TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أحلام مواطن عراقي

العمود الثامن: أحلام مواطن عراقي

نشر في: 21 سبتمبر, 2022: 11:14 م

 علي حسين

قال بائع الكتب العجوز وهو يبتسم: هل تصدق، أنا الرجل الذي قضى عمره يتنقل من شوبنهور إلى طه حسين، لا أفهم بماذا "يرطن" ساستنا.. ضحك وهو يكمل حديثه: معظم المسؤولين ومعهم الحكومة لا يرون البسطاء من أمثالنا، إلا في الانتخابات..

ولهذا قررت أن لا أشارك في الانتخابات القادمة، ما الفائدة؟ فمنذ عقود والناس تبحث عن مسؤول مختلف يمنحونه أصواتهم، وهم مطمئنون إلى أنهم استثمروها في المستقبل.. قال إن رحلته مع الانتخابات بدأت عام 2005 رغم أن عمره الآن تجاوز الستين.. كان يدرك أن نظام صدام تعامل مع الانتخابات على أنها عدّاد سيارة أجرة لا يعمل إلا لصالحه.. ضحكت وتركته يكمل: في الانتخابات الأخيرة توهمت أن العداد سيكون نزيهاً.. وأن الناس ستحظى للمرة الأولى في حياتها بمسؤول من لحم ودم.. تستطيع أن تراه متى شاءت.. فقد مللنا من المسؤول الذي يخرج بين الحين والآخر من على شاشات الفضائيات ليذكرنا بأنه "المنقذ".. أنظر إلى هذا الكتاب، وأشار بيده إلى كتاب "خطابات السلطة".. إقرأ ماذا يقول فيلسوف بحجم جون لوك من أن "الحاكم هو الذي يحقق نفعاً مستقبلياً للناس"، لا نريد مسؤولاً يتفقد الناس في منتصف الليالي ويترك لهم على عتبة الباب حفنة من الدنانير، وعشاء من "صاج الريف".. نريد مسؤولاً يدرك جيداً أن الانتخابات القادمة ربما لن تأتي به.. هل تعرف حكاية عامل المصنع الذي أصبح رئيساً للبرازيل؟.. هذا الرجل ظل في الحكم حتى عام 2010، عندها شعر أهالي البرازيل بنوع من الخيبة لأن الدستور لا يسمح لـ"رئيسهم المحبوب" بالبقاء في المنصب، فقد مشى حتى اليوم الأخير من حكمه مؤمناً بالدستور رافضاً أن يغيره لصالحه فيبقى رئيساً مثلما يتمنى معظم الشعب.. أليست هذه معجزة حقيقية؟.. فيما نحن نعيش في ظل ساسة يعتاشون على ترويض الناس وقهرهم، نعيش في ظل قبائل وطوائف.. ثم راح الرجل، وبحماسة، يضرب الأمثال قائلاً: هل تعرف الكاتب المسرحي فاتسلاف هافال؟، وقبل أن أجيب بنعم أكمل حديثه: هذا الرجل عاش حياته من أجل هدف واحد أن لا يأتي بأي خطوة خاطئة تثير حفيظة الناس وتزعجهم.. وأشار إلى كتاب يضم عدداً من مسرحيات الرئيس التشيكي.. قائلاً: في هذا المجلد الصغير ستجد كلمات من نوعية: " لقد آمنت طوال حياتي، بأن ما يُعمل لا تمكن العودة عنه أبداً، وأن كل شيء يبقى إلى الأبد.

صمت قليلاً ليكمل بعد أن اجترّ الحسرات: لا نريد أن نظل على الهامش دائماً.. وننتظر الفتات أو نتسوّل المنح.. نريد سياسيين ينقلوننا إلى مناطق الأمان.. فالمعجزة الحقيقية عندما يجد هذا الشعب الذي يعيش في الهامش، مكاناً له داخل دائرة عقل السلطة وقلبها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram