ضمان.
تبدأ عملية الإنشاء بفك وإعادة تجميع الدراجة أو السلسلة الصناعية بحيث تكون في حالة جيدة، بعد ذلك، بعد أن يكون الوضع والشكل واضحين بالنسبة له، يقوم النحات بإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد على جهاز الكمبيوتر الخاص به، متبوعًا بنموذج من الطين أو الستايروفوم الذي يتم تغطيته بعد ذلك بالجص لإنشاء قالب. بعد اكتمال نمذجة الجص، يتم تجميع السلسلة رابطًا تلو الآخر حول القالب وفوقه. الخطوة الأخيرة هي معالجة القطعة بطبقة خاصة.
اعتمادًا على حجم العمل، تستغرق المنحوتة بحدود ثلاثة أشهر، مع تفكيك السلسلة وإعادة تجميعها واللحام، فـ»تتطلب هذه العملية المثابرة، لذلك يبدو أنها ممارسة تقشفية... لكنني أستمتع بهذه العملية، وأعتقد أن الصعوبات متعة في نفس الوقت».
«أعتزم أن أشعر بما يراه الجمهور، وأكشف عن المشاعر مباشرة دون تجنبها»، عبر يونج دوك عن أعماله ثلاثية الأبعاد، «إذا شعروا أنها جميلة، فستكون جميلة، وإذا اعتقدوا أنها قبيحة ستكون قبيحة. اتجاهي هو أن أكون صادقًا قدر الإمكان».
تحكي مجموعة يونج دوك للمنحوتات المعاصرة قصص الناس وتعبر عن المشاعر الإنسانية التي تثير مشاعر حقيقية من مراقبيها - إنها ترسل عقولنا هنا في معرض (M.A.D.Gallery)، وحيث يتمتع يونج دوك بموهبة وحماس هائلين، وهو ما يتضح من خلال استخدامه الرائع وغير التقليدي لسلسلة الارتباط البسيطة لإنشاء أعمال فنية قوية.