اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: للمرة الألف.. لا نصدقكم

جملة مفيدة: للمرة الألف.. لا نصدقكم

نشر في: 14 سبتمبر, 2022: 12:20 ص

 عبد المنعم الأعسم

على مدار الساعة تداهمنا اخبار يقال عنها مفاجئة، او مثيرة للاستغراب، او بمثابة قنبلة دخان، وهي تعلن عن لقاء احد السياسيين العراقيين بسياسيّ آخر من معسكر آخر يدخل اسمه في قائمة الخصوم او المعارضين أو احيانا "المتآمرين" او "المنشقين" ويتطور الخبر، بحسب وظيفة التخيُّل وموهبة المتخيِّل، الى رواية وابطال ودول،

والحال ان بعض هذه اللقاءات قد تتم عرضا في صالة مطار او في احد الفنادق أو حتى في مناسبة اجتماعية عابرة، لتلتقطها عين المحمول، ثم لتصبح مادة اعلامية مثيرة، فصفقة.

وحتى لا نبسّط الامور، ولا نتعامل مع هذه الاخبار بسذاجة، فان ثمة لقاءات حقيقية (قليلة ومتباعدة) تجري بين لاعبين من اطراف متخاصمة، بهدف استبيان خلفيات المواقف او أبعادها أو مدياتها، او للبحث عن مفاتيح للخروج من الدوامة السياسية، وقد يبادر هذا السياسي أو ذاك الى عبور حاجز الحساسيات و"المحرمات" ليلتقي بآخر من جهة مناهضة أو من معسكر "عدو" في محاولة لتبادل النقاش في قضية يمكن لها ان تتوضح فقط على طاولة في صالة بعيدة عن الانظار، وليس بالضرورة ان يسفر اللقاء عن اتفاق، فان غالبية مثل هذه اللقاءات لا تصل الى نتيجة بسب الجدار الكونكريتي الصلب من انعدام الثقة والريبة والشكوك التي عشنا تفاصيلها طوال حوالي عام.

والحق ان للصفقات شروط معقدة ورجال محترفون. يقول السياسي النمساوي الشهير في القرن التاسع عشر كليمنز فون مترنيخ وهو يدافع عما عُرف به كمهندس للصفقات "ليس كل لقاء بين السياسيين يعني وجود صفقة.. لا تدنسوا سمعة الصفقات" وتقوم "امجاد" مترنيخ على صناعة اتفاقات مثيرة (سميت صفقات) بين ممثلي الاطراف المتحاربة في اوروبا، وقد عرف على نطاق واسع ان اولئك السياسيين كانوا يشتمون بعضهم في الممرات التي توصل الى صالات الاجتماعات، لكنهم سرعان ما صاروا يتصافحون لأنهم جنبوا بلدانهم المزيد من الحروب.

المشكلة لدينا تتمثل في ضيق حوصلة الجماعة القابضة (الان) على مشيئة ما تبقى من اسمال العملية السياسية وازدرائها لخيارات الاعتراف بالفشل والاستعداد للتنازل والمبادرة الى تصويب المواقف الخاطئة، وقلة امثلة الشجاعة في التراجع والمراجعة، وضعف الاحتساب لتقلبات الانواء واملاءات المستقبل، وكل هذه الاحكام الضرورية لابد ان تتم، اولا، عبر لقاءات مسبوقة بنقاط بحث مكشوفة وواضحة وذات صلة بجوهر ازمة نظام الحكم، وثانيا، ان يتولاها وينهض بها اشخاص لا يمتون بصلة لحثالة الفساد والخراب والفشل، وهكذا، فان دعوة السياسيين من مختلف المعسكرات إلى التلاقي وعبور الجسور المغلقة، تبدو من زاوية معينة دعوة ساذجة، برغم التطبيل المُفخم لها، فماذا يعمل السياسي إذا لم يلتق بالسياسي الآخر؟

والحال، نحتاج الى إعجاز لكي نصدق انهم صادقون.

استدراك

**********

"لا يقود الثورات رجال يرتدون نظارات".

هولمز- شاعر أمريكي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عدي باش

    الغرف المعتمة شهدت ولادة الكثير من الثورات .... و الصفقات !!!

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تعديل قانون الأحوال الشخصية دعوة لمغادرة الهوية الوطنية

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: نائب ونائم !!

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

العمودالثامن: إضحك مع الدولة العميقة

 علي حسين تهلّ علينا النائبة عالية نصيف كلَّ يوم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والفضائيات، ويتعاطى العراقيون جرعاتٍ مسكنةً من التصريحات التي يطلقها بعض النواب، حيث يظهرون بالصورة والصوت ليعلوان أن المحاصصة...
علي حسين

كلاكيت: عشرة أعوام على رحيل رينيه

 علاء المفرجي في الذكرى العاشرة لرحيل شاهد عصر الموجة الفرنسية الجديد، التيار الذي شكّل حدثاُ مفصلياً في تاريخ السينما ألان رينيه الفرنسي الذي فرض حضوره القوي في المشهد السينمائي بقوة خلال تسعة عقود...
علاء المفرجي

نحو هندسة للتوافق التنموي

ثامر الهيمص وليكن نظرك في عمارة الارض، ابلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لان ذلك لا يدرك الا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة اخرب البلاد، واهلك العباد ولم يستقم امره الا قليلا. في...
ثامر الهيمص

ضجة التّماثيل.. كَوديا بعد المنصور!

رشيد الخيون أقام ديوان الكوفة بلندن(1993) أسبوعاً عنوانه "التُّراث الحي في حضارة وادي الرّافدين"، ففاجأنا دكتور بعلم الأحياء، معترضاً على إحياء "الأصنام"، وبينها كَوديا. لم نأخذه على محمل الجد، حتى كسرت "طالبان" تمثالي بوذا(مارس2001)،...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram