TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > حين منعت مسرحية بريخت في العراق

حين منعت مسرحية بريخت في العراق

نشر في: 16 يوليو, 2010: 04:43 م

عزيز عبدالصاحب *كلمة لا بد منها: لم يدر في خلد المخرج الكبير ابراهيم جلال ان كد تمارينه المضنية لمدة اربعة اشهر وعدة ايام لمسرحيته الموسومة (دائرة الفحم البغدادية) والتي عرقها الكاتب عادل كاظم عن مسرحية برشت(دائرة الطباشير القوقازية)
 ستنتهي بعرض واحد، ولليلة واحدة، ضجت بها قاعة المسرح القومي في كرادة مريم، بمئات المتفرجين الذين كانوا يترقبون عرض هذه المسرحية على احر من الجمر، ليس فقط لان مخرجها هو (ابراهيم جلال) بل لان ممثليها هم كوكبة جيدة ورصينة من ممثلي الفرقة القومية للتمثيل ومنهم (كامل القيسي، قائد النعماني، امل طه، عزيز عبدالصاحب، سليمة خضير، سامي قفطان، افراح عباس، حسين اللامي، عبدالجبار كاظم، عبدالصاحب نعمة، سناء سليم، حميد البنا، حسن عبد، عادل عبدالرزاق ومنذر حلمي، الممثل الوحيد الآتي من مسرح فرقة اليوم، واخرون). صمم سينوغرافياها الفنان الكبير (كاظم حيدر).. وحضر الافتتاح وزير الاعلام آنذاك طارق عزيز مصطحبا بمعيته (ناصيف عواد) والذي كان يشغل عضو المكتب الثقافي حيث همس في اذن وزير الاعلام بعد انتهاء العرض بان هذه المسرحية يجب ان تتوقف عن العرض حالا لأنها كما يزعم تسيء لقضية العرب الكبرى (فلسطين) السليبة وفيها مدح ضمني لدولة اسرائيل حيث (ان الولد للام التي ربت وليس للتي ولدت) وبهذه الرؤية الشوفينية الاحادية النابعة عن طريقة فهم النظام الشمولي البعثي السائد في العراق للثقافة والفنون.قيض لعرض مسرحية (دائرة الفحم البغدادية) ان تغادر احلامها في الاستمرار بالعرض لمدة اكثر من ليلتها الموعودة في 15/1/1976 وقد ركزت في اجتراح هذه اليوميات على حركية المخرج (ابراهيم جلال) ومقولاته المركزية فيما يخص طريقة تعامله مع الممثلين او مع الكتل السينوغرافية او الكومبارس.. ولأتمام الفائدة الاكاديمية في رصد هذا العرض منذ فترة التمارين وتكريسه للبحث العلمي لمن يريد ان يتعرف على تجربة ابراهيم جلال عن كثب فيما قال وما فعل..فالتعتيم الاعلامي على هذا العرض حال دون ان يحظى بالنقد والتحليل، كما فعل النقاد العراقيون في عروض: (البيك والسايق) و (المتنبي) و (مقامات ابي الورد) و (التوأمان) و (الشيخ والغانية).. وسواها م العروض التي ابدعها المخرج الكبير ابراهيم جلال. عن الترجمة والتعريف والحذفلابد من المرور سريعا بتلك الحكاية التي كتبها برشت تحت عنوان (دائرة الطباشير القوقازية) وعرقها الكاتب المسرحي العراقي عادل كاظم تحت عنوان (دائرة الفحم البغدادية) واخرجها الفنان ابراهيم جلال وقدمتها الفرقة القومية للتمثيل بتاريخ 15/1/1976 والحكاية يعرفها الكثيرون من اساطير الشعوب وفحواها:ــ “في الزمان القديم، في عصور الدماء..كان يحكم هذه المدينة التي تدعى “الملعونة”حاكم يسمى جورجي ابشفيلي.وكان غنيا غنى قارونوله زوجة رائعة الجمال.وطفل قوي البنية.ولم يكن في جورجيا، حاكم له مثل هذا المقدار من الخيول مربوطا في مذوده وعلى بابه مثل هذا القدر من الشحاذين.وفي خدمته هذا المقدار من الجنود،ولا في قصره مثل هذا المقدار من اصحاب المطالب كيف اصف لكم رجلا مثل جورجي ابشفيلي!كان متمتعا بالحياة “1”.هكذا يبدأ برشت حكاية الدائرة لا المسرحية.. ثم يسقط هذا الحاكم ويشنق فتهرب زوجته بنفسها تاركة طفلها الذي تأتي الطباخة (كروشا) فتحمله وتنقذه من الموت، فيلاحقها جند النظام الجديد، فتهرب به منهم.. وتعاني هذه الطباخة المسكينة بسبب هذا الطفل ابن الامراء.. لكنها تنتمي اليه والانسان من حيث يوجد لا من حيث يولد) كما قال بديع الزمان الهمداني، فتقف هذه الطباخة في المحكمة لتقول:ــ “لقد ربيته احسن تربية قدرت عليها، ووجدت له دائما طعاما يأكله، وفي معظم الاحيان كان يجد سقفا يستظل تحته، ومن اجله عانيت كل انواع المتاعب وانفقت مختلف الوان الانفاق.انني لم ابحث عن راحتي وقد عودت الطفل ان يكون لطيفا مع الناس جميعا وان يعمل قدر ما يستطيع، وهو ما يزال صغيرا جدا” “2”ثم يسقط النظام الجديد، وتعود الوجوه القديمة الى السلطة فترجع الاميرة زوجة الحاكم المقتول الى قصرها وتطالب بعودة ابنها اليها.. الا ان الطباخة ترفض وتدعي انه ابنها فتحال هذه القضية الى القاضي “أزدك” الذي تحول الى “المعنكي” عند عادل كاظم، وهو رجل خبر الدنيا وعرفها وهو بالرغم من تعتعته وسكره ومساومته احيانا يحكم بالطفل الى الطباخة “كروشا” وقبل ان يحكم به لكروشا يقول:ــ “ايتها الشاكية.. وانت ايتها المتهمة. لقد استمعت المحكمة الى اقوالكما ولم تستطع ان تتبين بأقتناع من هي ام الطفل الحقيقية وعلي بوصفي قاضيا ان اقرر من الام؟ سأنظم لذلك امتحانا.. يا شوفا: خذ قطعة من الطباشير وارسم دائرة على الارض.. ضع الطفل داخل الدائرة.. ايتها الشاكية وانت ايتها المتهمة قفا على جانبي الدائرة.. كل واحدة منكما تمسك بالطفل من يده في ناحيتها والام الحقيقة منكما هي التي ستكون عندها القوة على شد الطفل خارج الدائرة”.واخيرا ترفض كروشا سحب الطفل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram