TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جملة مفيدة: اللادولة.. كهوية

جملة مفيدة: اللادولة.. كهوية

نشر في: 18 سبتمبر, 2022: 11:24 م

 عبد المنعم الأعسم

ثمة في الدستور مؤشرات مقتضبة، ومتناقضة، للاسترشاد بها الى تقرير ما إذا يُعتبر العراق، دولة مكونات أو دولة مواطنة، وفي سياق التجاذبات والاستطرادات (والخلافات) بصدد هذه المشكلة نطالع كمّا غير قليل من الآراء، منها ما يمس جوهر الموضوع:

الدولة في بعدها الدستوري، ومنها ما ينأى عنه الى دولة اخرى شاءت المجادلات ان تسميها بالدولة العميقة، ومنها ما ستطرد الى التمنيات والتنظير والفرضيات التي تنفع في تنمية الثقافة السياسية والقانونية اكثر مما تنفع في اعادة تصويب وتعديل النصوص والتطبيقات.

القائلون بان العراق دولة مكونات، مستندين الى مفردة «المكونات» في اكثر من مادة دستورية، يضعون هذا التوصيف في أضيق الحدود، بحيث يبدو انه يتعارض مع حقوق (دولة) المواطنة التي تتضمنها جميع النصوص التي تشير الى المساواة بين العراقيين، وبخاصة المادة (14) التي تُسقط الحدود الجنسية والدينية والقومية والطائفية بين المواطنين حين يتعلق الامر بحقوقهم المدنية، كما يضعونها بالضد من التعريف الدستوري للحكم الجديد بحسب المقدمة (الديباجة) كونه «نظام جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي» بل انهم يضيّقون مشمول «المكونات» بتجريده من البعد الاجتماعي، فلماذا لا تكون النساء، او طبقات العمال والمزارعين والموظفين واصحاب العقائد المختلفة في عداد مكونات الشعب، اسوة بالمكونات الدينية والقومية؟.

لكن، التعسف في استخدام مفهوم (منطق) المكونات نجده في الامعان بتوزيع الحقوق والامتيازات على قاعدة التراتبية (المحاصصة) الامر الذي يضع المساواة الملزِمة دستوريا في مأزق، او في مهب الريح، وفي النتيجة فان المساواة بين مكونات الشعب العراقي غير متوفرة، فلا مكوّن مطمئن الى المستقبل، وليس ثمة طائفة او قومية او جماعة دينية لا تشكو من التهديد أو التجاوز، فيما تحولت هواجس المظلومية الى شعارات تتقاذفها الاحزاب المتنفذة بغرض التعبئة واستقطاب الاتباع والنفوذ، في تجارة سياسية مثيرة للاشمئزاز.

نعم، ثمة في السياقات الدستورية اكثر من نص يؤكد على دولة المواطنة، والمساواة بين المواطنين، وبين النساء والرجال، وفي فرص العمل، وأمام القانون، وثمة اتفاقات دولية انضم اليها العراق وصادق عليها البرلمان، تقضي بالتزام الدولة باحترام حقوق المواطنة باعتبارها حقا مطلقا، لكن المشكلة تتمثل (أولا) في هشاشة الهيكلية القانونية التي تضمن بناء دولة المواطنة التي لا تلغي، طبعا، حقوق المكونات القومية والدينية والاجتماعية.. و(ثانيا) في ضعف جاهزية واستعداد (وايمان) الطبقة التي أدارت وتدير دفة السياسة بوجوب تشييد دولة المواطنة، وبعض ممثلي هذه الطبقة يقولون لك، بعظمة لسانهم: دولة المواطنة على الورق وبخلاف ذلك فانها تمر على جثثنا.. فيما تتعفن جثثهم باضطراد.

استدراك

« كل مرض، معروف السبب، موجود الشفاء».

ابي قراط

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناديل: يكتب كي لا يموت العالَم

 لطفية الدليمي في حياة كلّ كاتب صامت، لا يجيدُ أفانين الضجيج الصاخب، ثمّة تلك اللحظة المتفجّرة والمصطخبة بالأفكار التي يسعى لتدوينها. الكتابة مقاومة للعدم، وهي نوع من العصيان الهادئ على قسوة العالم، وعلى...
لطفية الدليمي

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram