TOP

جريدة المدى > آراء وأفكار > خارج الرقابة الصحية

خارج الرقابة الصحية

نشر في: 19 نوفمبر, 2012: 08:00 م

يعقوب يوسف جبر

كثيرة هي الظواهر غير الصحية التي برزت منذ عام 2003 ،فثمة مطاعم ومجازر ومقاهٍ وفنادق لا تتقيد بالضوابط الصحية خاصة في العاصمة بغداد ، وتمتد هذه الظواهر الشاذة إلى بقية المدن العراقية ، وبات المواطن هو الضحية بسبب تحول هذه الأماكن إلى بيئات قذرة لنقل مختلف الأمراض والأوبئة ، فأين وزارة الصحة من متابعة هذه الظواهر ؟  لماذا يتم التغاضي عن مراقبتها ؟ ما ذنب المواطن المسكين الذي لا حول له ولا قوة أمام تهاون أصحاب هذه المرافق الخدمية ؟
إن بروز هذه الظواهر يدل على فساد ضمائر هؤلاء واستهانتهم بمعايير وضوابط الصحة العامة ، وهو مؤشر خطير على شيوع الفوضى البيئية ، وتخلف المجتمع صحيا ، وهدر حق المواطنين الصحي ، وتجاوز مقومات بناء البيئة الصحية النظيفة .
كثيرة هي المشاهد المقرفة التي يلاحظها المواطنون عن كثب المرتبطة بظاهرة التسيب الصحي والبيئي  ( مطاعم قذرة ، وجبات طعام ملوثة ، طهاة وعمال مصابون بالأمراض المعدية ، صحون وملاعق وأشواك متسخة ناقلة لشتى أنواع المايكروبات والطفيليات ، مناقل لشوي اللحوم تفتقر لأدنى معايير الحفاظ على البيئة والحفاظ على الصحة ، طاولات لتناول الوجبات الغذائية دون مواصفات صحية ) .هذه صورة حقيقية لبعض المطاعم في العاصمة بغداد والمدن العراقية ، أما بالنسبة لمجازر اللحوم فحدث  ولا حرج ، إذ  أن طريقة ذبح الحيوانات تتم خارج المعايير الصحية ودون رقابة ، وفي بعض  محال بيع اللحوم تبدو الصورة محزنة ومقلقة ( لحوم معلقة بطريقة غير صحية ، حشرات ملوثة متطايرة ، عمال متسخون ، أدوات ملوثة ) .
لننتقل  إلى صورة أخرى من التلوث البيئي والتسيب الصحي تعكس تخلف بعض المقاهي ( زحام شديد يشكل وسطا خصبا ناقلا للأمراض والأوبئة ، أوانٍ غير نظيفة ، أكواب شاي وقهوة  وكاكاو مليئة بالمخاطر (( الفايروسات )) ، عمال لا يعرفون للنظافة معنى ، ضوضاء شديدة تصم الآذان ) .أما في بعض الفنادق فتجد العجب العجاب ( أسرّة وأفرشة ملوثة وقذرة ، غرف ضيقة جدا كأنها زنزانات وسجون ، هواء ملوث غير نقي تشم منه مختلف الروائح الكريهة ، دورات مياه متسخة جداً جداً ) .
هكذا يبدو واقعنا البيئي ... متخلف جدا لا تشم منه رائحة زكية .... لقد ضعفت الرقابة الصحية ، وفسدت الضمائر وتحول بعض المواطنين إلى نفعيين فاسدين على حساب الجميع ، ُيؤثِرُون الحصول على الأرباح الوفيرة والطائلة ، مقابل التفريط بصحة المواطن وحقوقه البيئية والصحية  ( فليذهب المواطن إلى الجحيم ما دمنا نربح وتزيد رؤوس أموالنا ) هكذا ينظر الفاسدون إلى غيرهم  باستهانة وتهكم ودون أدنى إحساس وضمير .
قال أحد المواطنين بحرقة وألم " من يحمي صحتنا من هؤلاء الفاسدين إذا كانت أجهزة ولجان الصحة والبيئة عاجزة عن متابعتهم ومراقبتهم ؟؟؟ "
إن التهاون مع هؤلاء المُلوثين ُيعَدُ جريمة لا  تغتفر لأنها تشكل مساسا بحياة المواطنين ، فمن للمواطنين من عبثية هؤلاء الجناة ، ما الفرق بينهم وبين الإرهابيين القتلة ؟ لا تختلف الصورة كثيرا مادام المواطن هو الهدف وهو الضحية ، فمتى يتحرر المواطن من قيود معاناته الصحية والبيئية ؟ أليس من حقه المطالبة بحمايته من كل مخرب ومفسد وهدام ؟ إن وزارة الصحة ووزارة البيئة معنيتان قبل غيرهما بتطويق هذه الظواهر السلبية والقضاء عليها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

عندما يجفُّ دجلة!

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

مأزق المكوَّن المسيحي في العراق: قراءة في محنة الوجود والذاكرة

العمود الثامن: جائزة الجوائز

 علي حسين منذ أن إطلقها الراحل سلطان بن علي العويس في نهاية عام 1987 ، حافظت "جائزة العويس" على التقدير والاحترام الذي كان يحظى به اسم مؤسسها الراحل ، والأثر الكبير الذي تركه...
علي حسين

كلاكيت: المدينة والسينما حين يصبح الإسفلت بطلًا

 علاء المفرجي – 2 – المكان في الافلام العربية كان له حضورا مكانيا ورمزيا واضحا، لكنه ايضا لم يكن هذا الحضور يتعلق بالمكان كجغرافية، أو ثقافة، او تأثير. فالقاهرة في أفلام يوسف شاهين...
علاء المفرجي

الأقليات وإعادة بناء الشرعية السياسية في العراق: من المحاصصة إلى العدالة التعددية

سعد سلّوم تُظهر القراءة في التحوّلات الأخيرة التي شهدها النظام الانتخابي بعد تعديل قانون الانتخابات عام 2023 أنّ العملية السياسية عادت إلى بنيتها التقليدية القائمة على ترسيخ القواعد الطائفية والمناطقية. وقد تكرّس هذا الاتجاه...
سعد سلّوم

عندما يجفُّ دجلة!

رشيد الخيون لو قُيِّضَ للأنهار كتابة يومياتها، لكان دجلة أكثرها أحداثاً، فكم حضارة، سادت ثم بادت، نشأت على شاطئيه، وغمرها ماؤه، مِن أول جريانه وحتَّى جفافه، هكذا تناقلت الأخبار، أنَّ المنبع حُجب بالسُّدود العملاقة...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram