اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: سر القناع

باليت المدى: سر القناع

نشر في: 18 سبتمبر, 2022: 11:02 م

 ستار كاووش

إستخدم الكثير من رسامي العالم الأقنعة كمفردات لمواضيع لوحاتهم، مرة لإخفاء بعض تفاصيل الوجه، وأخرى لإضفاء إيحاءات مختلفة ومنح مسحة من الغموض للوحاتهم أو الإشارة لرسائل رمزية أو إحتفالية، وربما محاولة للإختباء ومراقبة المشهد من بعيد.

وبالنسبة لي فقد إستخدمت مفردة القناع كثيراً في لوحاتي لأنها تناسب بعض الموضوعات التي أرسمها وخاصة لوحاتي التي نُشرت في كتابي (غموض الرسام) الذي صدرَ في هولندا. هكذا نرى كيف منحت مفردة القناع الكثير من الجاذبية للأعمال الفنية مثلما أضاءت الكثير من الأسئلة لدى المشاهدين. لكن الغريب إن جماعة من الرسامين الهولنديين قاموا بإستخدام الأقنعة، لكن ليست كموضوعات للوحاتهم، بل عكسوا الأمر على طريقة القاعدة الصحفية التي تقول: حين تكتب في الجريدة خبراً يقول (عضَّ كلب رجلاً) فهذا لا يُعَدُّ خبراً، لكن حين تكتب (عض رجل كلباً) فهذا هو الخبر المثير الذي يجذب الناس لقراءة الصحيفة. وهكذا أخذ هؤلاء الرسامون بوضع الأقنعة على وجوههم بدلاً من رسمها في لوحاتهم، وهم يقومون بذلك أثناء الرسم وفي أفتتاحات معارضهم وعند الإدلاء بحديث صحفي أو أثناء اللقاءت التفزيونية أو حتى عند مخاطبة الجمهور، لم ينزعوا الأقنعة عن وجوههم أبداً، وها هو معرضهم الجديد بمناسبة مرور ثلاثين سنة على تأسيس هذه الجماعة، وهم طوال كل هذه السنوات الماضية يخفون ملامحهم خلف الأقنعة، ولم يتعرف أحد على هوياتهم حتى بعد أن ملأت شهرتهم الآفاق وإمتدت من هولندا الى البلدان الأخرى. ويقول مؤسس المجموعة الذي أطلق على نفسه إسم دييو (أردنا أن نطيح بغرور الفنان وحضوره الشخصي المتكلف في أغلب الأحيان، نريد أن نكون متساوين مع الجمهور، نحن والجمهور واحد. فليس مهماً مَنْ الذي قامَ برسم هذه اللوحات أو تلك، بل المهم، هل هي ذات قيمة حقيقية أم لا؟).

أطلقَ هؤلاء الرسامون على مجموعتهم تسمية (تويزون)، بإعتبارهم يمثلون تياراً خاصاً في عالم الفن، وهذا ما يؤكده الإعلام الهولندي الذي أطلق عليهم تسمية (تويزم) على غرار سيريالزم أو كيوبزم. ومناسبة حديثي اليوم عنهم هو إقامة معرضهم الجديد ومناسبة مرور ثلاثين سنة على تأسيس الجماعة، وقد رسم هؤلاء الفنانين كل لوحاتهم وهم يضعون الأقنعة على وجوههم حيث لا يستطيع الناس معرفة أشكالهم الحقيقية أو ما يشير الى هوياتهم. ورغم رسم لوحاتهم أمامَ أعين الناس في الغالب، لكن لا يمكن لأحد التعرف عليهم. وفي معرضهم الجديد الذي يقام هذه الأيام، مازال هؤلاء الشبان يخفون وجوههم وقد أصبحوا أكبر سناً وتغيرت ملامحهم بالتأكيد، يمضون برسم هذا المشهد التشكيلي النادر، وينتجون لوحاتهم الخاصة المليئة بالألوان الصريحة والأشكال الخيالية الغريبة والخطوط المتداخلة التي تحمل إيقاعات وتناغمات تبدو موسيقية، حيث ينظر الكثير من المتابعين الى أشكالهم كما لو كانت كائنات خرافية غريبة أو حيوانات ليس لها وجود في عالمنا، وهذا ما يزيد من غموضهم ويُكثر من فضول الناس لمعرفة حقيقتهم، ومتى ترفع أقنعتهم ويظهرون للعلن.

تأسست هذه الجماعة سنة ١٩٩٢ في مقاطعة درينته الهولندية، وهي تضم الآن عشرين رساماً، ويمكن لستة فنانين جدد الانضمام لهذه المجموعة، ليكون العدد في النهاية ٢٦ عضواً، ويشرح مؤسس المجموعة ذلك قائلاً: نريد أن نكون في النهاية بعدد الحروف الأبجدية، وكل فنان يختار حرفاً ويبني عليه إسمه الجديد الذي سيختاره لتوقيع لوحاته، وغالباً ما يكون إسماً وهمياً ليس له وجود، لا إسم قديم بيننا وليس هناك عضو واضح الملامح للجمهور والصحافة. هكذا كبرت هذه المجموعة وشاعَ تأثيرها، مثلما كبرَتْ التساؤلات حول هؤلاء الرسامين غريبي الأطوار.

في كل معرض جديد لهم، يقضي أعضاء الجماعة قرابة ستة أشهر معاً لإنجاز لوحاتهم الجديدة، ويكون ذلك عادة في مكان واسع ويمكن للجمهور والمتابعين التجول بينهم أحياناً، مع ذلك ظلّوا يضعون الأقنعة وهم ينهمكون برسم لوحات معرضهم الجديد. الفن المختلف يثير الأسئلة دائماً، كما فعل هؤلاء الفنانون الذي تعرفت عليهم قبل سنوات، حين طبعت دار نشر بروموتسي أدفيس كتاباً فيه مختارات من لوحات فناني هولندا، وقد نُشرت فيه واحدة من لوحاتي، في حين تصدرت واحدة من لوحات هذه الجماعة غلاف الكتاب. غرائب الفن والفنانين لا تتوقف، مثلما تتعدد طرق إنجاز اللوحات وطريقة عرضها، كذلك تتغير هيئة الرسام وشخصيته وطريقة تواصله مع الناس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram