علاء المفرجي
(غابو) الذي "حرر الجميع بروايته (مئة عام من العزلة) "، هكذا رأى عبقري لاتيني آخر هو كارلوس فوينتس، ترك إرثاً أدبياً كبيراً صنفه كأحد أهم رجالات القرن العشرين شهرة وشعبية. وبوصفه أيضا التجسيد الأهم لواحد من أخطر التيارات الأدبية في القرن المنصرم وأعني به "الواقعية السحرية".
ومع غنى نتاجه الإبداعي وشهرة ما كتب من أعمال روائية عظيمة، فإن علاقة ماركيز بالسينما تمتد إلى بداياته الأدبية الأولى. . ويروي جيرالد مارتن في ما كتبه من سيرة ماركيز: " ماركيز قد اكتشف السينما أثناء عمله في بوغوتا واعتبر الفيلم بمثابة جنس أدبي والسينما بكونها أداة إنسانية وحمل موقفا عدائيا تجاه سينما هوليوود التجارية مع انه كان معجبا بتشارلي شابلن وارسون ويلز باعتبارهما استثناء. ذهب إلى روما وفي ذهنه مشروع زيارة مدينة الصناعة السينمائية سينسيتا حيث التحق في دورة للإخراج السينمائي ولكن، كعادته، مل ماركيز من الدورة وتركها ولكنه ظل قريبا من السينما وطور معرفته بها صوتاً ونصاً وتصويراً وإخراجاً".
ومثل كبار الروائيين فإن السينما اقتبست العديد من اعمال ماركيز، وتفاوت هذا الاقتباس في درجة إتقانه مثل العديد من تجارب نقل الأعمال الأدبية إلى السينما. . فبينما كانت بعض هذه الأفلام قد أخفقت في تجسيد العمل الروائي، فان أعمالاً أخرى وفقت في ملامسة جوهره. ولم يكن ذلك ما يمنع ماركيز من الموافقة على إجازة أفلامه للسينما، حتى وان كانت قرا ءتها بصرياً تتعارض مع رؤيته بوصفه مبدعها الأساس، لكنه كان يرفض ان تصادر أعماله تحت أي مسمى، ولعل العرض الذي قدمه النجم الكبير أنتوني كوين لشراء حقوق روايته (مئة عام من العزلة) دليل على ذلك حيث رفض ماركيز الأمر بشكل قاطع، بداعي انه يرفض ان تكون صورة العقيد أورليانو، بافتراض ان من سيجسدها كوين على أغلفة الطبعات الجديدة من الرواية، كما هو الحال مع (زوربا) كازنتزاكيس.
ولم يكتف ماركيز في الموافقة على تقديم أعماله إلى السينما بل ذهب اكثر من ذلك عندما اصبح على رأس احد اهم التيارات السينمائية في أمريكا اللاتينية، تيار السينما الجديدة، وابرز مؤسسي مهرجان هافانا السينمائي، ومبتكر ورشة كتابة السيناريو (كيف تتم حكاية قصة) ، التي كان يحرص على المشاركة فيها.
النجاح الهائل والشهرة الكبيرة لأعمال ماركيز دفعت عديد المخرجين إلى معالجتها فيلميا، ففي عام 1983يقوم المخرج البرازيلي راي جويرا بتحويل رواية ( ارينديرا البريئة) إلى فيلم سينمائي. ويعود البرازيلي راي جويرا مرة أخرى ليخرج روايته (في ساعة نحس) عام 1984. وعولج موضوع روايته (قصة موت معلن) عام 1986بفيلم أداره المخرج الإيطالي فارنشيسكو روزي، مجسدا أدواره النجمان روبرت افيريت والحسناء اورنيلا موتي. بينما تصدى المخرج المكسيكي ارتوروريبستين لأفلمة رواية (ليس لدى الكولنيل من يكاتبه) الذي مثلت فيها النجمة سلمى حايك مع فرناندو لوجان. . وكان ارتوروريبيستين قد اخرج النسخة الأولى من قصة (زمن الموت) عام 1965، فيما قدمه لاحقا للسينما ابن الروائي الحائز جائزة نوبل للآداب؛ الكولومبي رودريغو غارسا بارشا.
وفي عام 2007 يقوم مايك نويل بإخراج روايته الرائعة (الحب في زمن الكوليرا) . . والتي اجمع النقاد ان رؤية نويل لها لم ترتقِ إلى مستوى هذا العمل الروائي الكبير، وقام ببطولة هذا الفيلم خافيير باردم، جيوفانا ميزوغيورنو، وبنجامين برات.
وربما آخر الأفلام المقتبسة عن أعمال صاحب خريف البطريرك هو عن روايته "عن الحب وشياطين أخرى" للمخرجةالكوستاريكية "إيلدا إيدالجو". لم يقدم ماركيز أعماله الروائية فقط إلى السينما، لكنه أيضا مارس شكلا أدبيا آخر هو كتابة السيناريو حيث قدم سيناريوهات أفلام الاختطاف (1982) وإيرينديرا البريئة (1983) . . كما كتب عام 1977 سيناريو فيلم عن قناة بنما قام بإخراجه المخرج اليوناني كوستا غارفاس بتمويل فرنسي.
وربما لا يعرف الكثير ان ماركيز كتب للتلفزيون سيناريو مسلسل (قصص عن جيل مأساوي) بست حلقات يحكي تجربة الثوار الأميركيين اللاتينيين الأوائل الذين ثاروا على التاج الإسباني.